تلفزيون نابلس
أزمة الحج: قصة الجواز الإسرائيلي والسعودية
11/8/2018 6:31:00 AM

 في ظل حالة الترقب الحاصلة منذ منع السلطات السعودية، وفد لجنة الحج والعمرة من البلاد، من دخول أراضيها بحجة أنهم من حملة الجواز الأردني المؤقت، وارتفاع حدة المخاوف من حرمان فلسطينيي الـ48 من أداء فريضة الحج أو زيارة الحرم المكي لأداء العمرة، انطلقت الشائعات التي تلقفتها بعض وسائل إعلام وأخذت تنسج في مغزلها روايات تتلاعب من خلالها بعواطف الحريصين على أداء شعائرهم الدينية من مسلمي الـ48.

جاء ذلك وسط تأكيدات الجهات المعنية واللجان المختصة بتنظيم الأمور المتعلقة بحجاج ومعتمري الداخل الفلسطيني، أن السلطات السعودية تشترط حمل جواز ثابت يشمل رقمًا وطنيًا، لاستقبال الحجاج والمعتمرين، الأمر الذي يلغي الإجراء المتبع، الذي ينصّ على دخول حجاج مسلمي الـ48 إلى الأراضي السعودية بجواز سفر أردني مؤقت يحصلون عليه لغاية الحج، ولا يحمل رقمًا وطنيًا.

ودفعت "الأخبار الكاذبة" التي نشرت في هذا السياق إلى تكهنات تراوحت بين توجه السلطات السعودية إلى تطبيع سافر علني لعلاقاتها بإسرائيل، في ظل التقارير الصحافية التي تشير إلى تقارب دبلوماسي بين البلدين، ما يسمح لفلسطيني الـ48 دخول السعودية بواسطة الجواز الإسرائيلي، وبين إجراءات جديدة قد تحرم أهالي الداخل الفلسطيني من أداء فريضة الحج.

وانتشر في شبكات التواصل خبر نقله موقع "عنيان مركازي عن مصادر إعلامية عربية، زعم فيه أن "هناك مؤشرات على إجراءات جديدة تتيح للإسرائيليين الدخول إلى السعودية بداية من العام القادم، دون الحاجة إلى جواز أردني مؤقت، وذلك بواسطة جواز سفرهم الإسرائيلي".

والموقع الإسرائيلي "عنيان مركازي"، هو موقع يديره صحافي واحد وعبارة عن مدونة للإثارة وليس موقعا جديا موثوقا، ما يثير التسؤلات حول الجدوى من اعتماد مواقع عربية على مدونة للأخبار الكاذبة المضللة على شاكلة "عنيان مركازي".

وأضاف الموقع الذي لم يعرف بتاتا بمصادره الموثوقة أن الأمور تجري باتجاه "إلغاء وساطة وزارة الداخلية الأردنية" على زيارة مسلمي الـ48 الأماكن المقدسة في السعودية للحج والعمرة، ملمحًا أن ذلك يأتي في سياق إنهاء الوصاية الأردنية على الأماكن الدينية المقدسة في القدس المحتلة، وإلغاء إشراف السلطات الأردنية الرسمي على أوقاف القدس، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات، قبل احتلالها من جانب إسرائيل.

وفي الوقت الذي يؤكد خلاله البعض أن المشكلة الجديدة تتعلق بأمور إدارية إجرائية لا غير، يرى آخرون أن لها أبعادًا سياسية، وربما تكون "تمهيدًا لدخول فلسطينيي 48 إلى السعودية بجواز سفر إسرائيلي، لأنه الجواز الوحيد الذي يحمل رقمًا وطنيًا"، وذلك تمهيدًا لقبول السعودية بخطة التسوية الأميركية للقضية الفلسطينية والمعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، والتي ستفتح الباب أمام التطبيع العلني بين إسرائيل وعدد من دول الخليج.

وفي حديث سابق أكد رئيس لجنة المراقبة في جمعية الحج والعمرة، الشيخ هاشم عبد الرحمن أن "الموقف الجديد للسلطات السعودية يتمثل باشتراطها استقبال الحجاج من حملة جواز أردني ثابت وصاحب رقم وطني، ما يعني أنه سيتم استثناء عرب 48 من رحلات العمرة والحج مستقبلا، وكل فلسطيني بالقدس أو الضفة الغربية أو قطاع غزة ليس بحوزته جواز أردني ثابت".

وأوضح عبد الرحمن أنه يتم تسفير قوافل الحج والعمرة، من فلسطيني 48، عبر وصاية أردنية على الحجيج ومنحهم جوازات سفر أردنية مؤقتة، وذلك بموجب الاتفاق المبرم في العام 1978 بين الحكومة الإسرائيلية والملك الأردني الراحل، حسين بن طلال.

وفور التيقن من حقيقة الإجراءات والمطالب الجديدة من قبل السعودية، قال عبد الرحمن: " توجهنا بخطابات رسمية إلى الديوان الملكي والحكومة الأردنية ووزارة الأوقاف الذين شرعوا بالتواصل مع الرياض عبر السفارة السعودية في عمان لمعالجة القضية، كما قمنا بالتوجه إلى العديد من النواب في القائمة المشتركة ورئيس لجنة المتابعة العليا وأيضا السلطة الفلسطينية لحل الإشكال وإبقاء الوضع كما أتفق عليه في العام 1978".

ولمح الشيخ عبد الرحمن إلى أن القضية أكثر من مجرد جواز سفر أردني مؤقت أو رقم وطني، قائلا: "أخشى ما أخشاه أن تحمل القضية في طياتها أبعادا سياسية، ونأمل ألا نكون نحن الفلسطينيين في الداخل جزءا من أي مساومة ومناكفة سياسية أو ضمن أي قرار سياسي لدول الإقليم".

بين الرياض وتل أبيب

يذكر أنه لم يظهر أي حراك سعودي رسمي علني يفصح عن وجود علاقات بين تل أبيب والرياض، إلا أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين ألمحوا إلى وجود علاقات "ناشئة" و"سرية" بينهما.

وأظهر تسريبات صحافية حجم العلاقة "السرية" بين السعودية وإسرائيل لعل آخرها كان ما كشفته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، التي قالت مؤخرًا إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، طلب من ترامب، دعمًا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول.

ونقلت الصحيفة حينها، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن نتنياهو عبّر عن دعمه لولي العهد السعودي الذي وُجّهت إليه سهام الانتقاد بعد مقتل خاشقجي مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وحسب تقرير الصحيفة، فإن نتنياهو أجرى اتصالًا هاتفيًا مع ترامب، ونصحه بحماية علاقته القائمة مع ولي العهد السعودي.

وفي تموز/ يوليو من العام 2016، أجرى ضابط الاستخبارات السعودي السابق، اللواء أنور عشقي، زيارة إلى إسرائيل استمرت أسبوعًا كاملا، على رأس وفد ضم عددا من رجال الأعمال والأكاديميين السعوديين.

والتقى اللواء عشقي، والوفد المرافق له، خلال الزيارة، أمين عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد، منسق عمليات الاحتلال السابق في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، يوآف مردخاي.

ولدى تل أبيب رغبة قوية بتوثيق علاقتها مع الرياض، وهو ما أفصح عنه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، بتصريحات دعا فيها إلى تعزيز التعاون بين إسرائيل والسعودية ضد إيران وفروعها بالمنطقة.

وكتب ليبرمان في مجلة "ديفنس نيوز" الأميركية، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي: "نرى أدلة كثيرة على التفكير الرصين في أماكن أخرى في المنطقة، ولا سيما بين دول الخليج، ولعل أوضح مثال على ذلك هو السعودية التي تقود قيادتها سياسة جريئة ورؤية لا تتوانى عن تعريف إيران باعتبارها التهديد الإقليمي الأكبر".

وفي الإطار ذاته، دعا عضو الكنيست يوسي يونا (المعسكر الصهيوني)، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى زيارة إسرائيل، وإلقاء خطاب في الكنيست كما فعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

ورغم غياب أي حديث رسمي سعودي عن علاقات أو محادثات مع إسرائيل، إلا أن صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، قالت في تقرير لها العام الماضي، إن هناك محادثات اقتصادية بين تل أبيب والرياض، شملت عمل شركات إسرائيلية في الخليج والسماح للطيران المدني الإسرائيلي بالتحليق فوق السعودية.

فيما أكدت قناة "سي إن إن" الأميركية، في ذات الإطار، أن هناك مشاریع اقتصادیة تجمع الطرفین من المتوقع أن تشهد تطورا سریعا. وأشارت إلى أن هذه المشاريع تشمل تسییر خطوط طیران من إسرائيل إلى الریاض، وكذلك مد خط سكة حدیدیة بین السعودیة وإسرائيل مرورا بالأردن.

وكان نتنياهو، قد كشف في آذار/ مارس الماضي، عن أن السعودية سمحت لشركة الطيران الهندية "إير إنديا" باستخدام مجالها الجوي لتسيير رحلات جوية بين مطار مومباي بالهند وتل أبيب.

المصدر عرب 48


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة