تلفزيون نابلس
تل أبيب: خلافاتٌ حادّةٌ داخِل الحكومة حول الكشف عن أنّ إسرائيل نفذّت الاعتداءات بسوريّة
1/23/2019 11:49:00 AM

 كشفت وسائل الإعلام العبريّة، نقلاً عن وزراءٍ كبارٍ في المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر (الكابينيت)، كشفت النقاب عن أنّ خلافاتٍ حادّةٍ اندلعت بين رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وبين عددٍ من الوزراء على خلفية كشفه واعترافه بأنّ كيان الاحتلال هو الذي قام بشنّ الهجمات الأخيرة ضدّ الأهداف الإيرانيّة في سوريّة، كاسِرًا بذلك سياسة الضبابيّة التي كانت تعتمدها إسرائيل منذ أنْ بدأت بتوجيه الضربات الجويّة لسوريّة منذ العام 2013.

وبحسب القناة الـ13 في التلفزيون العبريّ، فإنّ تصرّف نتنياهو، المُخالِف للسياسة الإسرائيليّة المُتبعّة، ستدفع عاجلاً أمْ آجلاً إيران وحزب الله وسوريّة للردّ على الاعتداءات التي يُنفذّها جيش الاحتلال، لأنّ الأعداء يشعرون بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ حشرهم في الزاوية، ولفتت القناة التلفزيونيّة الإسرائيليّة، التي استندت على مصادر رفيعةٍ في تل أبيب، إلى أنّ القائِد العّام السابِق لجيش الاحتلال، ساهم هو الآخر بـ”فضح” سياسة كيان الاحتلال، عندما صرحّ في مُقابلةٍ مع صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة بأنّ الجيش الإسرائيليّ قام بتنفيذ مئات الضربات ضدّ أهدافٍ مُختلفةٍ في سوريّة، على حدّ تعبير المصادر عينها.

في السياق عينه، قال رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابِع لجامعة تل أبيب، الجنرال احتياط عاموس يدلين، إنّه ينبغي أنْ يكون أمام عيون هيئة الأركان والكابينيت ثلاثة نماذج للعمل، الأوّل: نموذج المعركة الشاملة، الذي يحلل البدائل الإستراتيجية لمعالجة تثبيت التواجد الإيرانيّ، ومشروع تدقيق الصواريخ وتعزيز قوّة حزب الله، وفي إطاره ينبغي التصدي لمسائل مثل: هل تستوجب هذه التهديدات عملاً فاعلاً لإسرائيل أمْ ربمّا يمكن إعطاؤها جوابًا في أعمال سلبية دفاعية (مثل تعزيز منظومة الدفاع ضد الصواريخ) وجوابًا سياسيًا وردعيًا.

وتابع رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة سابِقًا: هل توجد قدرة متوفرّة في حالة الحرب يُمكِنها أنْ تُعطّل المنظومات المتطورّة بضربةٍ مُسبقةٍ؟ مُشيرًا إلى أنّه من الواجب تقدير شكل ومدى الإيفاء بالأهداف في كلّ واحدةٍ من الاستراتيجيات.

وفيما يتعلّق بالنموذج الثاني، قال إنّ تقدير المخاطر حيال المعركة ما بين الحروب، والتي أساسها الاستجابة للمخاطر المركزيّة الثلاثة: إسقاط طائرة إسرائيليّة، واحتكاك مع روسيا، وسيناريو تصعيد كبير، مُوضحًا أنّ هذه المخاطر يجب أنْ يُنظَر فيها في مقابل الإنجازات في المعركة.

وأضاف أنّه في العام 2018 تحققت كل المخاطر، ولكن في مستوىً متدنٍ لم يثقل على الإنجازات في منع تثبيت التواجد الإيرانيّ في سوريا: في شباط (فبراير) أُصيبَت طائرة (سوفا) إسرائيليّة، في أيار (مايو) أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الثقيلة نحو إسرائيل، وفي أيلول (سبتمبر) أسقطت طائرة روسيّة من الدفاعات الجويّة السوريّة، فيما حملّت روسيا جزءًا كبيرًا من الذنب على إسرائيل.

ورأى يدلين أنّه من الحيوي أنْ نفهم بأنّ مستوى المخاطر في 2019 أعلى، فالسوريون يُعيدون بناء منظومة الدفاع الجويّ لديهم واتبعوا سياسة إطلاق نار واسعة وسهلة، مثلما هو واضح في الأشهر الأخيرة، أمّا الإيرانيون فقد تعلّموا دروس أيار (مايو) 2018، ويعدون جوابًا عملياتيًا بديلاً من لبنان ومن العراق، والروس المعنيون بإعادة بناء واستقرار سوريّة، يُواصِلون الإعراب عن الاستياء من النشاط الإسرائيلي هناك.

وقال إنّ النموذج الثالث هو الردع والتحكم بالتصعيد، يفحص دومًا قوة الردع الشامِلة لإسرائيل، ومن أيّ اتجاهٍ من شأنها أنْ تتحطم، مُوضحًا أنّه في الجبهة الشماليّة كما قيل، لاعبون كثيرون وحيال كل واحد منهم توجد إمكانية لتغيير ميزان الردع.

وزعم الجنرال يدلين أنّ حزب الله تلقى ضربةً عملياتيّةً ومعنويّةً شديدةً في أعقاب كشف وتدمير الأنفاق، وأنّ إيران مصممة “على تصفية الحساب” على إخفاقاتها الأخيرة، وسوريّة تشعر بأنّها واثقة أكثر إذْ تزودها روسيا بمنظومات دفاعٍ جويٍّ متطورّةٍ.

ولفت أيضًا إلى أنّه في السنوات الأخيرة في جبهة الشمال، مثلما في غزة، أثبتت الأطراف قدرة على العمل من تحت شفا التصعيد بل والتحكّم به، ولكن الردع هو مفهوم متملص في الغالب يمكن تحليله بأثر رجعي فقط. وعليه، فإنّه حين لا يكون كلّ الأطراف معنيين بحربٍ شاملةٍ فإنّ أخطاء وتشويهات فكر وفرضيات أساسيّة تغيرت، يُمكِنها أنْ تؤدي إلى فقدان السيطرة وإلى مواجهةٍ واسعةٍ وإنْ كان لا يريدها أحد، على حدّ تعبيره.

على صلةٍ بما سلف، نقل المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، مُحلّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، اليوم الأربعاء، نقل عن مصادر رفيعةٍ في تل أبيب قولها إنّه بات واضحًا وجليًّا أنّ الضربات الجويّة الإسرائيليّة في سوريّة ليست كافيّةً لطرد القوّات الإيرانيّة، وإذا كانت إسرائيل تطمح لتحقيق هذا الهدف على نحوٍ كاملٍ، شدّدّت المصادر، فلن يكون أماهما مفرًا إلّا باللجوء إلى عمليّةٍ عسكريّةٍ بريّةٍ، وهو الأمر الذي ترفضه تل أبيب خشيةً من التورّط، على حدّ تعبيره.

وشدّدّت المصادر عينها على أنّ كلّ عمليةٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ لـ”طرد” الإيرانيين من سوريّة مُرتبطةٌ بالتطورّات السياسيّة وبالتعاون والتنسيق مع روسيا، والتي حتى اللحظة لم تفعل أيّ شيءٍ من أجل إبعاد الإيرانيين.

ولفتت المصادر إلى أنّ التعويل الإسرائيليّ على التقارب العربيّ من سوريّة لإبعاد إيران لن يؤدّي إلى كسر التحالف الإستراتيجيّ بين طهران ودمشق، مُوضحةً أنّه عندما كانت سوريّة عضوًا في جامعة الدول العربيّة لم تتنازل عن علاقاتها الإستراتيجيّة المتينة مع إيران، وأنّ هذه العلاقات ستسمّر، ولا توجد مؤشّراتٍ أوْ دلائل لضعفها، كما أكّدت المصادر الرفيعة في تل أبيب للصحيفة العبريّة.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة