تلفزيون نابلس
تل أبيب: اتفاقيّة الدفاع المُشترَك مع واشنطن ستُساعِدنا بحماية الكيان من "التهديد الوجوديّ" من محور المُقاومة
9/15/2019 11:02:00 AM

 هل الاحتلال الاسرائيلي بات بحاجةٍ ماسّةٍ لاتفاقية دفاعٍ مُشتركٍ مع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة على ضوء تنامي التهديدات الوجوديّة ضدّها؟ هل وعد الرئيس دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، بالتوقيع على الاتفاق المذكور بعد الانتخابات بالدولة العبريّة هو وعدٌ انتخابيٌّ؟ أمْ أنّه ثمرة مفاوضات جرت بين واشنطن وتل أبيب على مدار 8 أشهرٍ بقيادة سفير الكيان بأمريكا، رون ديرمير، كما أكّد نتنياهو نفسه أمس في مقابلة مع قنوات التلفزيون العبريّة؟

بالإضافة إلى ذلك، سُئِل نتنياهو عن أنّ الاتفاقيّة المذكورة تُلزِم إسرائيل بالتنسيق المُسبَق مع واشنطن قبل كلّ عمليّةٍ عسكريّةٍ، لذا يُعارِض قادة الأجهزة الأمنيّة الاتفاقيّة ونصحوه بعدم التوقيع عليها، ولكنّه، كما قال، عارض هؤلاء العديد من المشاريع الأمنيّة، مثل بناء الجدار على الحدود المصريّة-الإسرائيليّة، ولكنّه رفض مشورتهم وأقام الجدار الذي، وفق تعبيره، جلب الأمن والآمان لسُكّان كيان الاحتلال، مُضيفًا في الوقت عينه أنّه يُمكِن التوقيع على اتفاقٍ خاصٍّ يُتيح لإسرائيل القيام بنشاطاتٍ عسكريّةٍ دون إبلاغ واشنطن مُسبقًا، كما قال في سلسلة المُقابلات التي أدلى فيها مساء أمس السبت، والتي أكّد فيها على أنّه أرى اتصالاً هاتفيًا “وديًا جدًا” مع الرئيس الأمريكيّ، حيثُ أكّد ترامب لنتنياهو استعداده لتوقيع اتفاقية الدفاع المُشترك بين البلدين، خلال اللقاء بينهما على هامش اجتماعات الأمم المُتحدّة خلال الشهر الجاري.

إلى ذلك، رأت دراسة جديدة أصدرها مركز بيغن-السادات للأبحاث الإستراتيجيّة في تل أبيب، أنّ إنشاء محورٍ عسكريٍّ-إرهابيٍّ على طول الحدود الشماليّة والجنوبيّة لإسرائيل، بمُشاركةٍ فعّالةٍ من سوريّة، حزب الله، حماس والجهاد الإسلاميّ في فلسطين، يضع الأسس لعملية الاستنزاف طويل الأجل مُتعدّد الأوجه للدولة العبريّة، كما أكّد مُعِّد الدراسة الجنرال في الاحتياط غرشون هكوهين.

ووفقًا للجنرال هكوهين، فقد أعطت الاضطرابات العربيّة في العقد الماضي، وخاصّةً الحرب الأهليّة السوريّة إسرائيل فترة استراحةٍ إستراتيجيّةٍ كان كيان الاحتلال بأمَّس الحاجة إليها، الأمر الذي دفع العديد من خبراء الأمن الإسرائيليين إلى الاقتناع بأنّ الدولة اليهودية لم تَعُد تُواجِه تهديدًا وجوديًا، ولكن، شدّدّ الجنرال هكوهين في دراسته، على أنّه مع اقتراب هذه الحرب من نهايتها، يظهر تحدٍّ وجوديٍّ جديدٍ على طول الحدود الشماليّة والجنوبيّة لإسرائيل، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الحديث يدر عن محورٍ عسكريٍّ-إرهابيٍّ تقوده إيران ويضم وكلاء و/أوْ حلفاء سوريين ومن حزب الله وحماس والجهاد الإسلاميّ في فلسطين، كما أكّد مُعِّد الدراسة.

وتابع قائلاً إنّه لأوّلِ مرّةٍ منذ إبرام معاهدة السلام المصريّة الإسرائيليّة عام 1979، تُواجِه إسرائيل احتمالًا واقعيًا في حريقٍ متعدِّد المواجهات، أيْ في لبنان وسوريّة وقطاع غزة، بالإضافة إلى احتمال وقوع هجماتٍ إرهابيّةٍ من الغرب، مُوضِحًا أنّ هذا التحدّي الوجوديّ القديم-الجديد يتضمَّن ثلاثة عناصر تشغيليّة رئيسيّة:

الأوّل، تهديد واسع النطاق بأبعاد غيرُ مسبوقةٍ من الصواريخ والقذائف المتطورّة وشديدة الدقّة، مُشيرًا إلى أنّه يتم تنظيم هذه الترسانة الضخمة في خطوطٍ هجوميّةٍ عمليّةٍ تمّ إعدادها بالفعل لاستهداف المواقع الإستراتيجيّة ومواقع البنية التحتيّة في عمق إسرائيل ، مثل قواعد القوات الجويّة، المقر العسكريّ لقيادة هيئة الأركان بتل أبيب، محطات الطاقة، المطارات والمراكز السكانيّة، على حدّ تعبير الجنرال هكوهين.

وشدّدّ مُعِّد الدراسة على أنّ هذا التهديد يرى إسرائيل مُحاصرةً من جميع الجهات: من لبنان وسوريّة وقطاع غزة، وكذلك في الآونة الأخيرة قاعدة للميليشيات الشيعية في العراق، وبالإضافة إلى ذلك، جبهة إرهابية جديدة على مرتفعات الجولان تضم قوة القدس الإيرانيّة وحزب الله والميليشيات الشيعية، وهذا التهديد، شدّدّ الجنرال هكوهين يُعتبر خطرًا واضِحًا وقائِمًا على البلدات والقرى الإسرائيليّة على الحدود اللبنانيّة وقطاع غزة من قوات الكوماندوز المدربة تدريبًا جيّدًا على التوغلات البرية في إسرائيل.

مُضافًا إلى ذلك، أكّد الجنرال هكوهين على أنّ كثيرين في المؤسسة العسكريّة-الأمنيّة الإسرائيلية قلَّلوا من شأن هذه التهديدات، على حد تعبير رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، الذي قال: التهديدات الخارجية كثيرة ومتطورة، ويجب عدم الاستهانة بها، لكنني أؤكِّد بكل المسؤولية الواجبة، وليس فقط كموقفٍ سياسيٍّ أنْ لا يُشكِّل أيًّا منهم تهديدًا وجوديًا لمستقبل إسرائيل وسلطتها وسيادتها، بحسب تعبيره.

ولفت الجنرال هكوهين إلى أنّ هذا يعتمِد بالطبع على معنى “التهديد الوجوديّ”، وهو مفهومٌ متعلّقٌ بالسياق إلى حدٍّ كبيرٍ وهو مفتوح لتفسيراتٍ مُختلفةٍ، ومن المؤكّد، أضاف مُعِّد الدراسة، أنّ إسرائيل لا تُواجِه نفس التهديد الوجوديّ المتمثل في غزو كلّ العرب الذي واجهته عند إعلانها في مايو 1948، لكن حزب الله وحماس وحتى إيران لا يسعون إلى تدمير إسرائيل في ضربةٍ واحدةٍ، على الرغم من رغبة إيران في مثل هذا الهجوم، وفقًا لأقواله.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة