تلفزيون نابلس
أبو علي.. أصغر فرّان في نابلس
3/4/2022 7:11:00 PM

نابلس – عماد سعادة – في وسط السوق الشرقي الشعبي داخل بلدة نابلس القديمة، يقف فَرّانٌ في مقتبل العمر أمام بيت النار في فرنه الشعبي، يعد المناقيش والمعجنات المختلفة وصواني اللحوم والخضار، ويتأكد من نضجها قبل أن يسلمها لزبائنه، فيما لا تفارق ابتسامته وجهه المعفر بذرّات الطحين.

ويقول الفرّان الشاب نور شهاب (22 عامًا) والذي يعرفه الجميع بـ (أبو علي)، إنه أصغر فرّان في نابلس، وأنه امتهن عمله هذا منذا منذ كان طفلًا في العاشرة من عمره.

وينصح (أبو علي) أقرانه من شباب اليوم بـ “التشمير” عن سواعدهم، ومحاولة خلق فرص عملهم بأنفسهم، مؤكدًا بأن الاكتفاء بإمعان النظر في شهاداتهم الاكاديمية المعلقة على حيطان البطالة لا يطعمهم خبزًا، ولا يبني لهم مستقبلًا، لذا عليهم التحرك قبل فوات الأوان.

ويشير إلى أنه كان قد ترك المدرسة وهو في سن العاشرة من عمره، وكان يقضي كل وقته في اللهو مع أصدقائه، إلى أن اقترح عليه والده أن يتعلم مهنة ما تفيده في مستقبله، وبالفعل فقد أخذه للعمل في فرن لأحد أصدقائه.

ويقول (أبو علي) إن صاحب الفرن أوكل له في البداية أعمال التنظيف وتجهيز الحطب والأخشاب للنار، ومن ثم أخذ يتعلم المهنة شيئًا فشيئًا، وقد ظل يعمل في ذات الفرن نحو 6 سنوات، إلى أن قام صاحب الفرن بإغلاقه لظروف ما.

اضطر (أبو علي) للعمل في عدة أفران أخرى، إلى أن تدخل والده مجددًا فيما يشبه خطة الإنقاذ، واقترح عليه قبل خمس سنوات أن يحوّل محلهم المغلق في منطقة السوق الشرقي إلى فرن خاص بهم، وبالفعل فقد بنى والده الفرن وجهزه بكل لوازمه، واستلمه (أبو علي) إيذانًا ببدء مرحلة جديدة في حياته.

ويوضح أنه كان في البداية قلقًا من احتمال الفشل، إذ إنها المرة الأولى التي يتسلم فيها فرنًا على كامل مسؤوليته، ولكن هذا الخوف ما لبث أن تبدد بعد أن بدأ زبائنه يتزايدون يومًا بعد يوم.

ويكمل (أبو علي) بأنه وعلى رغم حداثة سنّه، فقد بات اليوم مشهورًا، وزبائنه كثر. ويقول إن ما يميز فرنه عن أفران الآخرين هو شمولية وتنوع ما يقدمه، فهو يعد كل أنواع المعجنات والمناقيش التقليدية المختلفة، إضافة للمعجنات.

ويشير إلى أن شباب اليوم يفضلون معجنات البيتزا والنقانق، وإلى جانب ذلك فهو يطهو لزبائنه صواني اللحوم والخضار، ويعد كذلك الخبز التقليدي (الرخو).

ويشير إلى أنه يواجه أحيانًا بعض الصعوبات في عمله، مردُّها إلى بعض الطلبات الغريبة للزبائن، فأحد الزبائن طلب منه أن يشوي له نصف خروف في الفرن. وأضاف بأن آخرين يحضرون أنواعًا من اللحوم تحتاج لوقت طويل حتى تنضج، في حين أن البعض يحضر خلطات غريبة عجيبة.

ويقول (أبو علي) إن الحصول على الحطب للفرن، خاصة في الشتاء، يعد مشكلة، بسبب ندرة الخشب وارتفاع الطلب عليه، لذلك نضطر لجمع الحطب والخشب من هنا وهناك.

وعلى الرغم من التعب والإرهاق الذي يلاقيه خاصة في فصل الصيف حيث يتوجب عليه أن يتحمل لهيب الفرن إلى جانب ارتفاع درجات حرارة الجو، إلّا أن (أبو علي) يبدو في قمة سعادته، لكونه امتلك مشروعه الخاص، الذي أغناه عن العمل لدى الآخرين وجنّبه التعرض لاستغلال أرباب العمل.

ويشير إلى أن شقيقه الأصغر، يعمل على مساعدته حاليًا في الفرن، مبديًا حرصه على تعليمه الصنعة.

ويضيف (أبو علي) ضاحكًا، بأنه عندما يتزوج وينجب أطفالًا في المستقبل، فسيعلّم أحدهم، على الأقل، ذات المهنة.

ويرى بان الشباب اليوم لا يستهويهم العمل اليدوي ولا المهني، وإنما يستهويهم الحصول على الشهادات الاكاديمية، والتي غالبيتها تعلق على الحيطان ولا يجد أصحابها وظائف.

"صحيفة القدس"


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة