تلفزيون نابلس
ما المشترك بين مخططات إسرائيل لاغتيال سليماني وصدّام ومغنية؟
10/12/2019 7:44:00 AM

 كشف السلطات الإيرانيّة، مؤخرًا، "مخططا إسرائيليًا وعربيًا" لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، أثناء زيارته لقبر والده في منطقة كرمان، وهي الزيارة التي دأب عليها سليماني سنويا.

ورغم نفي إسرائيل الرواية الإيرانيّة، إلا أنها خطّطت ونفذّت سابقًا عدّة عمليات اغتيال يجمع بينها أنّها تمّت في جنازات أو في ذكرى عمليّات اغتيال، منها مخطط لاغتيال الرئيس العراقي الأسبق، صدّام حسين؛ وقائد الجهاز العسكري لحزب الله اللبناني الأسبق، عماد مغنيّة، والأمين العام الأسبق للحزب، عباس الموسوي.

وبحسب محلّل الشؤون الاستخباراتية في "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، اليوم، الجمعة، فإنّ إسرائيل استخدمت هذا النمط لأن هذه القيادات "تمارس جهودًا كبيرة ويخاطرون بشكل كبير للمشاركة في تشييع" الشهداء، ونقل عن مسؤول رفيع سابق في الموساد قوله "إحياء ذكرى (الوفاة أو الاستشهاد) تحدث دائمًا في نفس الموعد، وهذه جنّة عند أفراد العمليّات".

وبحسب التقرير الذي أعدّه بيرغمان، ونشر في ملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، الجمعة، فإنّ إسرائيل عمدت إلى اغتيال مقرّبين من شخصيات سعت إلى اغتيالها، من أجل دفع هذه الشخصيات للمشاركة في التشييع، ومن ثم اغتيالها.

اغتيال راغب حرب... واغتيال عباس موسوي

في مطلع الثمانينيّات، اعتبر الشيخ راغب حرب، الذي تلقّى تدرسيه الديني في النجف بالعراق، واحدًا من أبرز الداعمين لـ"حزب الله"، حديث النشأة حينها، وغير المعروف تكوينه، وبحسب رئيس الموساد السابق، تحوّل حرب إلى "مرجعيّة دينيّة مهمّة جنوبي لبنان ودعم دومًا الهجمات ضدّ إسرائيل والإسرائيليين".

ونقل بيرغمان عن "تقارير أجنبيّة" أن الاحتلال الإسرائيلي جنّد عميلين لبنانيّين لاغتيال حرب، أثناء مشاركته في مراسم إحياء ذكرى أحد الشهداء في قرية مجاورة لقريته جبشيت، جنوبي لبنان، في 16 شباط/ فبراير 1984.

وبحسب بيرغمان "أثناء مراسم الأحياء تم تحديد موقعه، ووضع تحت المراقبة. وفي طريق عودته، عندما اقترب من التواء في الشارع، أبطأ من سرعة سيارته، وانطلق العميلان اللبنانيّان وأمطرا سيارته بالرصاص، للتأكد من أنه قتل".

وتحوّلت ذكرى اغتيال حرب إلى ذكرى سنويّة يحييها "حزب الله" سنويًا (لا زالت مستمرّة حتى يومنا هذا). واستغلّت إسرائيل ذلك من أجل اغتيال الأمين العام حينها للحزب، عباس الموسوي، في العام 1992.

ووفقًا للتفاصيل التي نشرتها "يديعوت أحرونوت"، بحث الاحتلال الإسرائيلي عن طريقة للضغط فيها على "حزب الله" للحصول على معلومات عن مصير الطيار الإسرائيلي، رون أراد. وعُقدت سلسلة جلسات في مقرّ شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) خلال شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، في محاولة لتحديد شخصيّة في "حزب الله" يمكن لاختطافها أن يدفع بالحزب إلى تقديم معلومات، بعدما تنجح إسرائيل في الضغط عليه باختطاف الشيخ عبد الكريم عبيد.

وخلصت هذه الاجتماع إلى التركيز على اختطاف أمين عام الحزب، عباس الموسوي، أو نائبيه الاثنين (أحدهما هو الأمين العام الحالي، حسن نصر الله)، وفقًا لبيرغمان، الذي أضاف أن نائب رئيس "أمان" اقترح التركيز على قرية جبشيت. وفي يوم الأربعاء 12 شباط، حصلت "أمان" على "المعلومة الكبيرة"، وهي أن "حزب الله" سيحيي ذكرى اغتيال حرب، بعد أيّام، بمهرجان سياسي كبير "سيشارك فيه الموسوي، وقائد الحرس الثوري الإيراني".

ووفقًا للمقترح الأوّلي، فإنّ خطّة "أمان" كانت استغلال المهرجان الحالي، لبناء نموذج يحاكي المهرجان، لتنفيذ خطّة الاغتيال في ذكرى الاستشهاد العام الذي يليه، إلا أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيهود باراك، ورئيس جهاز "أمان"، أوري ساجي، أقنعا وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه أرنس، بتغيير هدف العملية من اختطاف إلى اغتيال من الجوّ.

ولاحقًا، رصدت الطائرات المسيّرة الإسرائيليّة وصول موكب الموسوي إلى مراسم إحياء ذكرى استشهاد حرب، واستمرّت برصده طوال فترة تواجده في القرية، من المراسم إلى المقبرة إلى لقاء مع مسؤول محلّي ومن ثم سلك طريقًا من أجل العودة إلى بيروت، وبعد خروجه بوقت قصير من القرية، قصفت مروحيّتان حربيّتان إسرائيليّتان الموكب بعدد من الصواريخ، ما أدى إلى مقتل الموسوي وزوجته ونجله وخمسة مرافقين.

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإنّ القيادي العسكري في الحزب، عماد مغنيّة، الذي سعت إسرائيل إلى اغتياله أكثر من مرّة، أدرك أنّ مراسم الإحياء من الممكن أن "هدفا مفضّلا" للمغتالين، وأن إسرائيل من الممكن أن تحاول اغتيال قيادات الحزب في جنازة الموسوي، التي أُجّلت لعدّة أيام.

لهذا السبب اغتيل فؤاد مغنيّة

ومع الإدراك الإسرائيلي أنّ الجنازات ومراسم إحياء الذكرى هي مناسبة مهمّة، سعى الموساد إلى دفع القيادات المطلوب اغتيالها إلى المشاركة في جنازات، عن طريق اغتيال مقرّبين لهم، ومن بينهم: القائد العسكري الأسبق لحزب الله، عماد مغنيّة؛ والرئيس العراقي الراحل، صدّام حسين.

مطلع تسعينيّات القرن الماضي، بحسب بيرغمان، سعت إسرائيل إلى اغتيال مغنيّة، وتوصّلت إلى الخطة الآتية: اغتيال شقيقه، فؤاد، أولا، ومن ثم انتظار جنازته، لاغتيال عماد.

وفي 21 كانون أول/ ديسمبر 1994، "قبل الساعة الخامسة بقليل، وصل شخص أصبح صديقًا لفؤاد، إلى بقالته. تحدثا إلى بعضهما البعض قليلا، فؤاد بقي في البقالة وصديقه خرج. وعندما ابتعد عن البقالة مسافة مائة متر، أمعن النظر بالبقالة وبالسيارة التي تقف أمامها، ثم وضع يده في جيبه. قنبلة بوزن 50 كيلوغرامًا وضعت داخل السيارة انفجرت وأدّت إلى أضرار بالغة في البقالة والدكاكين المجاورة، قتل على إثره فؤاد مغنيّة وثلاثة آخرين.

إلا أن عماد مغنيّة، الذي وصفته الصحيفة بأنه يملك "غريزة مثبتة للنجاة"، لم يشارك في جنازة أخيه، "لأنه شعر أن أفراد الموساد سيكونون بانتظاره، وأن هذا هو سبب اغتيال فؤاد الأساسي".

كما سعت إسرائيل، وفق الصحيفة، إلى اغتيال الرئيس العراقي الأسبق، صدّام حسين، بعد حرب الخليج الثانية عام 1991. وشكّل الموساد فرقة لتدبير ذلك، خلصت إلى أن صدّام، الذي أقلّ من تحركاته خارج بغداد بعد حرب الخليج، دأب على زيارة مكانين بشكل دائم: نصب الجندي المجهول وسط بغداد، ونصب صديقه عبد الوهاب الغريري، الذي حاول صدّام معه اغتيال الرئيس الأسبق، عبد الكريم قاسم، عام 1959.

وبحث الموساد الخطّة الآتية: نزع قسم من تمثال الجندي المجهول، على شكل صدفة، ومن ثم تفخيخها، قبل موعد زيارة صدّام السنوية بأيّام أو حتى أسابيع، عندما يكون النصب غير مراقب، عادةً. وعند زيارة صدّام التقليديّة للنصب، يضغط شخص يقف قريبًا من المراسم على زر لينهي حياة صدّام.

إلا أن رئيس الموساد رفض المقترح، بسبب عدم ضمان مشاركة صدّام في هذه المناسبات، وأن "سرية الأركان" التابعة للجيش الإسرائيلي ستستصعب العمل في شوارع بغداد الداخليّة.

لاحقًا، استنتجت الفرقة التي كلّفت بوضع خطّة لاغتيال صدّام أن المكان الوحيد خارج بغداد، هو مقبرة عائلته في مسقط رأسه بتكريت، إلى الشمال من بغداد، لكن يستدعي ذلك أن يكون المتوفي شخصًا قريبًا من صدّام.

ومن بين الأشخاص الذين "ترقّب" الموساد وفاتهم، هو خال صدّام الذي ربّاه ووالد زوجته، خير الله طلفاح، الذي كان مريضًا فترتها، ويخضع للعلاج في عمّان، لكنه لم يتوفَّ، وانتقل الموساد إلى خطّة بديلة، هي اغتيال الأخ غير الشقيق لصدّام حسين وعديله وسفير العراق في الأمم المتحدة بجنيف، برزان التكريتي.

ومع السعي لاغتيال برزان، قام الموساد بوضع خطّة لاغتيال صدّام خلال مشاركته في تشييع برزان، تشمل استبدال الرأس الحربي لصاروخ "تموز" الإسرائيلي برأس يحوي شذرات عديدة لقتل كل المحيطين بمكان انفجار الصاروخ.

ونهاية هذه الخطط معروفة للجميع، ففي 5 تشرين ثانٍ/ نوفمبر 1992، أثناء "المراجعات العامّة" للمخطّط عمليًا، بمشاركة جنود قاموا بتمثيل دور صدّام وحاشيته، استخدم صاروخ "تموز" حقيقي وانفجر لاحقًا، ما أدّى إلى مقتل خمسة جنود من "سرية الأركان" في الجيش الإسرائيلي.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة