تتّسم معكرونة الفيتوتشيني كاربونارا بمذاق لذيذ للغاية، لكن يُقال الآن إن الباستا وغيرها من الكربوهيدرات المُكررة قد تنهي الدورة الشهرية في مرحلة مبكرة! ما مدى صحة هذه المعلومة ودقتها؟

بغض النظر عن عمرك، من المعروف أن الحمية التي تكون غنية بالكربوهيدرات المُكررة، مثل الخبز الأبيض والباستا والرز، لا تُعتبر الأفضل بالنسبة إلى جميع الناس. قد تؤدي أي حمية مماثلة إلى تراكم الكيلوغرامات خلال عمر العشرينات والثلاثينات والأربعينات، حتى أنها قد تجعلنا أكثر عرضة لأمراض القلب والنوع الثاني من السكري. لكن تبيّن الآن أنها قد تكون مسؤولة أيضاً عن بدء مرحلة انقطاع الدورة الشهرية باكراً. لماذا نلوم طبق التالياتيلي إذاً؟ نستكشف في ما يلي الأبحاث المرتبطة بهذه المسألة ونستعرض رأي خبيرة التغذية ماريلين غلينفيل لاكتشاف المزيد من المعلومات…

مشكلة الباستا

حين يدعو الخبراء إلى تبني الحمية المتوسطية، لا يعنون بذلك أن نكثر من أكل أطباق المعكرونة للأسف! كشف أحدث بحث أجرته جامعة “ليدز” أن أكل كميات كبيرة من الباستا البيضاء والرز الأبيض قد يُسرّع مسار انقطاع الدورة الشهرية بمعدل سنة ونصف. يبلغ متوسط العمر الذي يشهد هذا التغيّر الهرموني 51 عاماً، ما يعني أن المرأة قد تواجه الأعراض في عمر الأربعينات. توضح غلينفيل: “يُقال إن الكربوهيدرات المُكررة تُسبب مشاكل على مستوى سكر الدم ومقاومة الأنسولين، ما قد يؤدي إلى نفاذ إمدادات البويضات بوتيرة أسرع من العادة”. تنذر نهاية إنتاج البويضات ببداية انقطاع الدورة الشهرية.

ما تأثير انقطاع الدورة الشهرية باكراً؟

إذا كنت لا تفكرين في إنجاب عدد إضافي من الأولاد، هل سيطرح انقطاع الدورة الشهرية المبكر أي مشكلة؟ لا مفر من بدء هذه المرحلة يوماً وقد ترتاح بعض النساء من الدورات الشهرية بعد سنوات على مواجهة تداعياتها!

لكن لا يشير انقطاع الدورة الشهرية إلى انتهاء النزيف الشهري بكل بساطة، بل إنه ينذر في الوقت نفسه بتراجع مستوى الأستروجين الذي يُعتبر ضرورياً للحفاظ على سلامة القلب والدماغ ولحماية العظام أيضاً.

تقول غلينفيل: “إذا انقطع الدورة الشهرية في مرحلة مبكرة أكثر من اللزوم، سيزيد خطر إصابة المرأة بهشاشة العظام، ما يعني أنها ستُحرَم من الهرمونات النسائية، لا سيما الأستروجين، لفترة أطول”.

تُعتبر هشاشة العظام مرضاً عظمياً حاداً ويُقال إنه يصيب نصف النساء بعد عمر الخمسين وقد يُسبب كسوراً خطيرة.

بالإضافة إلى تخفيف استهلاك الكربوهيدرات البسيطة إذاً، ما الذي يمكن فعله لتجنب انقطاع الدورة الشهرية في مرحلة مبكرة؟

توصي غلينفيل بالإقلاع عن التدخين وتخفيف الضغط النفسي، فضلاً عن تجنب المواد الكيماوية الموجودة في منتجات مثل المقالي غير اللاصقة والسجاد والطلاء.

تضيف غلينفيل: “كشفت دراسة من عام 2011 أن المرأة التي تسجّل مستويات مرتفعة من المركّبات الكربونية الفلورية المشبعة في جسمها تحمل كمية أستروجين أقل من تلك التي تحملها المرأة التي تُسجّل مستويات منخفضة من تلك المركّبات، ما يجعل انقطاع الدورة الشهرية يبدأ لدى بعض النساء حين يبلغن 42 عاماً”.

على صعيد آخر، اكتشفت جامعة “ليدز” أن الحمية الغنية بالأسماك الزيتية قد تؤثر أيضاً على تأخّر انقطاع الدورة الشهرية. تحتوي الأسماك الدهنية على أحماض الأوميغا 3 الأساسية التي يعجز الجسم عن تصنيعها. تُحفّز تلك الأحماض قدرات مضادات الأكسدة، ما يسمح بإبطاء مسار الشيخوخة، حتى على مستوى المبيضَين.

تأخّر انقطاع

الدورة الشهرية أفضل؟

لن يكون تأخّر انقطاع الدورة الشهرية أفضل بالضرورة! تقول غلينفيل إن التوازن هو الأساس دوماً في الطبيعة.

يعني انقطاع الدورة الشهرية بعد عمر الخامسة والخمسين ارتفاع مستويات الأستروجين في الجسم لفترة أطول.

قد يؤدي هذا الوضع إلى زيادة خطر الإصابة بالاضطرابات التي تتغذى من هذا الهرمون، بما في ذلك مرض بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية وبعض أنواع سرطان الثدي”.

لكن بما أن مخاطر الإصابة بهشاشة العظام تبقى أكبر من احتمال التعرّض لسرطان الثدي بأربع مرات، سيكون انقطاع الدورة الشهرية في مرحلة مبكرة جداً أسوأ من انقطاعه في مرحلة متأخرة”.

كيف يمكن تخفيف  حدّة الأعراض؟

يمكن أن تؤثر الحمية الغذائية أيضاً على مدى تجاوبنا مع أعراض انقطاع الدورة الشهرية.

تتعدد الأغذية القادرة على تخفيف نوبات الحر والتعرّق الليلي بدرجة ملحوظة، منها الحمص والعدس والصويا والفاصوليا الحمراء.

سيكون توازن الأحماض الدهنية الأساسية ضرورياً أيضاً. تؤدي أي كمية فائضة من الأوميغا 6 إلى زيادة الالتهاب، ما يُمهّد للإصابة بالتهاب المفاصل والتهاب القولون وأمراض القلب والسرطان.

لذا توصي غلينفيل بأخذ مكملات زيت السمك الغنية بالأوميغا 3 لتحسين الذاكرة والتركيز ولتخفيف ألم المفاصل وجفاف البشرة والإرهاق.

كذلك، تعطي هذه المكملات أثراً واقياً ضد مرض الزهايمر من خلال منع الصفائح الضارة من التراكم في الدماغ.