جَدليّةٌ قسّمت العرب حول “الرِّياح” العاتِية الشَّديدة التي ضربت خِيام الحُجَّاج هذا العام، بل وحرّكت سِتار الكعبة من مكانه، والذي تقوم به سُلطات بلاد الحرمين بملايين الدُّولارات كُل عام، الرِّياح كشفت ستر حجارة الكعبة المُشرّفة، في مشهدٍ مهيب، قال عنه المُنتقدون لسياسات السعوديّة أنّه دلالة غضب من الله على هذه البِلاد، جرّاء قتلها أطفال، وشباب، ونساء، وشيوخ اليمن، بلا أي وجه حق، حتى أنّ أحد مُصمّمي البرامج التصميميّة، استعان بصورة كشف ستار الكعبة، وكتب بما يعنيه على لسان رياح الخالق أنّ: “دم أهل اليمن حرام”.
في المُقابل يُقلِّل رُجحاء العقل من فرضيّات “العُقوبات الربانيّة” تلك، ويستبعدون ارتباطها بدماء اليمنيين، لكن ومع هذا يُرمى من بينهم فرضيّة أن الكعبة كانت وما زالت مكاناً للمُعجزات، وربّما تكون الكعبة أيضاً في هذا الزمان، ورياحها التي أجبرت الحجيج على مُغادرة خيامهم، دلالةً على غضبٍ ربّانيّ، يُرسله إلى المعنيين من غضبه، وليس أبعد على الله أن يُرسل أبابيل طيره على القوم الظالمين، فالله كما تقول كُل الكُتب السماويّة، يمنح الظالم وقتاً للتفكير، والتراجع، وهو يُمهل، ولا يُهمل أيضاً، فهل كان الله غاضباً، الإجابة ليست برسم مُعد هذا التقرير، بل برسمه سبحانه تعالى.
وبعيداً عن الجدل الدِّيني الذي يدخل في علم الكونيّات، والربّانيّات، يمر السعوديون أصحاب البلاد أو الأرض مُرور الكِرام على رياح ربّهم، فهي لم تترك ويلاتها على موسم حجّهم بل داعبته، والأخير أي موسم الحج كان في رعاية مليكهم وأمانه، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي وصل إلى مكّة، وأظهرته صور وكالة الأنباء الرسميّة (واس) في مشعر منى، وهو يُشرِف على راحة حجيج بيت الله، مع مجموعة من المسؤولين الذين استقبلوه هُناك.
صالونات السِّياسة في المملكة، كانت تترقّب ظُهور المليك السعودي، حيث تردَّد كما سمعت “رأي اليوم” من المُرتادين هُناك، عن احتماليّة عدم مُشاركة الملك سلمان في موسم هذا الحج بداعي المرض، ليتصدًّر المشهد ابنه وليّ العهد محمد بن سلمان، بل ويُمارس دوره في خدمة الحرمين على رأس الأشهاد، بل وحاصِلاً على اللقب الدِّيني الذي يحمله ملك السعوديّة تلقائيّاً، وهو الحاكم الفعلي للبِلاد، إلا أن عمره الثلاثيني فيما يبدو كما ينقل إلى مسامع “رأي اليوم” لا يزال المانع في تقلُّده حُكم البلاد الديني تحديداً لا السِّياسي.
ظُهور المليك السعودي، وضع كُل شائعات عزله أو تنحّيه لصالح ابنه خلال موسم الحج مهب الرِّيح، لكن تحليل آخر سمعته “رأي اليوم”، يقول أنّ ظُهور الملك سلمان سيتواصل في إطار دوره الديني كخادم للحرمين، على أن يتولّى الأمير بن سلمان قيادة البلاد كملك شرعي خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من هذا العام، على أن يبقى “الإرشاد الديني”، و”خدمة الحرمين” من مهام والده، والتي تتناسب مع عُمره الكبير، والتي كانت صفة كُل الملوك الذين خدموا الحرمين في تاريخ المملكة الحديث، أو ما يُعرف باسم “الدولة السعوديّة الثالثة”.
فرضيّة تحليليّة أُخرى، لا يستبعدها أحد المُتحدِّثين لـ”رأي اليوم” “الدائمين” في الداخل السعودي، تقول أنّ اعتقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب، ليس فقط لانتقاده المُنكرات في خطبة شهيرة بحضرة الحجيج، بل هي تهيئة لإسكات كُل أصوات المُعترضين المُؤثِّرين من بقايا المُؤسّسة الدينيّة على تولّي بن سلمان مهام خدمة الحرمين، فالأمير الشاب كما يقول المُتحدِّث “انفتاحي” لا يتوانى في “تحطيم” الخُطوط الحمراء” التي تمنع استمرار حكمه، ورؤيته، سواء كانت نقداً، أو اعتراضاً فعليّاً، وليس من أمر أو شخص يُمكنه إقناعه بعدم صوابيّة قراره بحكم السعوديّة دينيّاً، وسياسيّاً، ولو تحوّل والده ذاته لتلك العقبة التي سيُزيلها، بحُكم القدر، أو بأحكامٍ أًخرى أخفّها وطأة التنحّي العلني من الملك ذاته لابنه.
قد ينتهي الحال بالفعل بالامير بن سلمان أخيراً، ملكاً مُتوّجاً على العربيّة السعوديّة، كأصغر ملك شاب يعتلي العرش السعودي على مر تأسيس المملكة الوهابيّة، لكن يبقى السُّؤال وفق مُعارضون، ومراقبون، هل يُمكن له أن يستمر في حُكم البٍلاد، وجميع نُخبها، وأصواتها، ورجالها خلف قضبان السُّجون، وإمّا فارق الحياة تحت التعذيب
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |