تلفزيون نابلس
من احكام الصيام
4/29/2021 3:22:00 AM

 أحكام الدورة الشهرية والصيام

 أجمع أهل العلم على حرمة صيام المرأة حال حيضها، سواء كان صيامَ فرضٍ في رمضان أو صيام نافلة، فإن صامت لم يصحّ صومها، وللعلماء في الحكمة من تحريم صوم الحائض أكثر من رأي

أحدهما أنّ الأمر تعبُّدي لا علاقة له بالطهارة، حيث يصحّ الصوم من الجُنُب

 والرأي الآخر أنّ صوم الحائض فيه ضرر على بدنها؛ إذ يجتمع عليها ألم الحيض، وتعب الصيام.

حكم الطهر من الدورة الشهرية أثناء النهار

 إذا طهرت الحائض خلال نهار رمضان فهي في لزوم الإمساك، وعدمه بين قولَين، كما يأتي:

 القول الأول: يلزم الحائض إذا طهرت خلال نهار رمضان أن تمسك، ويلزمها قضاء هذا اليوم، وهذا مذهب الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد، واحتجّوا لذلك بوجوب صيامها إذا طهرت قبل الفجر، ولذا، إنْ طهرت بعده أمسكت، وقاسوا المسألة على مَن ظهرت له البيّنة برؤية الهلال فيلزمه الإمساك مع القضاء، وهي كذلك تحقّق لها الطّهر؛ فلزمها الإمساك مع القضاء.

القول الثاني: لا يلزم الحائض إذا طهرت أن تمسك خلال نهار رمضان، وهذا مذهب المالكية والشافعية، ورواية عن الإمام أحمد، وحجّتهم في ذلك أنّ إباحة الفطر لها في أول النهار أباح لها أن تستديم الفطر إلى آخره كما لو أنّ العذر استمرّ معها، ولأنّ العلماء اتّفقوا على وجوب قضاء هذا اليوم على الحائض، فيصحّ أنّها غير صائمة، فلا معنى لإمساكها، وهي بذلك لا تعصي الله في ترك الصيام، ولا تؤدّي بصيامها فرضاً لله، واليوم وحدة كاملة، والصيام فيه عبادة واحدة؛ فإن فسد آخره، فسد أوّله، والعكس صحيح.

حكم تناول أدوية تأخير الدورة الشهرية في رمضان

يجوز للمرأة أخذ أدوية لتأخير الدورة إن لم يكن ثمة ضرر عليها، أما في حالة كان الدواء يسبب ضرراً عند أخذه فيعد تناوله من الأمور المحرمة وهذا ما يحدده الطبيب، وفي حالة تم أخذ الدواء فإن الصوم في حالة تأخر الدورة الشهرية صحيح إذ لا علاقة بين حكم أخذ الدواء وصحة الصيام، ومن الأفضل للمرأة أن تترك الأمور على طبيعتها كما أرادها الله.

هل يُشترَط الاغتسال من الدورة الشهرية لصحة الصوم

ذهب جمهور الفقهاء إلى صحة صيام الحائض إذا طهرت من الحيض قبل الفجر، حتى وإن لم تغتسل، واستدلوا على ذلك بقوله -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) ووجه الاستدلال في ذلك أنّ للرجل أن يباشر زوجته حتى يطلع الفجر، وهذا يقتضي أن يكون الاغتسال بعد الفجر، وصيامه صحيح.

 حكم صيام المُستحاضة

 الاستحاضة تعني: استمرار نزول الدم على الحائض بعد انقضاء مدّة حيضها المعتادة، والدم الذي ينزل عليها هو دم نزيف، أو ما يُعرَف بدم الاستحاضة؛ فإن كانت دورتها الشهرية منتظمة؛ بحيث يكون لها عدد ثابت من الأيّام، وتنزل في وقت ثابت، فإنّها تتطهّر، وتصوم، وتُصلّي حال انقضاء مدّة دورتها، حتى وإن نزل عليها دم الاستحاضة؛ إذ إنّ سببه قد يكون مرضاً، او إجهاداً، وما إلى غير ذلك من الأسباب، ولا يمنع نزول دم الاستحاضة المرأةَ من أداء العبادات، وحُكمها حُكم الطاهرة؛ ودليل ذلك الحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت: (جَاءَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ، وليسَ بحَيْضٍ، فَإِذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي - قالَ: وقالَ أبِي: - ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حتَّى يَجِيءَ ذلكَ الوَقْتُ.)

ويمكن للمرأة أن تُميّز دم الحيض عن دم الاستحاضة بالعلامات المُميّزة لكلٍّ منهما؛ فهما مختلفان في اللون، والرائحة، والكثافة، فإن لم تستطع التمييز، التزمَت بعدّ الأيّام الثابتة لدورتها الشهريّة.

ما يترتّب على الإفطار بعذر الدورة الشهرية

يجب على الحائض أن تقضي ما أفطرته في شهر رمضان بسبب الحيض ودليل ذلك ما روته معاذة، إذ قالت: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ.)، وقد حكى ابن المنذر وغيره إجماعَ العلماء على ذلك، ويجوز للمرأة التي أفطرت في رمضان بسبب الحيض أن تُؤخّر القضاء إذا لم يكن الوقت ضيّقاً، مع بقاء الأصل في الإسراع بقضاء الصوم الواجب.

وفرّق أهل العلم بين من جاء عليه رمضان آخر ولم يقضِ بعذر، ومن لم يقضِ بغير عذر؛ فمن ترك القضاء بعذر كالمرض ونحوه لا حرج عليه، ولا يأثم بتأخير القضاء، ويبقى القضاء لازماً في ذمته دون الكفّارة، أمّا من أخّر القضاء بلا عذر فجمهور أهل العلم على أنّه آثم بتفريطه، ويجب بحقّه مع القضاء كفّارة إطعام مسكين عن كلّ يوم، واستندوا في ذلك لعدّة أدلة، منها أنَّ الصَّوم عبادة متكررة، كالصلوات المفروضة؛ فلا يصحّ تأخير الأولى عن الثانية، وإلى هذا الرأي ذهب ابن عباس، وابن عمر، ولم يردْ خلاف في ذلك عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وخالف في هذا الحنفية وبعض أهل العلم؛ فقالوا: لا تلزمه الكفارة بتأخيره؛ لأنه صوم واجبٌ أصلاً، فهو كمن أخّر النّذر، إذ لا يجبْ عليه في تأخيره كفارة، لكنّهم استحبّوا المسارعة إلى إسقاط الواجب.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة