تلفزيون نابلس
الاحتلال يُنهي مُناورةً تُحاكي اقتحام حزب الله عددًا من المُستوطنات بالشمال بما في ذلك مدينة (كريات شمونة)
12/19/2019 10:42:00 AM

 بات جليًّا وواضِحًا بالنسبة لكلّ مَنْ يُواكِب الإعلام العبريّ في كيان الاحتلال، والذي يُعتبر مرآة  لما يُفكّر فيه صُنّاع القرار في تل أبيب، بات سافِرًا وصريحًا أنّ إسرائيل تُعوِّل على الحراك اللبنانيّ من أجل الـ”تخلّص” من التهديد الإستراتيجيّ الذي يُشكّله حزب الله على الدولة العبريّة، وتحديدًا مع الإقرار الإسرائيليّ بأنّ كلّ بُقعةٍ في دولة الاحتلال باتت في مرمى صواريخ المُقاومة الإسلاميّة في بلاد الأرز، والمدعومة ماديًا ومعنويًا من الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، ويأتي هذا التطوّر على وقع المُستجدّات الأخيرة في لبنان، ومُحاولة قوى خارجيّة فرض رئيس وزراءٍ على لبنان، تدور في فلك الولايات المُتحدّة وإسرائيل والرجعيّة العربيّة، أيْ الثلاثيّ غير المُقدّس.

في السياق عينه، جديرٌ بالذكر أنّ الكيان يعتقِد أنّ إذكاء الخلافات الداخليّة اللبنانيّة وجرّ الأطراف الـ”مُتناحِرة” في هذا البلد العربيّ، سيدفع حزب الله إلى استخدام سلاح المُقاومة للسيطرة على بلاد الأرز عسكريًا، ومن هنا فإنّ الباب أمام الحرب الأهليّة سيُصبِح مفتوحًا على مصراعيه، وكتحصيل حاصلٍ لهذه السياسة لا يضطر الكيان إلى الدخول في مُواجهةٍ عسكريّةٍ قد يخسر فيها، كما حدث في حرب لبنان الثانية عام 2006 أوْ تكون هيمته أكبر من ذلك بكثير، على وقع حيازة حزب الله صواريخ دقيقة جدًا، وبالمُقابل الاعتراف الإسرائيليّ الرسميّ بأنّ الجبهة الداخليّة في الكيان غيرُ جاهزةٍ للحرب وغيرُ مُحصنّةٍ بالمرّة، علاوةً على إقرار المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب رسميًا وعلانيّةً بأنّ منظومات الدفاع التي يمتلكها لن تُدافِع عن المدنيين، بل عن المنشآت العسكريّة والأخرى المدنيّة الحيويّة، بالإضافة إلى أنّ تل أبيب أكّدت في أكثر من مُناسبةٍ أنّه في حال تعرّضها لصواريخ “كروز” الإيرانيّة، فإنّها لن تتمكّن من صدّها أوْ اعتراضها، الأمر الذي يرفع جدًا من سقف الخطر على الكيان، والمُواطنين داخله وجيشه، الذي يُسّمى إسرائيليًا بأنّه الأقوى في المنطقة، وبأنّ حزب الله هو الجيش الثاني من حيثُ القوّة بعده.

على صلةٍ بما سلف، قال مُراسِل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، يوسي يهوشواع، قال إنّه شارك في مناورةٍ أجراها جيش الاحتلال، والتي استمرّت يومين، وانتهت يوم أمس الأوّل الثلاثاء، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّها حاكت محاولة توغل قواتٍ من حزب الله إلى مستوطناتٍ إسرائيليّةٍ في شمال الدولة العبريّة، مُضيفًا في الوقت عينه، نقلاً عن مسؤولين كبار في قيادة الجبهة الشماليّة، أنّ قوات من تشكيل الجليل المسؤولة عن الجبهة اللبنانيّة في الجيش، تدّربت على سيناريوهاتٍ دفاعيّةٍ لصدّ توغل قواتٍ بريّةٍ تشنها القوّات الخاصّة التابِعة لحزب الله والتي يُطلَق عليها اسم (الرضوان).

ومن الجدير بالذكر أنّ القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ النقاب عن أنّ الحكومة الإسرائيليّة أعدّت خطةً كاملةً ومُتكاملةً لإخلاء السكّان اليهود من المنطقة الجنوبيّة والشماليّة، المتاخمة للحدود مع قطاع غزّة ومع لبنان، في حال نشوب مواجهةٍ جديدةٍ مع الفصائل الفلسطينيّة في القطاع، وأيضًا من المنطقة الشماليّة، في حال اندلاع حربٍ مع حزب الله.

وبحسب الخطة، التي أُطلق عليها اسم (ميلونيت)، فإنّه في حال تجدد الأعمال العدائية ضدّ إسرائيل في الشمال أوْ في الجنوب، فإنّه سيتّم إخلاء أكثر من عشرين ألف مستوطن من المجمعات الحدوديّة، وكجزءٍ من إخراج الخطة إلى حيّز التنفيذ، تابع التلفزيون الإسرائيليّ، فإنّه تمّ إيجاد بلد توأم في إسرائيل لكلّ مستوطنة سيتّم إخلاء سكانها، لكي يقطنوا هناك حتى انتهاء الحرب في الشمال أو في الجنوب، مُضيفًا أنّه في الفترة الأخيرة قام سكّان المستوطنات، التي من المفترض أنْ تُخلى، بإجراء تدريبٍ إخلاء إلى المناطق التي تمّ تحديدها لهم من قبل وزارة الأمن الإسرائيليّة.

ولكن ما كشفته صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، يؤكّد عمق الخشية، القلق والتوجّس لدى صنّاع القرار في تل أبيب من حرب لبنان الثالثة، فقد نقل مُحلّل الشؤون العسكريّة، أليكس فيشمان، عن مصادر وصفها بأنّها مطلعةً جدًا، نقل عنها قولها إنّ الحكومة الإسرائيليّة، اتخذّت قرارًا لأوّل مرّةٍ في تاريخ الدولة العبريّة، سيتّم بموجبه إخلاء مدينتي كريات شمونة (الخالصة) في الشمال ومدينة سديروت في الجنوب، كجزءٍ من استخلاص العبر والنتائج من الحروب التي خاضتها. يُشار إلى أنّ عدد السكان في المدينتين المذكورتين يصل إلى خمسين ألف مُواطنٍ.

وبحسب المصادر عينها، فإنّ قادة هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال يخشَوْن أنْ تتعرّض مدينة (كريات شمونة) ومدينة (سديروت) لعمليات اقتحامٍ يقوم بتنفيذها عناصر من حزب الله وحماس، والتي تتمثّل باختراق المدينتين المذكورتين، وتنفيذ عملياتٍ فدائيّةٍ ضدّ السكّان، علاوة على ذلك، فإنّ إسرائيل تخشى هجومٍ صاروخيٍّ مُكثّفٍ على المدينتين، بالإضافة لقيام حزب الله وحماس باستخدام صواريخ تخترق البيوت والملاجئ المُحصنّة، على حدّ تعبيرها.

واللافِت أنّ إسرائيل، تُشدِّد في جميع تسريباتها لوسائل الإعلام العبريّة، إنْ كانت من المُستوى السياسيّ أوْ العسكريّ، تُشدِّد على أنّ حزب الله ليس معنيًا في هذه الفترة بالذات بشنّ حربٍ ضدّ كيان الاحتلال، وبالمُقابِل تُضيف المصادر الرسميّة في تل أبيب أنّ الدولة العبريّة هي الأخرى ليست بصدد الدخول في حربٍ جديدةٍ ضدّ حزب الله، والتي باتت تُعرَف بـ”حرب الشمال الأولى”، وليس حرب لبنان الثالِثة”، لأنّ الكيان يتوقّع مُشاركة إيران وسوريّة في الحرب في حال اندلاعها.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة