تلفزيون نابلس
السعوديون على صوت رجل واحد: "العباءةُ شَريعةٌ يا عَلماني".. مُغرِّدون يُقسِمون بالتمسُّك بالعَباءة السوداء
3/23/2018 8:04:00 PM

 يبدو أن “حُريّة” الغرب، ووسائل إعلامه، قد أغرت حُكومة العربيّة السعوديّة، بِرَفع سَقف الجُرأة، والحديث “العلماني” المُنفتح عن المرأة بحَضرة القناة الأمريكيّة (CBS) وأمام إمرأة مُذيعة كاشفة الوجه، وبغير اللِّباس الشرعيّ المألوف، ونفي السلطات وجود قوانين على لسان ولي العهد الجديد في بلاد تُلزمها ارتداء العباءة السوداء، وتركه القرار للنساء ليُحدِّدن نوع الرداء اللائق والمُحترم، قد يكون مِثالاً على النوايا الانفتاحيّة القادمة.

الرأي العام السعودي فيما يبدو استشعر هذه النوايا، وفي وسم “هاشتاق” مُتحدٍّ وعلى قول رجلٍ واحِد، اندفع إلى الغضب والامتعاض، وعلى وقع تصريحات عُليا تكشف هذه النوايا، وعلى غير العادة، وُجِّهت سِهام النَّقد الشعبيّة “افتراضيّاً” إلى القيادة السعوديّة شخصيّاً، وعبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، ضمن وسم جريء، وخرجت تغريداته الغاضِبة عن السيطرة، تحت عنوان واضح ومُوجّه ضد تصريحات نوايا السماح بخلع العباءة: “العباءة شريعة يا علماني”، وهو الوسم الذي تصدّر خلال إعداد هذا التقرير قائمة الترند السعوديّة المحليّة.

الصَّمت الذي تُراهِن عليه السلطات السعوديّة بِفِعل الخَوف، يبدو كما يقول صحافيون تحدّثوا أنه بدأ تتخلخل أركانه ولو افتراضيّاً، بدليل هذه “الصحوة” برغم القبضة الأمنيّة، وترهيب المُعترضين، والشارع الافتراضي السعودي “التويتري” ربّما سيكون له تأثيره بتدريج تصاعدي، إن بدأ “الانفتاح” يُهدّد ثوابت وضوابط الشريعة الإسلاميّة التي اعتادها القوم بتصريحات “فجّة” يتبعها تطبيق فعلي إجباري، حتى الوصول مثلاً لمنع العباءة السوداء نهائيّاً، تماماً كما كان ارتداؤها شرطاً من شُروط الحياة للنساء على الأراضي السعوديّة، وهذا على عَكس ما يُروَّج له من مُرور عصر الانفتاح، دون صِدامات تُذكَر.

تفاعل الشعب مع بعض الانفتاح، لا يعني بالضرورة انسياق تام لحُكم الرؤية الجديدة، فالبعض يعتقد للوهلة الأولى أن الرؤية تقوم على الضوابط الشرعيّة، ولن تنساق إلى ما تُريده الولايات المتحدة الأمريكيّة تماماً من انفتاح يُخالف الشريعة، ولكن يبدو أن البِلاد ستُقدّم على طبقٍ من ذهب لها، حين تجرّأت بلاد الحرمين على أكثر ثوابث الأُمة السعوديّة خُصوصيّة، برغم تحفّظ البعض عليها، كما تُغفَل الرؤية حقيقة يقول باحثون في الشريعة، مدى تغلغل “الوهابيّة” في الأدمغة، والتي ترى أن على المرأة التزام بيتها، فكيف بخُروجِها عن حِشمَتِها، والحِشمة بالمَفهوم السعودي، تَعني النِّقاب واللَّون الأسود القاتِم، الذي يَحجِب المَرأة كلها، وليس فقط مفاتِنها.

الفارق الأساسي برأي مراقبين، بين تحالف المملكة مع أمريكا بقيادة المُلوك الراحلين الذي سبقوا القيادة الشابّة، هو أنهم كانوا حُلفاء بالسياسات الخارجيّة، لكنّهم كانوا حريصين على ثوابت المُجتمع الدينيّة، وكان من الصَّعب على أكثرهِم انفتاحاً الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يخطو خطوة السماح للمرأة بالقيادة، وهو الذي كان قد أدخلها مجلس الشورى، ووصفت خُطوته في حينها بالجريئة، وحتى الخارجة في أوساط الإسلاميين المُتشدِّدين.

يستغل التيّار الإسلامي هذا الغضب الشعبي آخر فُرص عودته للحياة غير المسبوق ربّما، ويدفع باتجاه الضغط على عدم مُصادرة على الأقل وجوده، مع تردّد الأنباء عن نيّة إعلان إلغاء الهيئة والمُؤسّسة الدينيّة تماماً، خاصّةً أن حُضور رجال هذه المُوسّسة المُؤثّر اقتصر على السجون، أو في مَوضِع آخر السمع والطاعة لولي الأمر، وهو ما ظهر في حسابات إسلاميّة بعينها كمحسن الشهري وفاضل الزهراني (دُعاة)، استعرضت محاسن وأفضال عهد الشيوخ والدعاة، وسطوتهم التي كانت قائمة، وقارنتها بالفِسق والفُجور الحاصِل في العهد الجديد.

تغريدات انفعاليّة الوسم الهُجومي على النوايا الانفتاحيّة المُتعلّقة بالمرأة، فقال كبرياء شمري: اقسم بالله ثم اقسم بالله مادام راسي يشم الهواء ان اهلي وحتى زوجتي راح يلبسون العبايه وماراح يتركونها، الدين عندنا هو سيد الفضايل، مهما تحاولون من التقليل من العبايه وحكمها؟ مارااااح نتركها وموت بغيضكم، عبدالرحمن بن عبدالعزيز علّق: (ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ٥٩ هُنا ينتهي الكلام والنقاش فالمسألة ليست خلافية إنما هي ثابته بالقرأن والسنة إنتهى”، أما فهد العنزي فقال: “المرأة المحجبة في نعيم لأن لا يستطيع أحد أن يقترب منها ويضايقها ولكن بالمقابل المرأة المتبرجة تتعرض لمضايقات وكأنها في عذاب وهذا ملاحظ في المولات وفي الممشى”.

وتداولت بعض حسابات النشطاء، مقاطع عدّة للشيخ عبدالعزيز الطريفي، والمُعتقل في السجون السعوديّة، وحديثه عن حكم تغطية وجه المرأة، وحِشمتها، وتحذيره من الدعوات العلمانيّة التي تبدأ بسُفورها، كما أكّد البعض أن سبب اعتقاله بات واضِحاً الآن، وطالبوا السلطات بالإفراج عنه.

وفي مُقابل هذه الهجمة الشعبيّة اللافتة، رد المُدافعون عن الرؤية، بوسم مُضاد حمل عُنوان “أنا أؤمن بالرؤية”، ونُشِرت فيه آلاف التغريدات المُؤيّدة لها، وخَطواتِها الانفتاحيّة، وهو ما اعتبره مُعارضون، دليلاً على التأثير الشعبي إن أراد، والخوف الذي حقّقه في صُفوف السُّلطات من الوقوف ضِد عَلمانيّة العهد الجديد، حتى وإن فرضها بقُوّة القبضة الحديديّة، حيث لا يتوقّع مراقبون أي تراجع عن القرارات الانفتاحيّة التي تم اتخاذها.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة