تلفزيون نابلس
3 رصاصات في رأس زئيفي من مسافة صفر .. اكبر من اغتيال وزير واعمق من عملية رد
10/17/2019 12:05:00 PM

 18 عاما مرت على التي العملية الفدائية التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حين تمكن عناصرها من اغتيال وزير السياحة الاسبق رحبعام زئيفي بسلاحٍ كاتمٍ للصوت.

 

وجاءت العملية النوعية ردًا على اغتيال الأمين العام للجبهة آنذاك أبو علي مصطفى، بقصف مكتبه في مدينة البيرة، حيث اتخذت الجبهة الشعبية قرارها بالرد والثأر على عملية الاغتيال بعد مرور 40 يومًا  ، وكان الوزير رجبعام زئيفي هو الهدف.

ولا تزال الكلمات التي قالها احمد سعدات الذي تسلم الامانة العامة للجبهة الشعبية عقب الاغتيال ماثلة في عقول الفلسطينيين حين قال "العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس".

وقال سعدات "لن نكون ندًا للأعداء ولن نستحق احترام الشهداء، ولن نحترم احترام شعبنا بشهدائه وقادته وشيوخه وأطفاله ونسائه، إذا لم يكن شعارنا.. العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس.. فعهدًا لنا يا رفيقنا أبو علي، عهدًا لك يا معلمنا، يا رمزنا يا عنوان عزتنا، أن لا يكون شعارنا أقلّ من الرأس بالرأس".

وأضاف سعدات في خطابه الشهير حينها، ما عُرف برسالةٍ مباشرة للمجموعات المسلحة، وأمام الجماهير "هذا لكم يا كتائب الشهيد أبو علي مصطفى يا رجال قوات المقاومة الشعبية".

والاكثر اهمية ان اختيار زئيفي ليكون في مرمى رصاصات كاتم الصوت لم يكن عبثا، نظرا لمواقفه المتطرفة حيث كان من اشد المؤيدين لطرد وتهجير الفلسطينيين ضمن الخطة المعروفة بـ"الترانسفير"، وكأن عملية اغتيال زئيفي صوبت الى ذلك المشروع والى رأس كا من ينادي عليه.

لا تعد عملية اغتيال زئيفي ردا على اغتيال ابو علي مصطفى فقط، او اغتيال وزير، بل شكلت ضربة قاتلة لعميق الاحتلال الامني، خاصة ان منفذي العملية قاموا بالتخطيط لها وتوفير كافة المعدات وتنفيذها في عمق الاراضي المحتلة في مدينة القدس، وداخل فندق يعج بالحراسات الامنية، واستطاعوا مغادرة المكان بكل هدوء.

خلية الاغتيال:

عاهد ابو غلمة: ولد الاسير عاهد ابو غلمة عام 1968 في قرية بيت فوريك قضاء نابلس.

نقطة التحول الرئيسية في حياته كانت بانضمامه لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1984، وفي نهاية عام 1984 اعتقل على خلفية المشاركة بالمظاهرات والأعمال الاحتجاجية في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية، ومكث في سجن الفارعة قرب نابلس خمسة أشهر.

في عام 1986 التحق أبو غلمة بجامعة بيرزيت وتخصص في علم الاجتماع، الا أن مسيرته التعليمية تعطلت وتقطعت لفترات طويلة بسبب الاعتقال المتكرر والملاحقة من قبل قوات الاحتلال.

ومع اندلاع الانتفاضة الاولى، كان أبو غلمة من السباقين في قيادتها، حيث عمل وساهم في تشكيل اللجان الشعبية والمجموعات الضاربة للجبهة الشعبية في منطقة نابلس وتعرض للملاحقة والاعتقال من قبل قوات الاحتلال.

اعتقل عام 1989 وتعرض للتحقيق في سجن نابلس اثر انفجار في منطقة الأغوار. وقد لوحق من قبل قوات الاحتلال لمدة عام ونيف امضاها في منطقة نابلس. واعتقل في النصف الثاني من عام 1990 . وبعد التحقيق معه حوّل إلى لاعتقال الاداري لمدة سنة.

بعد خروجه من السجن عاد والتحق بالجامعة وتولى مسؤولية عدد من اللجان في جبهة العمل الطلابي، حيث انتخب مرتين عضوا في الهيئة الادارية لجبهة العمل في جامعة بير زيت عامي 92 و93.

في منتصف عام 1994 بعد اعتقال مجموعة عسكرية للجبهة الشعبية، لوحق وطورد من قبل قوات الاحتلال وأمضى هذه الفترة متنقلا بين اريحا ورام الله .

في شهر نيسان من عام 2001 نشرت سلطات الاحتلال اسمه من ضمن قائمة تضم سبعة مناضلين مطلوب اغتيالهم وتصفيتهم، لكن ذلك لم يردع أبو غلمة فقد اتهم بالتخطيط وقيادة وتدريب المجموعة العسكرية التابعة للجناح العسكري للجبهة الشعبية التي نفذت حكم الإعدام برحبعام زئيفي .

وعلى إثر هذه العملية، قامت الاجهزة الامنية عام 2002 باعتقاله واعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات وثلاثة من نشطاء الجبهة ووضعتهم في سجن أريحا المركزي، وتعرض أثناء الاعتقال للاصابة في مدينة نابلس.

في 13 اذار 2006 قامت قوات الاحتلال باقتحام سجن أريحا المركزي اثر انسحاب المراقبين الدوليين من داخله، وقامت باعتقال ابو غلمة وسعدات وافراد الخلية وهم مجدي الريماوي وباسل الاسمر وحمدي قرعان .

وفور اعتقاله، اقتادته قوات الاحتلال الى سجن المسكوبية للتحقيق العسكري الذي استمر اكثر من شهرين، تعرض خلال هذه الفترة لجميع انواع التعذيب الجسدي والنفسي والتهديد باعتقال الزوجة وهدم المنزل، وتم خلال فترة التوقيف نقله الى اغلب السجون لخلق حالة من عدم الاستقرار لديه.

وفي الاول من كانون الثاني 2008 وبعد عشرات الجلسات، حكمت محكمة الاحتلال العسكرية في القدس بالسجن المؤبد وخمس سنوات إضافية على ابو غلمة.

حمدي قرعان : علي حمدي قرعان ينحدر من مدينة البيرة، وهو من ابرز قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقاد خلية الجبهة الشعبية لتنفيذ عملية الرد على اغتيال ابو علي مصطفى، حيث هو من اطلق الرصاص على رأس رحبعام زئيفي.

وجاء في قرار محكمة الاحتلال التي حكمت على الأسير علي حمدي قرعان أن الأخير نفّذ اغتيال زئيفي عن سابق إصرار وترصد وبدون أدنى تردّد وأنّه لم يبدِ أسفه على ذلك، بل أبدى استعداده لإعادة القيام بمثل هذه العملية إذا توفرت له الظروف.

أصدرت محكمة الاحتلال قرارها بسجن قرعان بتهمة اغتيال زئيفي لمدة 125 عاماً. وقد علّق قرعان على قرار المحكمة بقوله: "أنا أُتهم لأنني مارست حقا أساسياً بالدفاع عن شعبي في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وهو نفس الحق الذي تمنحونه لأنفسكم يومياً حينما تقتلون الفلسطينيين، أنا اتّهمكم بجرائم ضد الإنسانية بأسرها".

مجدي الريماوي: ينحدر مجدي من بلدة بيت ريما قضاء رام الله، هو من مواليد عام 1965  وكان احد اعضاء خلية اغتيال رحبعام زئيفي.

اعتقال الريماوي لاول مرة عام 1983 على خلفية نشاطه الوطني ضمن الحركات الطلابية، وحين حاول إكمال دراسته الجامعية خارج الوطن حالت  سلطات الاحتلال دون سفره، وقد نشط في الفعاليات الوطنية فور اندلاع الانتفاضة الأولى، واعتقل عام 1988 في بداية الانتفاضة

بعد خروجه من السجن طاردته قوات الاحتلال، وفي عام 1993 اعتقله قوات المستعربين بعد إطلاق الرصاص عليه وإصابته في ساقه اليمنى في منزل والده، وسجل صمودا أسطوريا رغم إصابته ولم تنل منه أجهزة المخابرات فأمضى ست شهور في سجون الإحتلال ومن ثم أفرج عنه.

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى كان لمجدي الريماوي مكانا مهما في صفوف المقاومة حيث كان على رأس الخلية التي اغتالت رأس زئيفي في 17/10/2001 واتهم انه الرأس المدبر في حينه.

اعتقلت قوات الاحتلال الريماوي مع بقية اعضاء خلية الاغتيال اضافة الى الامين العام للجبهة احمد سعدات عام 2006 عقب اقتحام سجن اريحا التابع للسلطة الفلسطينية، التي كانت قد اعتقلت الخلية في عام 2002 وزجت بهم في سجن اريحا.

حكمت محكمة الاحتلال على الريماو بالسجن المؤبد، إضافة إلى 80 عاما، ورغم الاعتقال تمكن الريماوي من الحصول على شهادته الجامعية عام 2017.

باسل الاسمر: ينحدر الاسمر من بلدة بيت ريما، وهو من مواليد عام 1976.

حصل الاسمر على شهادة الدبلوم في الصناعة من مدرسه الخليل الصناعية، انتمى إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وشارك في فعاليات الانتفاضة الثانية، وتم اختياره مع مجموعة من رفاقه لتنفيذ عملية اغتيال رحبعام زئيفي عام 2001.

طورد الاسمر من قبل السلطة الفلسطينية، حيث تم اعتقاله بتاريخ 4-2-2002، وحكم عليه ورفاقه في محكمة فلسطينية، ثم بعدها تم اعتقاله واختطافه على أيدي قوات الاحتلال التي اقتحمت سجن أريحا ودمرت السجن، وقد حكمت عليه قوات الاحتلال بعدها بالسجن المؤبد.

محمد الريماوي: ولد محمد الريماوي عام 1966 في مخيم سوف/ جرش الأردن، وهو ينحدر من بلدة بيت ريما قضاء رام الله.

انتمى إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ نعومة أظافره، وكان احد اعضاء خلية اغتيال زئيفي، واعتقلته قوات الاحتلال في القدس بعد العملية بيومين، ومن ثم حكم عليه بالمؤبد.

اختيار زئيفي لم يكن صدفة : لم يكن اغتيال رحبعام زئيفي اعتباطا، بل كان مدروسا ومختارا بدقة.

وُلد زئيفي في مدينة القدس المحتلة وخدم في صفوف البالماخ في عام 1942 ومن ثمّة التحق في جيش الاحتلال لمدة 31 سنة.

تقاعد من الخدمة العسكرية في سبتمبر 1973 وتم استدعاؤه من جديد في شهر أكتوبر من نفس العام في حرب 1973.

في عام 1988، أسس زئيفي حركة سياسية باسم "موليديت" من أهم مقومات تلك الحركة هو تهجير الفلسطينيين للبلدان العربية المجاورة، كما لم ترق اتفاقية مدريد للسلام في عام 1991 لزئيفي ودعته للانسحاب من حزب الليكود.

كانت أفكار زئيفي السياسية غاية في التطرف والعنصرية وهو صاحب الدعوة لتهجيرهم  وقام بوصف الفلسطينيين بالقمل تارة والسرطان تارة أخرى. ودعا زئيفي لغزو الأردن وتوطين الفلسطينيين فيها.

وحسب ما نشرته وسائل الاعلام العبرية فأنه خلال التحضير للعملية اجتمع اعضاء الخلية في احد مقاهى رام الله وابلغهم القرعان بانهم سيقتلون زئيفي في فندق حياة في القدس دون ان يعطيهم تفاصيل اضافية.

وفي المرحلة التخطيطية الثانية التي تمثلت باجتماع المنفذين مع شخصية عاهد ابو غلمة الذين لم يكونوا يعلمون هويته واسمه،قال ابو غلمة لافراد الخلية بان العملية ستوجه ضد الوزير زئيفي الذي يدعم فكرة الترانسفير وتحدث عن تاريخ زئيفي ضد العرب واكد بان زئيفي سيكون موجودا في فندق حياة، مقدما لهم تفاصيل دقيقة عن تحركات زئيفي داخل الفندق.

3 رصاصات من مسافة صفر

وصل اعضاء الخلية التي ستنفذ العملية إلى فندق "حياة  ريجنسي" في القدس المحتلة قبل موعدها بيوم، دخل القرعان والأسمر غرفتهما في الفندق التي حُجزت لهما في وقتٍ سابق، بأسماءٍ وهميّة وجوازاتٍ مزوّرة، وتركوا مسدساتهم داخل السيارة التي تواجدت على باب الفندق.

في الصباح تأكد كلاهما من وجود زئيفي في المكان وفقًا لما تم إعلامهم به مسبقًا، اذ يستيقظ زئيفي ويتناول إفطاره في الفندق، ثم يعود لغرفته قبل أن يغادر المكان، وكان ذلك الوقت المحدد لتنفيذ المهمة .

في الخامسة والنصف صباحًا، تأكد القرعان من وجود زئيفي في الفندق من خلال التأكد من وجود سيارته أمام المكان، ثم رآه يتناول إفطاره مع أشخاص آخرين في ساحة الفندق.

صعد قرعان إلى سلم الطوارئ حاملًا مسدساتٍ أخذها من السيارة مع رفيقه الأسمر، فيما وصلت سيارة الريماوي على باب الفندق لينطلقوا معًا بعد تنفيذ المهمة.

وضع قرعان والاسمر مسدساتهما على خصريهما وانطلقا داخل الفندق إلى مكان غرفة "زئيفي"، واتجها من سلم الطوارئ، وعلقا ورقةً تبيّن أنّ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نفذت عملية الاغتيال ردًا على اغتيال الشهيد أبو علي مصطفى.

بعد دقائق من الانتظار وصل "زئيفي" غرفته رقم 816، فقام القرعان بالمناداه عليه قائلاً "زئيفي.. هيه" واطلق على رأسه 3 رصاصات من مسافة صفر.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة