تلفزيون نابلس
الحاج مهرة .. عاشق البحر الذي لم يشفع له حبه فمات غريقاً
6/22/2019 2:09:00 PM

كتب د. رامي فارس: لم يكن أبناء الحاج حسن مهرة 75 عاماً من بلدة جباليا البلد شمال غزة يعرفون أن والدهم سيموت غرقاً وهو الذي اعتاد ركوب الأمواج ومحاورتها ببراعة كبيرة .

في بيت العزاء يجتمع أقارب الحاج حسن ويرون قصصاً ومواقف مختلفة تدلل عشق فقيدهم للبحر الذي لم يحفظ الود هذه المرة.

يروي صهر الفقيد تفاصيل الحكاية بعد أن تملكه الحزن وبصوت متهدج يقول: جئت إلى بيت عمي يوم أمس الخميس لأخبره أننا سنتوجه إلى البحر يوم غد الجمعة وأردف أن هذه الرحلة هي تقليد سنوي اعتادوا عليه في كل عام ، لم يتردد الحاج حسن في القبول وهو الذي لا يخفي حبه للبحر.

في صبيحة الجمعة تم استقلال السيارة وتوجهنا كعادتنا إلى أقصى شمال بيت لاهيا حيث أن الازدحام في تلك المنطقة أقل بكثير من المناطق الأخرى على الشاطئ .

جلس الحاج حسن يتوسط أحفاده وبناته واستنفذ كل مواهبه في الإنشاد والغناء ليرسم البسمة على شفاههم محاولاً التخفيف من تراكمات الكبت التي يعيشها سكان غزة بفعل الحصار والفقر والظلام، وعلى حين غرة غافل الحاج حسن أحفاده ولبى نداء عشقه للبحر وهنا تدخل ابنه الأستاذ باسم مقاطعا صهره الذي نظم الرحلة وقال: أن والده اعتاد السباحة على مسافات بعيدة وأن القلق عليه لم يكن يساورهم خاصة أن والده يجيد السباحة بشكلٍ كبير.

يعود صهر الحاج حسن سرد تفاصيل الحادثة ويقول: لوّح عمي بيده لبناته وأحفاده ولكن أحداً لم يعرف أنه السلام الأخير، وغاب عمي عن الأنظار وهذا الأمر اعتاد عليه في كل مرة كان ينزل فيها إلى البحر وما هي إلا دقائق معدودة حدثت ضجة على الشاطئ فجاء أحد المارة وأخبرني أن هناك غريق ويبدو أنه الحاج الذي كان يجلس هنا .

دخل الجميع في نوبة من الهلع والخوف والشك إلى أن تمكن قارب صيد من انتشال جثة عمي بعد أن كان قد فارق الحياة.

وهنا تدّخل باسم نجل الحاج حسن وقال: أعتقد أن شيئاً ما قد حدث بالتأكيد ليس له علاقة بمهارات والدي في السباحة ، وهذا الأمر إما أن يكون ناتج عن ضعف عضلة القلب التي لم تستطع التصدي للموج ، أو أن شداً عضلياً افقده القدرة على مجابهة الأمواج .

لقد كان والدي نشيط إلى حد الغرابة ، كان دائم الحرص على صلاة الفجر في المسجد مجرد أن يتم رفع الأذان الأول ، كان يحب رياضة المشي أكثر من الشباب ، تستهويه أعمال الصيانة داخل المنزل ويقوم بها بحرفية عالية.

رحل الحاج حسن مهرة في مشهدٍ سيبقى راسخاً في ذاكرة أحفاده وبناته إلى الأبد بعد أن خانه صديقه الذي لم يحفظ الود، ولم يتوقع كل من عرف الحاج أبو باسم بأنه سيقضي غريقاً.

المصدر:  صفحة فتح غزة


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة