تلفزيون نابلس
ماذا قال بشار الأسد لعميل الموساد؟
11/30/2017 10:06:00 PM

 يُعرف جهاز الموساد الإسرائيلي أنه لا يتورع عن استخدام أي وسيلة من أجل تنفيذ مهام، مثل الاغتيالات واختطاف قياديين، أو حتى الوصول إلى زعماء دول، بينها دول عربية، ومحاولة إيهامهم بتحولات سياسية.

 ومن أجل تحقيق ذلك يتعاون الموساد مع جهات عديدة بينها جهات مشبوهة ومنظمات إجرامية ومحتالون دوليون. ويعتقد الكثيرون أن في ذلك بعض المبالغة، لكن برنامج التحقيقات "عوفداه" (حقيقة) الذي تبثه القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي كشف جانبا من أساليب عمل الموساد، من خلال مقابلة مطولة مع رجل الأعمال الكندي – اليهودي وعميل الموساد، ناتان جيكوبسون.

بدأ جيكوبسون (62 عاما)، المولود في كندا وله علاقات متينة في إسرائيل وخدم في جيشها، أعماله التجارية في روسيا، بالتزامن مع انهيار الاتحاد السوفييتي، في تسعينيات القرن الماضي. عندها تحول إلى رجل ثري، من خلال بيع سيارات أميركية محصنة للأثرياء الروس الجدد الذين أصبحوا يملكون رؤوس أموال من انهيار الاتحاد السوفييتي. وأقام في روسيا 600 محطة وقود يعمل فيها 1800 عامل. ومن خلال أعماله هذه، تعرف جيكوبسون على المافيا الروسية، حيث مارس أعمالا مشبوهة، بينها جباية عمولات من اتصالات مواطنين بمواقع إباحية.

ووفقا للتحقيق التلفزيوني، فإن بداية علاقات جيكوبسون مع أجهزة الاستخبارات كانت مع المخابرات الكندية، التي أبدت اهتماما بعلاقاته مع رجال أعمال روس.

 

وقال جيكوبسون إن الاتصال الأول مع الموساد بدأ باتصال من القنصلية الإسرائيلية في تورنتو، حيث قال له مندوب الموساد هناك إن بإمكان جيكوبسون أن يساعد الموساد كثيرا من خلال علاقاته. بعد ذلك اتصل به أودي ليفي، قائد وحدة "تسيلتسال" في الموساد، وهي وحدة تتعقب أموال المنظمات الفلسطينية وحزب الله وغيرها. وأضاف جيكوبسون إنه اصطحب ليفي إلى "بنك نوفا سكوتيا" الكندي للقاء نائب مدير البنك، حيث عرّف ليفي على نفسه بأنه ضابط في الموساد، قبل أن يبدأ تهديده للمسؤول في البنك الكندي، بأن حزب الله هو "اليوم أكبر وكيل للكوكايين من أميركا الجنوبية. وإذا استخدم حزب الله هذا البنك فإنكم ستكونون متهمين". وأضاف أن الخوف كان ظاهرا على نائب مدير البنك.

مهمة في دمشق

في صيف العام 2007، أي بعد عام على حرب لبنان الثانية، كلف رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، ايهود أولمرت، جيكوبسون بمهمة سرية، حيث التحق برجل إسرائيلي – كندي آخر في دمشق يدعى موشيه رونين، وهو قيادي معروف في المجتمع اليهودي في كندا، ولديه شبكة علاقات واسعة مع الوسط التجاري الإسرائيلي. ويتوجه الاثنان إلى مهمتهما السرية في القصر الرئاسي في دمشق.

وقال جيكوبسون إنه في الطريق إلى القصر الرئاسي "كنا داخل سيارة مرسيدس، وسيارة أمامنا وأخرى خلفنا ودراجات نارية إلى جانبنا، حتى وصلنا إلى قصر الرئيس (بشار الأسد)، وامتد الاجتماع ساعتين ونصف الساعة. يهوديان كنديان يحملان جواز سفر إسرائيلي ورئيس سورية".

وبحسب جيكوبسون فإن "الأسد قال لنا: فكروا ماذا بإمكان أن يحقق السلام بين دولتينا. بين الخبرات التكنولوجية الإسرائيلية والقوى البشرية لدي. تخيل أية قوة سنكون". لكن جيكوبسون لم يتحدث أكثر من ذلك عن هذه الزيارة.

مهمة ضد إيران

بعد زيارة دمشق، قال جيكوبسون إن علاقته مع رئيس الموساد في حينه، مئير داغان، توطدت كثيرا: "لقد عملت مقابل داغان.والاجتماعات الهامة كانت بيني وبين داغان". وأشار إلى أن داغان علّق في مكتبه صورة لجده قبل مقتله على أيدي النازيين، وإلى جانبها بندقية "كلاشنيكوف من ذهب كانت لصدام حسين"، الرئيس العراقي الأسبق.

وأضاف أنه من أجل أن يصل إلى معلومات من داخل إيران وتنفيذ عمليات فيها، بحث داغان عن علاقات مع الأثرياء الروس الجدد (أوليغارش)، وكلف جيكوبسون بهذه المهمة. وقال الأخير إنه يتم البحث عن أشخاص كهؤلاء لديهم أعمال داخل إيران، وأنه "أنا أيضا لدي علاقاتي الخاصة وهي هي علاقات مباشرة داخل إيران. وقد زرت إيران وأبرمت صفقات هناك، وكانت النية، منذ البداية، أن تخدم هذه العلاقات إسرائيل".

وتابع جيكوبسون أنه "بعد أن خطفنا المهندس النووي من إيران، وهو من غزة بالأصل (ضرار أبو سيسي)، وقد خطفناه من أوكرانيا، بفضل مساعدة ’ر’، وهو أوليغارش يعتبر من أبرز رجالات المافيا في أوكرانيا. وأنا عرّفت داغان على ’ر’، الذي كانت لديه علاقات مع العالم السفلي. فإذا، بإمكان ’ر’ أن يفعل أمورا كهذه". وأوضح جيكوبسون أن "الموساد بحاجة لأشخاص من عدة أنواع كي ينفذ مهماته".

 

مهمة في دبي

قال جيكوبسون "إنني أعرف كل شيء عن دبي، من الألف إلى الياء"، وذلك في سياق الحديث عن اغتيال عملاء الموساد للقيادي في حركة حماس، محمود المبحوح، في دبي. ولم يحرك جيكوبسون ساكنا عندما سُئل عن أنه يقال إنه استأجر الغرف الفندقية لعملاء الموساد الذين نفذوا الاغتيال، وإنما قال: "بإمكانهم أن يقولوا ما يريدون".

وبحسب التحقيق التلفزيوني، فإن لجيكوبسون كان دورا كبيرا وعميقا في عملية اغتيال المبحوح. وقال جيكوبسون إنه "حدثت أخطاء كثيرة جدا في هذه العملية. وقد تحدثت مع داغان حول ذلك".

تقرب من القيادة الإسرائيلية.. رشاوى ولوائح اتهام

عرض البرنامج التلفزيوني وثائق تبين تم تجنيد أوليغارشيين للموساد في حربه ضد البرنامج النووي الإيراني. وتظهر الوثائق الرحلات الجوية لجيكوبسون كي يلتقي مع قيادة الموساد في أوروبا وإسرائيل.

وكان الموساد على علم بكافة لوائح الاتهام في إسرائيل ودول أخرى، بينها الولايات المتحدة. من جهة أخرى كان جيكوبسون يقيم علاقات متينة مع قياديين في إسرائيل، بينهم رئيس الحكومة الأسبق، ايهود أولمرت، والحالي، بنيامين نتنياهو. وقد منح شقيق أولمرت، يوسي، مبلغا من المال، ومنح مدير مكتب نتنياهو، آري هارو، مبلغ 135 ألف دولار. وهارو هو اليوم شاهد ملك في قضايا ضد نتنياهو.

وقال جيكوبسون إن حاخام "الحائط المبكى"، شموئيل رابينوفيتش، طلب منه المال وأنه أعطاه عشرين ألف دولار. كذلك تبرع بمبلغ 343 ألف شاقل لجمعية أقامها الوزير تساحي هنغبي من أجل تمويل مصاريف محاكمته بعد اتهامه بتعيينات سياسية، وبعد أن طلب هنغبي منه مساعدة مالية. كما تبرع بمبلغ 35 ألف شاقل لعضو الكنيست أفي ديختر، رئيس الشاباك الأسبق. وقال جيكوبسون إن "الحاخام طلب المساعدة. بدون خجل. هذا أثار اشمئزازي. إنهم فاسدون قبل أن التقوا بي".

 

واتهم جيكوبسون بدفع رشاوى إلى مسؤولين في شركة بطاقات الائتمان الإسرائيلية بملايين الشواقل. لكن التحقيق الصحفي أفاد بأن الموساد طلب من محققي الشرطة ألا يتعاملوا معه بعدائية، وبعد ذلك تمت تبرئة جيكوبسون، لكن في المقابل تمت إدانة المرتشين.

وفي حالة أخرى، تورط جيكوبسون في مخالفات تبييض أموال بعشرات ملايين الدولارات التي جناها من عمليات بيع أدوية عبر الانترنت وبشكل مخالف للقانون لأنها لم تخضع لأية رقابة. وتم تقديم لوائح اتهام ضده بعد تسليمه من كندا إلى الولايات المتحدة. وقال جيكوبسون إنه ضابطان من وكالة الاستخبارات المركزية حققا معه حول علاقاته مع الموساد، وقال إنه لم يعترف بأي شيء. وتم زجه في زنزانة انفرادية لمدة أسبوع.

ووفقا للتحقيق الصحفي، فإن الجميع كان يعلم بعلاقاته مع الموساد، وخاصة جهاز مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وأن جيكوبسون نفسه كان يعلم أن "ما سينقذه سيورط إسرائيل". في النهاية أصدرت المحكمة الفدرالية في كاليفورنيا قرارا بتبرئته وإلغاء كافة الاتهامات ضده..


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة