تلفزيون نابلس
الفلسطينيون في مواجهة اليمين الفاشي ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني
4/8/2023 1:52:00 AM

المحامي علي أبو حبله

تصعيد إسرائيلي غير مسبوق يفرض نفسه ضمن محاولة فرض أمر واقع جديد يمس بمكانة وقدسية المسجد الأقصى، المستوطنون الصهاينة في اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المتكررة تأتي في سياق تنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى تحت حماية سلطات الاحتلال الذين يدفعون إلى توتير الأجواء ويدفعون لحرب دينيه.

شكلت عملية اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلّى القبلي في المسجد الأقصى ومهاجمة  مئات الفلسطينيين المعتكفين والقيام بأعمال التنكيل الجماعي حيث  استخدمت فيها الهراوات وأعقاب البنادق والقنابل الغازية والصوتية والرصاص المطاطي واقتيادهم  قرابة 500 فلسطيني إلى  مراكز التحقيق حيث تم اعتقالهم.

ما أقدمت عليه قوات الاحتلال تعد جريمة ترقى لمستوى جرائم حرب وهي جريمة الاعتداء على المعتكفين داخل المسجد الأقصى، هذه الوحشية بهذا الإجرام تعد أحداث غير مسبوقة في استباحة حرمة الأماكن الدينية والاعتداء على المصلين داخل المسجد، هذه المشاهد التي تنفذها  قوات الاحتلال  وبهذه الوحشية ضد مصلّين يعتكفون في شهر مقدّس للتعبّد لربهم، ما يدفع للتساؤل عن مبرر لهذه الفظاعة والتجرّد عن الإنسانية وامتحان قدرة البشر على التحمل .

ما حدث جريمة بكل معنى الكلمة هزت مشاعر المسلمين وغير المسلمين  والتصريحات الصادرة عن المؤسسات الدولية والعربية والبيانات هي انعكاس لحالة القلق التي تسود عواصم عربيه ودوليه تعكسها التصريحات الكثيرة التي صدرت عن المنظومة الدولية والعربية، ويأتي  تصريح مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، تور وينسلاند، ليعبر عن حالة القلق والانزعاج من فظاعة ما ارتكبته قوات الاحتلال والمستوطنين بحق المصلين "  لافتا في استخدام صورة إنسانية، وليس سياسية فحسب، لما حصل بالقول إنه «مفزوع من الصور التي أظهرت قيام أفراد الشرطة الإسرائيلية بضرب المصلين داخل المسجد الأقصى "

ويأتي التنكيل الإسرائيلي بالمصلّين في ظل  ما اصطلح على تسميته بفترة التهدئة التي تم التوصل اليها في قمة العقبة وشرم الشيخ وهي تهدئه جنح إليها نتنياهو لترتيب أوراقه من جديد قبل استكمال انقلابه القضائي، والتي كان الثمن الأول المدفوع منها لأحزاب اليمين الديني الصهيوني هو تعهد نتنياهو بإنشاء ميليشيا خاصة يديرها بن غفير، إضافة إلى كونه وزيرا للأمن الداخلي، والذي كانت آخر طلباته عقد اجتماع طارئ للكابينت الإسرائيلي، الذي لم يعقد منذ شهرين، لاعتماد حملة اغتيالات ضد قادة المقاومة الفلسطينية، فيما دعا وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش إلى شن عملية جديدة تحت مسمى  " السور الواقي 2 "  في الضفة الغربية  تبدأ في شمال الضفة الغربية

عملية التنكيل والهجمة الهمجية على الفلسطينيين بهذه الصورة، محاولة للهروب من أزمات نتنياهو الداخلية، كما ارتأت في ذلك بعض التحليلات.

الإحداث تكاد تتكرر سنويا وهي في سياق استمرار لسياسة إسرائيلية عامة، فما حدث ليلة الثلاثاء فجر الأربعاء حدث مثله يوم 15 نيسان/ابريل من العام الماضي، حيث تعرّض المسجد لهجوم مشابه بهدف تفريغه قبيل حلول عيد الفصح اليهودي، الذي تحوّل إلى أحد أكبر المناسبات المستخدمة لتهويد أولى القبلتين.

ما يجري على أرض الواقع  تكريس لسياسة  ونهج ما دأبت عليه الحكومات الإسرائيلية بفارق أن  برنامج حكومة نتنياهو، وائتلافه الذي تغلب عليه الأحزاب العنصرية المتطرّفة الفاشية ، والتي تمارس سياسة  التطهير العرقي ، وسياسة التمييز العنصري والإبادة، وتسعى لتكريس سياسة الاحتلال والاستيطان ، والتطلع للتوسع والتمدد  حيث ما فجّره ظهور سموتريتش خلف منصّة تحمل صورة كامل فلسطين والأردن ضمن  ما يعرف عنه إسرائيل الكبرى ، كما تتضمن خططها إزالة معالم " الخط الأخضر"  وهو خط وهمي رسمه الاحتلال كفاصل بين أراضي الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1967 عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948، وبرنامج حكومة الائتلاف الصهيوني  الفاشي يسعى  إلى  إضعاف السلطة الفلسطينية وتفكيك منظومتها ضمن مخطط يقود لتكريس اللامركزية  يفضي بنتيجته ومحصلته لتدمير رؤيا الدولتين  

بات مطلوب من الدول العربية والمجتمع الدولي اتخاذ قرارات وإجراءات رادعه ضد هذه الحكومة الفاشية التي تسعى من خلال جرائمها تصدير أزماتها الداخلية وإشعال نيران الحروب وتهديد الأمن والسلم الإقليمي وما شهدته المنطقة من تصعيد بعدوان إسرائيل على غزه وجنوب لبنان يدلل على خطورة الأوضاع ويخشى من تدحرج الأوضاع لحرب مفتوحة   .

إن   مجلس الأمن مطالب  " بتحمّل كامل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والإنسانية " لوضع حد لعدوانية وجرائم حكومة الائتلاف اليمينية الفاشية وسرعة اتخاذ الإجراءات والقرارات التي تكفل تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ووقف التعاطي بسياسة الكيل بمكيالين وهو ما دعا حكومة الائتلاف الفاشية للتمادي في جرائمها.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة