محمد أبو فياض
يتنقل المسعفون على الشريط الحدودي لقطاع غزة مسرعين بين آلاف المواطنين الذين تواجدوا في مسيرتي يوم الأرض و"جمعة الكاوتشوك" في محاولة منهم لتقديم خدمتهم الإنسانية بنقل الجرحى ومساعدتهم، لتغدوا أبواق سيارات الإسعاف سيدة المكان.
في ذكرى يوم الأرض شرع المسعفون فضل خضير، وياسر أبو ناموس، ويوسف عاشور، وغيداء عابد، في إخلاء المصابين شرق خان يونس، قرب الخط الفاصل حيث يتحصن جنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكناتهم وخلف سواتر ترابية، حيث خيم صوت الرصاص، وغمرت رائحة الغاز فضاء المكان.
المسعفون الأربعة، الذين كانوا يرتدون معاطفهم البيضاء الدالة على مهنتهم الإنسانية، أوكلت وقتها لهم مهمة نقل الجرحى من الأرض إلى سيارات الإسعاف، ونجحوا في نقل الكثير من الإصابات، إلا أنهم لم يتمكنوا من مواصلة مهنتهم الإنسانية، بفعل طرح رصاص قناص إسرائيلي قاتل لهم أرضاً واحداً تلو الآخر.
وما أن أصيب أحد المواطنين بقنبلة غاز، حتى سارع ياسر إلى نقله، فباغته قناص إسرائيلي برصاصة في صدره أبقته عدة أيام في غرفة العناية المركزة في مستشفى ناصر، وما أن سارع فضل إلى انقاذ ياسر حتى باغته القناص برصاصه في يده أبقته هو الآخر عدة أيام في المستشفى الأوروبي، وحينها سارع يوسف إلى انقاذ ياسر فقنصه جندي برصاصة في ركبته، وما أن سارعت غيداء إلى نقل فضل حتى طرحت هي الأخرى أرضا برصاصتين إحداهما في يدها والأخرى في ساقها، ليقع المسعفون الأربعة أرضا ويتحولون من ناقل للجرحى إلى منقول على حمالة كانوا يحملون غيرهم عليها قبل لحظات.
وأوضحت المصادر الطبية أن الأربعة مصابين بتهتك في الأنسجة وكسور وتلف في الأعصاب.
"إسعاف المرضى والجرحى، إحدى المهام الإنسانية التي لم تحل إنسانيتها دون استهداف رصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي للقائمين بها، تماماً كما لم تحل دون ذلك كل النصوص التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في اتفاقية جنيف الرابعة بخصوص حماية المدنيين وقت الحرب"، قال الطبيب مازن صافي.
وأضاف: إن إسرائيل بعنجهيتها وسياستها المتعجرفة، تحدت العالم كله بتجاهلها لكل ما نصت عليه العهود والمواثيق الدولية، غير مكتفية بإلحاق الأذى بالمدنيين الفلسطينيين العزل الذين يطالهم رصاص قوات احتلالها وهم آمنون في منازلهم، بل استهدفت العاملين في طواقم الإسعاف الطبي.
وتعددت أشكال الاعتداءات المنفذة ضد الأطباء والمسعفين وسياراتهم واستهداف رجال الإسعاف بزيهم المميز أثناء محاولاتهم إسعاف الجرحى.
وتنظر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بخطورة بالغة إلى الاستهداف المتعمد لأفراد طواقم الإسعاف أثناء تأديتهم لواجبهم الطبي الإنساني واستعمالهم شعار وزي الجمعية، الأمر الذي يشكل انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وبخاصة تلك المتعلقة بمسؤولية دولة الاحتلال تسهيل عمل الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
واعتبرت هذه الاعتداءات جزء من استهداف المدنيين المحتجين سلميا باستعمال القوة المفرطة المميتة، مطالبة المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن والجمعية العمومية، وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية ممارسة الضغوط على سلطات الاحتلال لإرغامها على احترام مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والتوقف عن انتهاكاتها وبشكل خاص استهداف المدنيين والمسعفين والصحفيين.
وفا
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |