من المُفارقات العجيبة والغريبة جدًا التي تُميّز المعركة الانتخابيّة في كيان الاحتلال الإسرائيليّ إنّه كُلّما كُشِفت قضية فسادٍ جديدةٍ تورّط فيها، وفق الاشتباه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فإنّ شعبيته ترتفِع في صفوف الناخبين الإسرائيليين، وللتدليل على ذلك، تكفي الإشارة في هذا السياق إلى أنّ الاستطلاع الأخير الذي أجرته هيئة البثّ الإسرائيليّة شبه الرسميّة (كان) تبينّ أنّ حزب الليكود بقيادة نتنياهو تفوّق للمرّة الأولى على حزب (أزرق-أبيض) بقيادة الجنرال في الاحتياط بيني غانتس، حيث حصل على 31 مقعدًا، فيما حصل غانتس على 30 مقعدًا فقط، واللافِت أنّ الاستطلاع تمّ إجراءه بعد الكشف عن أنّ نتنياهو ربح من شراء الغواصّات الإسرائيليّة من ألمانيا مبلغ 16 مليون شيكل (دولار أمريكيّ يُعادِل 3.60 شيكل إسرائيليّ)، وبالإضافة إلى ذلك، كُشِف النقاب عن أنّ نتنياهو، وخلافًا لموقف الأجهزة الأمنيّة في دولة الاحتلال، وافق على قيام ألمانيا ببيع غواصّاتٍ لمصر، الأمر الذي اعتُبر في حزب (أزرق-أبيض) مسًّا سافِرًا بقدس أقداس إسرائيل، أيْ الأمن القوميّ.
ونشر الإعلام العبريّ، أنّ القضيّة المعروفة بالقضيّة 3000، أوْ ما يعرف بقضية الغواصات الألمانيّة، في طريقها نحو تطوراتٍ جديدةٍ، مع تقدّم التحقيقات فيها، علمًا أنّ المُستشار القضائيّ للحكومة، د. أفيحاي مندلبليط، أعلن الشر الجاري أنّه قرّرّ تقديم ثلاث لوائح اتهّامٍ ضدّ نتنياهو في ثلاث قضايا مُختلٍفةٍ تشمل تهم تلقّي الرشاوى، خيانة الأمانة والاحتيال، وهي تُهمٌ إذا أُدين فيها فسيقبع بالسجن لسنواتٍ طويلةٍ، كما يقول الخبراء في الشؤون القضائيّة في تل أبيب.
وكان بني غانتس زعيم حزب “أزرق أبيض” طالب خلال اجتماعٍ انتخابيٍّ في مدينة حيفا، شمال، بتشكيل لجنة تحقيقٍ رسميّةٍ في القضية واصفًا إيّاها بأنّها أخطر فساد أمني في تاريخ الدولة العبريّة، على حدّ تعبيره. بالإضافة إلى ذلك، أشار غانتس إلى الادعاء بأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ربح 16 مليون شيكل من الصفقة، قائلاً: هذه أمور لا يمكن تصورها، غير معقولة، وآمل أنْ تكون غير صحيحة، طبقًا لأقواله.
وقال غانتس أيضًا في مؤتمر صحافيٍّ عقده أمس مع زعماء حزبه إنّه ربمّا يكون رئيس الوزراء نتنياهو قد تاجر بالأمن لتحقيق مكاسب شخصيّةٍ، مضيفًا في الوقت عينه أنّ رئيس الوزراء، الذي يُواجِه ثلاث لوائح اتهام عمل من أجل مصلحته على حساب الأمن، ولافتًا إلى أنّه لا يُمكِن أنْ يهتم نتنياهو بنتنياهو، للأسف، لقد فقد الطريق، قال الجنرال احتياط غانتس. وتعهّد غانتس أنّه إذا قام بتشكيل الحكومة الإسرائيليّة القادِمة، فإنّ أوّل شيءٍ سيقوم فيه هو تشكيل لجنة تحقيقٍ رسميّةٍ لبحث قضية الغواصّات وتورّط نتنياهو فيها، كما أكّد في المؤتمر الصحافيّ.
وردّ الليكود على تصريح غانتس، قائلاً: هذا عار. في اليوم الذي قتل فيه جنديّ من الجيش الإسرائيليّ، يُحاوِل يائير لبيد وغانتس إحياء قضية الغواصات بالقوّة، رغم التحديد المسبق بأنّه لم تكن لرئيس الوزراء نتنياهو أيّ علاقةٍ بها، مُضيفًا أنّ رئيس الحكومة لم يربح شيكل من صفقة الغواصات، هذه فرية كاذبة ينشرها شخص يواجه ضائقة وفقد وعيه، حتى الآن لا يعترف غانتس بخطئه بدعم الاتفاق النوويّ مع النظام الإيراني الذي اخترق هاتفه، على حدّ تعبير البيان الرسميّ لحزب ليكود بقيادة نتنياهو.
ويوم أمس، ذكرت أخبار القناة 13 في التلفزيون العبريّ أن الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد، رئيس القسم الأمنيّ-السياسيّ السابِق في وزارة الأمن الإسرائيليّة، أدلى بإفادته لدى الشرطة وقال إنّ نتنياهو أذن لألمانيا ببيع غواصّاتٍ لمصر.
وكان نتنياهو قد نفى ذلك في السابق وادعى أنّهم لم يطلبوا موافقته، وقال ديوان رئيس الوزراء ردًا على ذلك، إنّها محاولة عقيمة ودون جدوى لإحياء قضية ماتت، على حدّ تعبيره.
ووفقًا للتقرير، أثار جلعاد تحفظات بشأن بيع الغواصات إلى مصر وتوجّه إلى مستشار المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، وفي شهادته للشرطة، قال غلعاد إنّ المستشار، كريستوف اويسيجين، قال إنّ نتنياهو وافق على هذه الخطوة، رغم أنّ ألمانيا لا تحتاج رسميًا إلى مثل هذه الموافقة، ولكن نظرًا للعلاقات الخاصّة بين البلدين، فقد أخذت موافقة نتنياهو، كما قال الجنرال في الاحتياط غلعاد في إفادته بالشرطة.
وكانت القناة الأولى في التلفزيون العبريّ، شبه الحكوميّة (كان)، كشفت النقاب عن خبايا وخفايا الشهادات التي أدلى بها الشاهِد الملك في قضية شراء إسرائيل غواصّات وسفن من ألمانيا، قائلة، نقلاً عن مصادر واسعة الاطلّاع في التحقيق، إنّ إفادته في الشرطة خلال التحقيق معه أدّت إلى حالةٍ من الهستيريا لدى المُحققين، بعد قال لهم إنّه في إسرائيل يُمكِن شراء أيّ مسؤولٍ سياسيٍّ أوْ أمنيٍّ بوجبة غذاءٍ، على حدّ تعبيره.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |