تلفزيون نابلس
ماذا يعني قرار اسرائيل حجز أموال الضرائب الفلسطينية؟
2/22/2019 8:49:00 AM

 قررت اسرائيل اقتطاع عشرات ملايين الدولارات من عائدات أموال الضرائب التي تفرضها على المنتجات الفلسطينية ويتم تحويلها للسلطة الفلسطينية، معتبرة أن هذه مبالغ مخصصات أسر المعتقلين الفلسطينيين القابعين في السجون الاسرائيلية.

ماذا يعني هذا القرار؟

في عام 1994، وقعت إسرائيل والفلسطينيون على اتفاق باريس الذي أصبح جزءا من اتفاقيات أوسلو التاريخية. ويحكم الاتفاق العلاقات الاقتصادية وينشئ اتحادا جمركيا بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية مع استمرا ر سيطرة إسرائيل على الحدود.

تفرض إسرائيل ضريبة القيمة المضافة ورسوما جمركية على البضائع المتجهة إلى الأسواق الفلسطينية والتي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية قبل أن تحولها إلى السلطة الفلسطينية.

يقول المتخصص في العلوم السياسية جهاد حرب "تشكل عمليات التحويل هذه أكبر مصدر ايرادات للسلطة الفلسطينية، وهو يمثل حوالى 70 % في المئة".

وتقول وزارة المالية الإسرائيلية إنها تجمع حوالي 700 مليون شيقل، أي نحو 190 مليون دولار من الضرائب كل شهر على الواردات الفلسطينية.

وتخصم اسرائيل 100 مليون شيقل، نحو (28 مليون ونصف دولار) لتغطية الخدمات المختلفة المقدمة للفلسطينيين.

كان الهدف من اتفاق باريس أن يكون مؤقتا، حيث عمل الجانبان على التوصل إلى اتفاق نهائي، لكنه لا يزال ساري المفعول مع توقف جهود السلام. ويبقى الاقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكل كبير على إسرائيل.

قررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد الماضي احتجاز مبلغ 138 مليون دولار (اكثر من نصف مليار شيقل) من تحويلات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، ردا على ما تقدمه السلطة من مخصصات مالية الى أسر الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وسيتم اقتطاع مبلغ 138 مليون دولار على فترة 12 شهرا.

وتقول اسرائيل إن المبلغ يساوي ما دفعته السلطة الفلسطينية العام الماضي لـ "إرهابيين مسجونين لدى إسرائيل ولاسرهم وللسجناء المفرج عنهم".

وتأتي خطوة احتجاز الأموال تطبيقا لقانون إسرائيلي تمت المصادقة عليه في تموز/يوليو للحكومة 2018.

وتعهد نتنياهو بتطبيق القانون بعد هجوم فلسطيني على إسرائيلية.

وكانت إسرائيل احتجزت أموالا للفلسطينيين في السابق، وخاصة ردا على انضمام فلسطين في 2011 لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة كعضو كامل العضوية.

توفر السلطة الفلسطينية دعما ماليا لعائلات الشهداء والاسرى الفلسطينيين، ويقدر المبلغ بحسب مدة السنوات التي يقضيها الاسير في السجن.

تقول إسرائيل والولايات المتحدة إن المخصصات المالية لعائلات الشهداء والاسرى "تشجع على مزيد من العنف، وتقوض حجة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه ملتزم بالسلام".

ولم تفصح السلطة الفلسطينية عن حجم المبلغ الذي تدفعه للاسرى، لكن أحد مقترحي القانون الاسرائيلي ودفع بتشريعه عام 2018 زعم ان المبلغ المقدم كان 1,2 مليار شاقل العام الماضي.

وتعتبر السلطة الفلسطينية هذه المخصصات شكلا من أشكال الضمان الاجتماعي للأسر التي فقدت معيلها الرئيسي وتنفي أي علاقة لها بأي عنف.

يعتبر الفلسطينيون الأسرى على بأنهم مناضلون ضد الاحتلال الاسرائيلي الذي تجاوز الخمسين عاما، وكذلك الشهداء الذين سقطوا في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.

واعتبر الرئيس محمود عباس أن "موضوع عائلات الشهداء والأسرى في سلم أولوياتنا القصوى، وأي مبلغ يتوفر لدينا سيكون مخصصا لهم، وبعد ذلك نفكر في الباقي".

وقالت سحر فرنسيس رئيسة مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، إن "المخصصات التي تدفع لاسر الاسرى تشكل تأمينا اجتماعيا لضمان معيشتهم".

وأضافت "يوجد أكثر من 5000 أسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية".

قال ممثل صندوق النقد الدولي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة روبرت تشايدزه "حتى بدون هذا القرار فقد واجهت السلطة الفلسطينية بالفعل عجزا كبيرا في الميزانية".

وتوقع صندوق النقد الدولي في ايلول/سبتمبر بأن السلطة ستواجه عجزاً قدره 620 مليون دولار في عام 2018.

في عام 2019 ، توقع صندوق النقد الدولي الحجز على التحويلات اكثر مما اعلن عنه الأحد وتوقع عجزا يبلغ نحو مليار دولار.

يأتي هذا الحجز في الوقت الذي وصلت فيه المساعدات الخارجية المباشرة لميزانية السلطة الفلسطينية الى حالة دراماتيكية وهي في ذروة انخفاضها. وانخفض الناتج المحلي الفلسطيني الاجمالي من 10% قبل خمس سنوات ليصل الان الى 3,5 بالمئة.

وقطعت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الفلسطينية في عام 2018 .

يمكن أن تزداد الأزمة المالية سوءاً إذا ما التزم الرئيس عباس بالإنذار الذي أعلنه الأربعاء عندما قال "إننا لن نستلم الأموال منقوصة قرشا واحدا، ولن نقبل بذلك إطلاقا".

وتحدث الخبير الاقتصادي الفلسطيني ناصر عبد الكريم عن "بداية أزمة مالية واقتصادية هائلة ستؤثر على الجميع في الضفة الغربية وقطاع غزة".

يشعر المسؤولون الأمنيون في إسرائيل وهم في خضم الحملة الانتخابية، بالقلق من تأثير هذا التجميد على استقرار الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر.

وذكر نيكولاي ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط أن التجميد والضغوط المالية الأخرى "تعرض للخطر الاستقرار المالي للسلطة الفلسطينية، وستعرض في الاساس أمن كل من الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".

ووفقا للكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب فانه "حتى إذا قدمت الدول العربية مساعدات مالية ، فإن الأزمة تهدد بالتأثير على قدرة السلطة الفلسطينية على كبح الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي".


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة