تلفزيون نابلس
القنب الإسرائيلي: مكاسب اقتصادية وانتخابية
3/21/2019 6:41:00 AM

 قررت الحكومة الإسرائيلية، في حزيران/يونيو عام 2016، تسوية موضوع القنب الطبي (أو الماريخوانا أو الحشيش الطبي)، بحيث يضمن تزويده لمرضى، من خلال إمكانية الحصول عليه وتزويده بجودة عالية، إلى جانب الإشراف على هذا المنتج الذي يعتبر كـ"مخدر خطير".

وتُعرّف وزارة الصحة الإسرائيلية، مدعومة بقوانين، القنب بأنه "مخدر خطير"، قبل الاعتراف بالقنب الطبي. وكانت الوزارة تنظر إلى القنب الطبي على أنه "ليس دواء، وهو ليس مسجل كدواء ونجاعته وسلامة استخدامه لأهداف طبية لم يثبت حتى الآن. ورغم ذلك، ثمة أدلة على أن القنب يمكن أن يساعد مرضى يعانون من أوضاع صحية معينة وتخفيف معاناتهم. وأية تسوية تتعلق باستخدام القنب لأغراض طبية، يتعين على الدولة الالتزام بأن تنفذ بحرص وبموجب أوامر قانون المخدرات الخطيرة"، حسب الموقع الإلكتروني للوزارة.

وكانت الحكومة الإسرائيلية اتخذت قرارا، في آب/أغسطس عام 2011، يقضي بأن تشكل وزارة الصحة "وكالة حكومية"، وعلى إثر ذلك تم إقامة "وحدة القنب الطبي" في الوزارة. وحدد قرار آخر اتخذته الحكومة، في كانون الأول/ديسمبر عام 2013، المبادئ لفحص المؤشرات الطبية، وإنجاع إجراءات الإنتاج، وتعيين "مدراء" وتقديم الخدمة للمعالَجين.

وينص البند 12 في قانون المخدرات الخطيرة على أن "استخدام مخدر خطير مسموح إذا كان لغرض العلاج وتم تزويده للمستخدم من جانب صيدلي، طبيب أو طبيب بيطري، أو تم تزويده بموجب رخصة".

القنب الطبي هو مخدر استخرج من نبتة القنب. ولهذا المخدر مزايا متنوعة، بينها أنه مهدئ، يحيّد ظواهر عديدة مثل الغثيان، ويحسن الشعور العام، ويزيد اليقظة ويخفف الآلام. ومن أجل تخفيف معاناة مرضى، تصدر وزارة الصحة تصاريح، في أوضاع معينة، تسمح باستخدام هذا المخدر من أجل تخفيف آلام وتحسين شعور المرضى. ويسمى القنب للأغراض الطبية بـ"القنب الطبي".  

وليس بإمكان أي شخص الحصول على تصريح لشراء القنب الطبي، وإنما فقط شخص مريض، يؤكد طبيبه على أنه جرى استنفاد كافة الأساليب السائدة في العلاج من دون تحقيق نتائج، ويوصي الطبيب المعالج بعلاج بواسطة القنب من أجل تحسين شعور المريض.

ووفقا لقرار وزارة الصحة، فإن "منتجات القنب التي يسجلها الطبيب المعالج ينبغي أن تكون بجودة عالية شبيهة بالجودة المطلوبة في الأدوية. وأية خلية من خلايا سلسلة تزويد منتجات القنب يجب أن تستوفي أعلى مستويات الجودة، بموجب أنظمة شروط الجودة اللائقة لوزارة الصحة، وذلك بدءا من مرحلة مادة زراعة النبتة وحتى ’منتج قنب’ نهائي يتم استخراجه في الصيدليات".

يباع القنب الطبي للمرضى بعدة أشكال. كزيت أو كأوراق نبتة القنب، التي يتم تعاطيها من خلال حرقها واستنشاقها أو تدخينها (جوينت). وغالبا، يستخدم أطفال مرضى الصرع زيت القنب الطبي، بتجرع بضع نقاط أو وضعها على الطعام، وبالإمكان استخدامه في كل مكان.

ووفقا لتعليمات وزارة الصحة، فإنه بإمكان المرضى الذين يستنشقون ويدخنون القنب الطبي استخدامه في كل مكان، بشرط أن يتم ذلك من دون تواجد شخص آخر، وفي غرفة مع تهوئة.

والمرضى الذين يحصلون على تصاريح باقتناء القنب الطبي هم أولئك الذين لم يستفيدوا من الأدوية العادية، ويعانون من الأمراض التالية: السرطان، التهابات معوية، آلام مزمنة، صدمة نفسية، إيدز، التصلب المتعدد، باركينسون، الصرع وصرع الأطفال، أمراض مزمنة.

صادقت الحكومة الإسرائيلية، في 27 كانون الثاني/يناير الماضي، على تصدير القنب الطبي من إسرائيل إلى دول تسمح بتعاطي القنب الطبي، وذلك في أعقاب تعديل قانون المخدرات. واعتبر المحلل الاقتصادي في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، غاد ليئور، أن قرار تصدير القنب الطبي ليس "مجرد قرار آخر"، وإنما "هذا قرار سيفتح عهدا اقتصاديا واجتماعيا جديدا في إسرائيل".

وأشار ليئور إلى أن إسرائيل بقرارها السماح بتعاطي القنب الطبي، تبعت 40 دولة تسمح بتعاطي القنب لاحتياجات طبية، وبعضها تسمح للجميع بتعاطيه وليس المرضى فقط. وأضاف أنه أقيمت في إسرائيل ثماني مزارع لزراعة القنب، وجرى منح آلاف الإسرائيليين تصاريح لشراء القنب الطب. "وبعد المصادقة عليه، تحول القنب إلى فرع تصدير، يتوقع أن يدخل للاقتصاد الإسرائيلي قرابة أربعة مليارات شيكل سنويا. وهذا يعني أن هذا الفرع سيتجاوز عشرات الفروع الأخرى، ويتحول إلى أحد الفروع الرئيسية للصادرات الإسرائيلية. وسيعمل آلاف الإسرائيليين في مزارع القنب، وسيتم التوقيع على اتفاقيات التجارة بهذا المخدر، وربما أيضا أنهم سيشغلون فروعا لشركات التصدير في دول أخرى".

وبحسب ليئور، فإن "التأخر لمدة سنة ونصف السنة في المصادقة على تصدير القنب، منذ توصية اللجنة الحكومية بالمصادقة على تصديره، أغلق أمام إسرائيل عدة أسواق، لأن آخرين سارعوا إلى تزويدها. ورغم ذلك، كانت هناك شركات إسرائيلية راهنت على المصادقة الحكومية، ووقعت اتفاقيات لتصدير القنب مع دول مثل كندا وألمانيا، وحظيت الآن بختم رسمي. وتشير توقعات إلى أن تصدير القنب سيقترب خلال بضع سنوات إلى 10 ملايين شيكل سنويا". 

برز رئيس حزب "زيهوت" اليميني المتطرف، برئاسة عضو الكنيست السابق موشيه فايغلين، كمفاجأة الانتخابات الحالية للكنيست، وذلك من خلال تزايد شعبيته في الاستطلاعات. وإلى جانب دعواته إلى فرض "السيادة" الإسرائيلية على الضفة الغربية، ورغم أنه أحد أبرز ناشطي "الهيكل" المزعوم، يدعو فايغلين إلى شرعنة الماريحوانا، المستخرجة من القنب، وجعل حيازتها للاستخدام الشخصي قانونيا. وبذلك يحصل فايغلين على تأييد، ليس فقط من متدينين ويمينيين، وإنما من علمانيين ويساريين، كانوا يصوتون لصالح حزب ميرتس في السابق.

ودفعت هذه الشعبية المتزايدة لفايغلين أحزاب اليمين إلى مهاجمته، كما بدأ القلق يساور حزب ميرتس الصهيوني اليساري، وهاجمته هذه الأحزاب بسبب دعوته إلى شرعنة الماريحوانا. لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، صرح، في 11 آذار/مارس الحالي، أنه يدرس شرعنة تعاطي الماريحوانا، ليس لاحتياجات طبية.

وتطرق نتنياهو، خلال دعايته الانتخابية في مقابلة مع "الليكود TV"، إلى "القنب وتشريع استخدامه"، وتحدث عن سياسة حكومته حيال القنب الطبي، ثم أشار إلى "أنني أدرس الموضوع، وسأعطي إجابة قريبا. وسندرس ذلك لاحقا، وربما نستورد أيضا".    

وذكر وسائل إعلام إسرائيلية أن الخلفية لتصريح نتنياهو هي محاولته لجم تزايد شعبية حزب "زيهوت" وفايغلين وطرحه بشرعنة الماريحوانا. وحتى أنه وفقا لبعض الاستطلاعات، فإن حزب "زيهوت" سيتجاوز نسبة الحسم، "وفي الليكود يخشون من أن دخول فايغلين إلى الكنيست سيغير توازن الكتل وسيشكل صعوبة أمام نتنياهو لتشكيل كتلة مانعة من أحزاب اليمين لتشكيل الحكومة" حسب موقع "واللا" الإلكتروني.

واستعرض نتنياهو خلال المقابلة مع "الليكود TV" نشاط حكومته بما يتعلق باستخدام القنب الطبي ومكانته في الصناعات الإسرائيلية. وقال "أنا قدت عدة تغييرات في هذا المجال. زدنا استخدام القنب الطبي، وأحضرنا إلى إسرائيل أحد أعلى المستويات في العالم".


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة