تلفزيون نابلس
قصي التميمي.. استشهد بين يدي شقيقه
10/25/2022 7:27:00 PM

معن الريماوي - لم تتمالك سحر التميمي نفسها عندما أدخل المشيعون جثمان نجلها قصي للبيت، انهارت على الأرض وأخذت تتحسس جسده البارد، ثم وضعت قبلة على جبينه، وقالت: "نلت الشهادة يما".

أخذت النساء تهتف بصوت عالٍ، وتعالت الزغاريد والصراخ في المكان. وضعت سحر رأسها على كتف زوجها، وراحت تنظر لقصي، وتمتمت بكلام.

أمسكت إحدى النساء بسحر وأوقفتها واحتضنتها لتخفف عنها مصابها، قبل أن يخرج المشيعون جثمانه من بيته للمرة الأخيرة.

عند الثانية فجرًا، اندلعت مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال، حينها طلب ماهر من شقيقه قصي التراجع للخلف عندما بدأ الجنود بالاقتراب، لكن قصي بقي مكانه، الى أن أطلق قناص إسرائيلي من داخل البرج العسكري المقام على مدخل قريته النبي صالح، شمال غرب رام الله، 4 رصاصات استقرت في صدره.

انطلق ماهر مسرعًا نحو شقيقه وضمه بين يديه، وهو يبكي ويقول "لا تخف يا حبيبي"، ليرد عليه قصي "ما بشعر بجسمي وأقدامي"، إلى أن فاضت روحه، واستشهد على الفور.

لم يستطع ماهر إكمال حديثه، وأخذ بالبكاء، أثناء حديثه عن لحظة استشهاد شقيقه.

عاد ماهر وأكمل "ضممته بقوة وأنا أصرخ طالبًا سيارة توصلنا للمستشفى وأنا أعلم علم اليقين أن قصي استشهد ولن يعود أبدًا".

وتساءل "هل هناك شيء في الدنيا أصعب من أن يستشهد أخوك وروحك الأخرى بين يديك، وأنت تنظر إليه.. هو قطعة من روحي، وصديقي، وكل حياتي".

نقل قصي لمستشفى سلفيت الحكومي، وأعلن لاحقا عن استشهاده.

سحر والدة الشهيد قالت: "من الأمس وحتى الفجر، وأنا أشعر بهمّ على قلبي، وكنت متضايقة جدًا دون سبب، ولم أستطع أن أنام. وفجأة سمعت صوتا في الخارج، نظرت من الشباك المطل على الشارع الرئيسي، لأجد أربعة شبان يقفون على مدخل القرية، وفي الجهة الأخرى جنود الاحتلال. نظرت جيدًا لأجد ابني ماهر، وشابا آخر في المقدمة لم أعرفه".

وتابعت: "سمعت صوت رصاص، ووقع ذلك الشاب أرضًا، دون أن أعرف أنه قصي، وعلى الفور توجهت لغرفة الأولاد، فلم أجد قصي ولا ماهر، فأيقظت زوجي، وأخبرته أن أحدهم قد أصيب، وأن الأولاد غير موجودين في البيت، وبعدها علمت باستشهاد قصي".

وتضيف: كان هادئا جدًا، يحب المزاح، يضحك دائما. هو الأوسط بين إخوته وأخواته، كان حنونا يحب شقيقاته جدًا.

محمود والد الشهيد قال: "الاحتلال لم يمهل ابني دقائق، كان يقف ومعه بضعة شبان عند مدخل القرية احتجاجًا على المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مدينة نابلس فجرًا، وأطلق النار عليه".

وتابع: عندما أيقظتني أمه، كانت لدي قناعة كاملة أن من أصيب هو أحد أبنائي وأنه سيستشهد، ولن يصل للمستشفى حيًا، وعندما خرجت عرفت أن المصاب هو ابني قصي، وأنه جرى نقله للمستشفى، لكن كانت الروح الطاهرة قد فاضت إلى بارئها قبل أن ألحق بهم".

وأكمل: "نحن لا نملك أن نقدم للوطن ولا للقضية إلا هذا الدم الزكي، شقيقي بكر استشهد عام 1984 وكنت ابن 20 عاما، وأنا اليوم أودع ابني وفلذة كبدي وأنا على أعتاب الـ 60 عاما، ونحن على استعداد أن نقدم الغالي لأجل أن نمتلك وطنا مستقلا".

وأردف: "قصي أنهى الثانوية العامة العام الماضي، وعمل في أحد المطاعم بمدينة رام الله لفترة. كان محبوبًا في القرية، ولم يطمح أبدًا لامتلاك سيارة، أو بيت، أو أن يعد للمستقبل، بل كان يطمح للشهادة، وقد نالها"

وكالة وفا

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة