تلفزيون نابلس
تل أبيب: السنوار يُرعِب الإسرائيليين قيادةً وشعبًا وخطابه يُعتبر صورة النصر للمُقاومة وتحديدًا عندما تسلّم المُسدّس الغنيمة
11/19/2018 10:54:00 AM

 حتى أكثر قادة كيان الاحتلال تشدّدًا وتطرّفا، اضطروا على مضض الاعتراف والإقرار بعد الجولة الأخيرة من المُواجهة العسكريّة بين جيش الاحتلال الإسرائيليّ وبين المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، بأنّ قوّة ردع الدولة العبريّة لم تتآكل فقط، بل اختفت كليًا، ولم يتوقّف الأمر عند ذلك، فالخطاب الذي ألقاه يحيى السنوار، قائد حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) في القطاع، في ذكرى شهداء عملية خان يونس، التي فشِلت، جاء في الوقت الذي كان صُنّاع القرار في تل أبيب يتبادلون التهم ويتراشقون الاتهامات حول الرضوخ لقواعد اللعبة التي وضعتها التنظيمات الفلسطينيّة في قطاع غزّة، وبشكلٍ أوْ بآخر يُمكِن اعتبار هذا المشهد، صورة الانتصار للمُقاومة على أحد أقوى جيوش العالم.

أمّا المفاجأة الكُبرى فقد وقعت خلال الخطاب، عندما اعتلى أحد عناصر كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام المنصّة وسلّم القائد السنوار مُسدّسًا كانت المُقاومة قد أخذته غنيمةً من القوّات الإسرائيليّة الخاصّة التي دخلت إلى القطاع يوم الأحد قبل الماضي، وتمّ اكتشافها وقتل أحد ضباطها برتبة عميدٍ وإصابة ضابطٍ آخر بجراحٍ خطيرةٍ، ووفقًا لعدد من المُحلّلين الإسرائيليين فإنّ حركة حماس باتت تُحارِب إسرائيل، تمامًا كما يفعل حزب الله، وتستخدِم الحرب النفسيّة لدبّ الرعب في قلوب وعقول الإسرائيليين، الذين باتوا يؤمنون بأنّ ما كان لن يكون بعد على الجبهة الجنوبيّة.

وبعد مرور ثلاثة أيّامٍ على خطاب القائِد السنوار، ما زال الإعلام العبريّ يجتهِد في تحليل تداعيات وتبعات الرسائل التي حملتها الكلمات، والتوقّف عميقًا حول ذكر القائد العّام لكتائب الشهيد عزّ الدين القسّام، محمد ضيف، الذي فشلت إسرائيل، في عشرات المُحاولات لاغتياله لتحصل على صورة نصر تهدئ من روع مُواطنيها، فالقائد ضيف، مطلوب للأجهزة الأمنيّة في دولة الاحتلال، منذ حوالي ثلاثة عقود، ولكنّ العقل الصهيونيّ فشِل فشلاً مُدوّيًا في النيل منه، وهذا بحدّ ذاته يُعتبر إخفاقًا وفق كلّ المقاييس، إذا أخذنا بعين الاعتبار عدم تكافؤ القوّة بين إسرائيل والمُقاومة، علاوة على المُساعدة التي تتلقاها تل أبيب من أجهزة استخباراتٍ عربيّةٍ وغربيّةٍ.

وفي هذا السياق، رأت المُستشرِقة الإسرائيليّة، شيمريت مئير، في مقالٍ نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبيّريّة أنّ هذه ليست المرّة الأولى التي يُلقي فيها أحد زعماء حماس، الذين تعلّم معظمهم لدى حزب الله، خطاب انتصار كاملاً مفعمًا بالحماس، وخلافًا لهنية، خالد مشعل، ونصر الله، فإنّ سماع خطابه كان مزعجًا، مُشدّدّةً على أنّ خطاب السنوار أوضح ثانيةً أنّ طريق التوصّل إلى تسويةٍ مع حماس ما زالت طويلةً ومليئةً بالفشل، وفق تعبيرها.‎ ‎

كما لفتت إلى أنّ هناك قضيةً أخرى تباهى بها السنوار وهي غرفة العمليات المُشتركة التي أقامتها حماس مع سائر المنظمات المسلحة في غزة، حيثُ أدارت 11 منظمة بالمجمل المعركة في الأسبوع الماضي، مُوضحةً أنّ هذه كانت تجربةً ناجحةً جدًا، إذْ أنّها أتاحت للفلسطينيين تركيز جهودهم والتنسيق فيما بينهم، وكانت حماس المُسيطرة في الوقت ذاته.

كما تُشكّل هذه الخطوة، تابعت المُستشرِقة مئير، حملةً إعلاميّةً أمام فتح وأبو مازن، ففي الوقت الذي التُقطت فيه صور لأحد زعماء السلطة وهو يُساعِد الجنود الإسرائيليين على إصلاح إطار مركبةٍ عسكريّةٍ، أوْ وفق أقوال السنوار: “السلطة تُصلّح إطارات سيارات الإسرائيليين ونحن نهتم بتعطيلها. 

كما حقق السنوار نجاحًا، مضت المُستشرِقة، بعد أنْ حضر رؤساء الاستخبارات المصريّة، الذين يعملون وسطاء بين حماس وإسرائيل، حفل  تأبين شهداء حماس وسمعوا خطابه، لافتةً إلى أنّه حتى الفترة الأخيرة،  كان المصريون ينعتون حماس منظمةً إرهابيّةً، ولكن اليوم أصبحوا يُفضّلون التقرّب منها سعيًا للتأثير عليها، وفي الوقت ذاته يشكلون “ذراعًا بشريّةً للآلاف في الجناح العسكري لحماس″، بما في ذلك من أجل السنوار ذاته، وفق كلامها.‎ ‎

وخلُصت إلى القول: يُشير المنطق إلى أنّ حماس ستستكفي بالإنجازات الكثيرة التي حققتها حتى الآن، وأهمّها استقالة ليبرمان، وستعمل على تهدئة الوضع من أجل الحصول على الشرعية مجددًا، ضمان تدفق الأموال، ولكن عمليات حماس مرتبطةً بتقديراتها لطبيعة الردّ الإسرائيليّ، وبتهديدات عبّاس لفرض عقوباتٍ إضافيّةٍ على غزّة، ما يُصعّب القيام به عندما تكون المنطقة مستعرّةً، واختتمت قائلةً إنّ السنوار عرض في خطابه دمجًا فلسطينيًا كلاسيكيًا لمجالَيْ حقوق: الحقّ المفهوم ضمنًا لتلقي المُساعدات الدوليّة، والحقّ في ممارسة العنف (المقاومة)، أيْ إرث عرفات، طبقًا لتعبيرها.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة