تلفزيون نابلس
الشعرات المحمدية.. مسكٌ يفوح من نابلس مرة كل عام
6/24/2017 2:57:00 PM

غسان الكتوت/ الرواد للصحافة والإعلام - بينما كانت أسواق مدينة نابلس تعج بالمتسوقين استعدادا لعيد الفطر المبارك، كان المسجد الحنبلي ببلدتها القديمة يكتظ بالمصلين الذين جاؤوا ظهيرة يوم السابع والعشرين من شهر رمضان لتكحيل عيونهم بالشعرات المحمدية، في تقليد توارثته الاجيال لأكثر من قرن من الزمان.

بعد فراغ المصلين من صلاتهم، كانت الانظار تتجه صوب غرفة جانبية داخل المسجد، وما أن خرج الدكتور رشيد البيطار، الوصي على الشعرات المحمدية، حاملا قارورة زجاجية ملفوفة بقطعة قماش بيضاء، حتى ضج المسجد بالصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم.

حمل أحد أبناء عائلة البيطار القارورة الزجاجية التي تحتوي على ثلاث شعرات محمدية، وأخذ يمررها بين المصلين، فيما كان رجل آخر يسبقه لتعطير أيادي المصلين قبل لمسهم للقارورة.

وعلى كرسيه داخل المسجد جلس المواطن محمود سالم (67 عاما) ينتظر دوره ليتبرك بالأثر النبوي وقلبه يخفق شوقا له، وما أن وصلت الشعرات إليه حتى انهمرت دموعه بغزارة، وانكب عليها تقبيلا ومسحا على وجهه بها.

وقال سالم الذي أعياه المرض، أنه يلتمس الشفاء من الله تعالى ببركة الشعرات المحمدية، مضيفا أنه داوم منذ صغره على حضور هذه الاحتفالية السنوية.

أما الشاب تيسير عبد الله من قلقيلية، فقال أنه سمع منذ سنوات بوجود هذه الشعرات في نابلس، لكن الظروف لم تساعده في السنوات الماضية للحضور الى نابلس في مثل هذا اليوم.

وعبر عن فرحته الغامرة برؤية الشعرات، وقال: "الحمد لله الذي أكرمني برؤية هذا الاثر النبوي"، مبينا ان الاهتمام بهذه الشعرات ليس لذاتها، بل احتفاء بصاحبها وهو النبي عليه الصلاة والسلام.

وفي الطابق العلوي من المسجد، كانت مئات النسوة ينتظرن على أحر من الجمر انتهاء الرجال من تقبيل الشعرات، لتنقل بعدها إليهن لينلن شرف تقبيلها أيضا.

وتحفظ الشعرات المحمدية داخل خزنة حديدية في المسجد الحنبلي منذ أن وصلت إليه قبل اكثر من 103 سنوات.

وقال الدكتور عبد الرحيم الحنبلي الذي تولت عائلته الإمامة بالمسجد الحنبلي منذ مئات السنين، أن هذه الشعرات أهداها السلطان العثماني محمد رشاد الخامس لمدينة نابلس عام 1330 هجرية الموافق لعام 1914 ميلادية، إكراما لعلماء نابلس المعتمدين لدى الباب العالي، خاصة الشيخ منيب هاشم مفتي الدولة العثمانية في حينه.

وأوضح أن السلطان العثماني، وعندما شعر بالخطر المحدق بدولة الخلافة، عمد إلى إهداء مجموعة من الشعرات المحمدية لكل من دمشق والقدس ونابلس، حفاظا عليها من الضياع.

وأشار إلى أن مدينة نابلس خرجت عن بكرة أبيها الى منطقة وادي التفاح غربي المدينة لاستقبال هذا الأثر النبوي الذي جاء يحمله حيدر طوقان قادما من الأستانة، حيث تسلمه منه نقيب الإشراف الشيخ رفعت تفاحة الحسيني ومعه العلماء والزعماء ووجهاء المدينة.

وقال أن السلطان العثماني أوكل إلى قاضي نابلس الشيخ الراحل رشيد البيطار ولذريته من بعده، مهمة رعاية وكفالة هذا الأثر النبوي والإشراف على تقبيل المواطنين له في شهر رمضان من كل عام.

وبيّن أن اختيار يوم السابع والعشرين من رمضان يعود لكون الناس قد خرجوا لتوّهم من ليلة القدر، وقد غسلت ذنوبهم وطهرت قلوبهم.

واشار الحنبلي الى ان الاحتفاء بهذه الشعرات كل سنة يأتي تعبيرا عن حب اهالي نابلس لنبي الامة، وطلبا للبركة والشفاء، مبينا انه ثبت في كتب السنة أن ام المؤمنين "أم سلمة" التي كانت تحتفظ بهذه الشعرات كانت تضعها في الماء وتسقيه للمرضى فيحصلون على الشفاء باذن الله.

واستذكر الحنبلي انه عندما وصلت هذه الشعرات الى المسجد الحنبلي، تجمعت حشود كبيرة داخل المسجد، وصعد بعضهم على المنبر لرؤية الشعرات، فانهار جزء من المنبر على الناس، لكن احدا لم يصب بأذى، مرجعا ذلك لبركة هذه الشعرات.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة