تلفزيون نابلس
علاقة "عمان بالدوحة" ومفارقات التقارب في الأزمة: لماذا يصمت محور المقاطعة على المنحة القطرية والانفتاح؟
6/26/2018 6:54:00 AM

 تنامي العلاقة القطرية الأردنية لا يمكن الإبقاء عليه ضمن حدود “علاقة ثنائية”، في وقت يتم فيه ترتيب الإقليم (أو إعادة ترتيبه) بالشكل الذي تحاوله الإدارة الأمريكية المتشددة الحالية، بالتزامن مع تزايد ما يمكن وصفه بالتناحر بين أبناء البيت الخليجي الواحد، ومعهم مصر، من جهة، وبصورة عجيبة لا أحد يسمع فيه اي ردود فعل معادية للتقارب الاردني القطري الطازج من جهة اخرى.

الخليجيون، وتحديدا السعودية والامارات وقطر، بالإضافة لمصر والاردن هم اللاعبون الاقليميون في اي تسوية او صفقة قيد الاعداد، حيث الدول الثلاث الاولى هي المسؤولة عن تمويل الصفقة الامريكية بالدرجة الأولى، أيّاً كانت ملامحها. واغفال قطر في ضوء الازمة الشهيرة، يعني بالدرجة الاولى فشلاً ملموساً في اي مخطط لقطاع غزة، رغم تقلّص النفوذ القطري داخل حركة حماس بصورة او بأخرى بتغير مراكز القيادات التقليدية كخالد مشعل وموسى ابو مرزوق وعزت الرشق، قيادات حماس الحالية تنقسم بين متجنبين لقطر وبدرجة اقل تركيا كرئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية وأميل للجناح الايراني كرئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، ونائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري.

تغير وتبدل القيادات “قلّص” النفوذ السياسي لقطر لصالح المصريين في غزة، ولكن هذا لا يمنع ان قطر مقبولة لدى طيف واسع من قيادات حماس سواء الموجودين في القطاع او المتواجدين في الخارج، كما لا يمنع ان ابعاد قطر عن اي تسوية اقليمية قد يثبت نقصاً في تمويل “خطة الانقاذ الخليجية” للقطاع، او مشروع “غزة أولاً”، الذي بدأت تتضح معالمه حيث محطة لتحلية المياه واخرى لتوليد الكهرباء للقطاع وميناء بحري في شمال شبه جزيرة سيناء المصريّة، وفق ما نقلته صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية، واكدت انها ستتم بأموال خليجية.

التمويل الخليجي، والذي تنضم اليه قطر، يشمل ايضا بصورة لاحقة تعويضات للسلطة الفلسطينية وقد يصل للاردن ايضا، وهو كله بحاجة “جسر تواصل” مع الدولة الصغيرة، يضمن ماء وجه الحلفاء المعادين لها، وهنا قد يكون دور عمان، تجاوز قطر بطبيعة الحال، قد يرتد عكساً على الجميع حيث هجوم وتجييش وتحشيد اعلامي سياسي قطري محتمل، وهو ما لا يتواجد الان. في النقطة الاخيرة تحديدا تفضل الادارة الامريكية على ما يبدو تحييد الدوحة والتي تربطها فيها مصالح ضخمة بدلا من معركة مجانية قد تهدد المكسب الامريكي الاساسي المطلوب، و”تحييد” قناة “الجزيرة” على وجه الخصوص في ملف “صفقة القرن”.

في الدول المذكورة جميعاً تبدو عمان الاقل “عداء” مع الدوحة من جهة، وذات علاقة مقبولة مع اللاعبين الاخرين من جهة ثانية، وعليه تستطيع العاصمة الاردنية ان تتخذ دور المنسق المحلي بين المتخاصمين وهو ما يرجحه صمت كل اللاعبين في المشهد على منحة قطرية للاردن، وترتيبات تقترب لعودة سفير الدوحة الى العاصمة عمان.

العقبة المحلية في الاردن، انه وحتى اللحظة لا يقبل الاردنيون “قطر” كشريك موثوق رغم المنحة التي قدمتها والوظائف التي اعلن وزير الخارجية ايمن الصفدي ان لجنة تعكف على تنسيقها، السبب الرئيسي في المشهد انهم اساسا يحمّلون الدوحة جزءاً من الازمة الاقتصادية بسبب عدم التزامها في حصتها بالمنحة الخليجية السابقة (خمسة مليارات دولار على مدى خمس سنوات)، وتجاهل المصالح الاردنية حينها، وهو السبب الاساسي الذي جعل ميزان عمان يميل لكفة اعداء قطر في الازمة الخليجية.

بهذا المعنى يمكن فهم الصمت المطبق على التقارب الاردني القطري من قبل كل الدول في الاقليم، حيث تقارب كهذا يكفل نزول الجميع عن الشجرة في ما يتعلق بأي تسوية او اتفاقات، الا ان عمان الحذرة اصلا من التسوية الامريكية والتي تجوب مكاتب المسؤولين في ادارة الرئيس الامريكي محاولة تلمّس ما ورائيات المخطط، والحفاظ على ثوابتها بذات الوقت، تتوجس ايضا من فكرة تقارب سريع مع القطريين في حين لا تزال خطط صهر الرئيس جاريد كوشنر، ومعه مبعوث الرئيس الامريكي للشرق الاوسط جيسون غرينبلات، حبر على ورق لم يقرأه الرأي العام ولم تظهر ردود الفعل عليه.

علاقة عمان بالدوحة تحيا مفارقة عجيبة، كما وصفها الكاتب الصحافي المقرب من دوائر صنع القرار فهد الخيطان في مقال له قبل ايام، حيث تنتعش بينما تحيا قطر أزمة مع جيرانها، وعانت الفتور قبل الأزمة الاخيرة، ثم تساءل “هل قامت الدوحة بمساعدة عمان بإيحاء أميركي، كما حصل مع بقية الدول الخليجية في مؤتمر مكة؟”. الجواب الاكثر منطقية قد يكون ان الايحاء الامريكي قد مر على الجميع.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة