تلفزيون نابلس
الرئيس أردوغان غاضِبٌ مِن "إهانَة" فرنسا له.. ووزير خارجيّته مولود أوغلو يَصِف نَظيرُه الفِرنسيّ بـ"الوَقِح"
11/13/2018 6:09:00 AM

 تَعيشُ العِلاقات الفِرنسيّة التركيّة أزمَةً مُتفاقِمةً على أرضيّة التَّلاسُن الحاد، والخارِج عَن الأعرافِ الدبلوماسيّة بين الرئيس رجب طيّب أردوغان، ووزير الخارجيّة الفِرنسيّ جان إيف لورديان على أرضيّةِ جريمة مَقْتلِ الصِّحافي السعوديّ جمال خاشقجي.

الوزير لودريان فاجَأ الكَثيرين عِندما خرج عن النَّص الدِّبلوماسيّ المُتعارَف عليه، واتَّهَم الرئيس التركيّ بأنّه يُمارِس “لُعبَةً سياسيّةً” بشأنِ قضيّة مقتل خاشقجي، ووَصَفها بأنّها “غير مقبولة”، ونَفى أن تكون بِلاده على عِلمٍ بأيِّ مَعلوماتٍ قدَّمتها تركيا حول هَذهِ القضيّة، في رَدٍّ على الرئيس أردوغان الذي قال أنّ بِلاده اطّلعت الرِّياض وباريس ولندن وواشنطن على التَّسجيلاتِ الصوتيّة المُرتَبِطَة بهَذهِ الجَريمة.

مِن الطَّبيعيّ أن تُثير هَذهِ التَّصريحات لوزير الخارجيّة الفِرنسيّ التي تتَّهِم الرئيس أردوغان بـ”الكَذِب” بطَريقٍ غَير مُباشِرة، حفيظَة الأخير، وتُثير غضبه، حتّى أنّ مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجيّة التركي، ردَّ بقَولِه أنّ نظيره الفرنسيّ “تجاوز الحُدود.. وعليه أن يتَعلَّم كيفيّة مُخاطَبة رئيس دولة.. إنّ اتّهام رئيسنا بمُمارَسة لُعبَة سِياسيّة هو وَقاحةٌ كَبيرةٌ”.

وأكَّد السيد أوغلو أنّ المُخابرات التركيّة سَلَّمت نظيرتها الفرنسيّة يوم 24 تشرين أوّل (أكتوبر) الماضِي تسجيل صوتي بِناءً على طَلَبِ الأخيرة.

هُناك تفسيران لا ثالِث لَهُما لهذا “الإنكار” مِن قِبَل وزير الخارجيّة الفرنسي:

الأوّل: أن تكون هُناك مُشكِلة تَواصُل، وعدم تنسيق، بين الأجهزة الفرنسيّة الاستخباريّة ووزارة الخارجيّة والمُؤسَّسات الفرنسيّة الأُخرَى.

الثّاني: أن تكون الحُكومة الفرنسيّة تُريد التَّسَتُّر على الجريمة، وإغلاق مِلفّها، وتَجنُّب إغضاب المملكة العربيّة السعوديّة، بل كَسبِها، طَمَعًا في الحُصولِ على صفقات أسلحة واستثمارات سعوديّة بمِليارات الدولارات، وهذا أمرٌ غير مُستَبعد بالإشارة إلى حِرص الرئيس إيمانويل ماكرون على تَهدِئَة الرئيس أردوغان أثناء لِقائِه به على هامِش الاحتفالات التي أُقيمَت في باريس يوم الأحد بالذِّكرى المِئويّة لنِهايَة الحَرب العالميّة الأُولى، حَولَ هَذهِ المَسألة، الأمر الذي لم يَرُق للرئيس التركيّ.

نَحن نميل إلى الاحتمال الثاني، أي رغبة الحُكومة الفرنسيّة بإغلاق ملف الجريمة، والتَّودُّد إلى الحُكومة السعوديّة طَمَعًا في مِلياراتها، وهذا أمْرٌ مُستَهجنٌ، خاصَّةً أنّ فرنسا تَصِف نفسها دائِمًا بأنّها “أُم الحُريّات” والمُدافِع الأشرَس عن حُقوقِ الإنسان وقِيَم العَدالة.

جاستين ترودو، رئيس وزراء كندا أكَّد أنّ حُكومته “اطّلعت بشَكلٍ كامِلٍ” على التَّسجيلات التي قدَّمتها أنقرة، أمّا ستيفن سايبرت، المُتحَدِّث باسم المُستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، فأفاد بأنّ أجهزة الاستخبارات التركيّة والألمانيّة تواصَلت بشأنِ مِلَف خاشقجي، وكانَت جينا هسبل، رئيسَة المُخابرات الأمريكيّة، أكَّدت أنّها اطّلعت على التَّسجيلات، ونَقَلَت فَحواها إلى الرئيس دونالد ترامب.

فهَل يُعقَل أن تتلقّى كندا البَعيدة نُسْخَةً عَن التَّسجيلات ولا تَحصُل عليها فرنسا؟ لا بُد أن وزير الخارجيّة الفرنسي بإنكاره هذا “يُغازِل” الرياض، ويُريد كسب ودّها للحُصول على جُزءٍ كَبيرٍ مِن كَعكَعة عوائِدها النفطيّة، فمُعظَم الدول الغربيّة، إن لم يَكُن كلها، تُقَدِّم الصَّفَقات التجاريّة على مَبادِئ الحُريّات وحُقوق الإنسان للأسَف.

لا نَعرِف كيف ستَتطوَّر هَذهِ الأزَمَة، ومَدى انعكاساتِها على العِلاقات الفرنسيّة التركيّة، ولكنّنا نَعرِف، أنّ الرئيس أردوغان قد لا يتسامَح بسُهولةٍ مَع هَذهِ الإهانَة المُوجَّهةِ له شَخْصِيًّا، وسيُصِر على اعتذارٍ فرنسيٍّ لا لُبْسَ فيه، وحتّى يأتِي هذا الاعتِذار، ستَمُر خِلافاتٌ كَثيرةٌ تحت جِسر العَلاقات بين البَلدين.

المصدر راي اليوم


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة