تلفزيون نابلس
"الإمام السياسي".. سلاح أردوغان لتقويض علمانية تركيا
11/21/2018 7:42:00 AM

 لم تهدأ الهواجس حيال “تسييس أئمة المساجد” في تركيا العلمانية، منذ عقد ونصف العقد، عندما صعد نجم حزب “العدالة والتنمية” وزعيمه رجب طيب أردوغان، الذي يستحوذ، حاليًا، على مختلف السلطات، بموجب النظام الرئاسي الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران/ يونيو الماضي.

وأورد موقع “أحوال تركية” المعارض تقريرًا كشف فيه أن الهيئة المسؤولة عن إدارة الشؤون الدينية في تركيا تسعى، مرة أخرى، إلى إلغاء قانون يمنع الأئمة من الانخراط في الأنشطة السياسية بالبلاد.

وكانت المحكمة الدستورية قد حكمت، العام الماضي، برفض طلب مماثل كان يهدف إلى إلغاء قانون تم إقراره في الأصل عام 1965، يحظر على الدعاة المسلمين مزاولة أنشطة سياسية.

وسيتيح إلغاء هذا القانون للأئمة إلقاء خطب سياسية في المساجد خلال صلاة الجمعة والأعياد الدينية، وهي خطوة يرى فيها مراقبون تقويضًا للعلمانية، وتعزيزًا لسطوة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي سيوظف جيش الأئمة المسيسين لأجل تطلعاته الانتخابية وخططه السياسية.

وثمة انقسام بشأن تدخل الأئمة في السياسة، إذ يرى بعض المحللين أن الأمر طبيعي، بينما يراه آخرون خطرًا.

وينقل موقع أحوال تركية عن عبد الرحمن ديلي باك، وهو كاتب مقالات في صحيفة يني عقد الإسلامية، قوله: إن “الأحزاب الديمقراطية المسيحية في الغرب تعمل جنبًا إلى جنب مع الكنيسة”، مشيرًا إلى أن “المساجد ورجال الدين في تركيا يخضعون بالفعل لسيطرة الدولة، وإذا كانت الدولة تحكم المؤسسات الدينية وتديرها، فلا ينبغي أن يكون من غير المألوف أن تكون لدى المؤسسات الدينية وجهات نظر سياسية”.

لكن المفكر الإسلامي إحسان إلياجيك يرى العكس، إذ يعتقد أن السماح للسياسة بالتسلل للمساجد سيؤدي إلى انقسام جذري في المجتمع التركي، مشيرًا إلى أن هناك 24 مليون شخص من مختلف الميول السياسية يجتمعون كل جمعة من أجل الصلاة”.

ويحذر ممثلو المجتمع المدني من أن السماح للأئمة باتخاذ مواقف سياسية من شأنه أن يخلق نظامًا يشبه في جوهره أنظمة الدول غير العلمانية، مثل جمهورية إيران الإسلامية.

وينص الدستور التركي صراحة على التوجه العلماني للدولة، غير أن أردوغان بدا أقل حرصًا على هذا التوجه، وينسب إليه تباهيه، باكرًا، بقصيدة تقول “المساجد ثكناتنا، القباب خوذاتنا، والمآذن حرابنا”.

وفي سعيه إلى تغيير علاقة الدولة بالدين في تركيا، حاول أردوغان تجنب الدخول في مناوشات مع العلمانيين، عندما كان يؤكد أن حزبه، وإن كان يسعى لمنح مساحة للقيم الإسلامية في المجتمع التركي، فإنه لن يخرج عن خارطة الحداثة التي وضعها أتاتورك.

ويلاحظ مراقبون أن تركيا، التي عاشت 16 عامًا تحت حكم أردوغان، كرئيس للوزراء ثم كرئيس للجمهورية، باتت أكثر إسلامية وتدينًا في مختلف مناحي الحياة وصلت إلى درجة إلغاء نظرية تشارلز داروين عن التطور من المناهج التعليمية، وإلغاء حظر ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة.

وترتدي أمينة، زوجة أردوغان، الحجاب في الزيارات والمهام الرسمية، لدى ظهورها معه.

ومن سياسات أردوغان، أيضًا، في هذا الاتجاه تقوية “مدارس الإمام الخطيب”، التي سبق أن درس فيها بدوره، ويتعلق الأمر بمدارس إسلامية للتعليم الثانوي، استفادت خلال السنوات الماضية من دعم حكومي سخي.

وسبق لمجلس شورى التعليم بالفعل أن صادق عام 2014 على إلزامية دروس التربية الدينية حتى الصف الثالث الابتدائي وإدراج اللغة التركية العثمانية في المناهج الدراسية كمادة إلزامية، فيما جرى إلغاء درس حقوق الإنسان وإدراج محتواه مع درس العلوم الاجتماعية.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة