تلفزيون نابلس
تل أبيب تُقّر بأنّه لا يُمكن منع "الإرهاب الفرديّ" وتؤكّد أنّ العمليات ستزداد ونتنياهو قد يستغّل عملية جنين لشنّ عدوانٍ على غزّة
3/17/2018 4:31:00 PM

 في صيف العام 2014، قامت حركة حماس بأسر وقتل ثلاثة مُستوطنين إسرائيليين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، واستغلّت حكومة بنيامين نتنياهو العملية لتشنّ العدوان على قطاع غزّة، والذي يُسّمى وفق مُعجم كيان الاحتلال بعملية “الجرف الصامد”، والذي استمرّ 51 يومًا وانتهى بفشلٍ مدّوٍ للجيش “الأكثر قوّةً في الشرق الأوسط”، إذْ أنّ العملية كانت أطول حربٍ في تاريخ إسرائيل، حيثُ استمرّت المُقاومة، وعلى الرغم من عدم تكافؤ القوّة بالمرّة، استمرّت في إطلاق الصواريخ حتى الدقيقة التسعين، إذا جاز التعبير.

وما أشبه اليوم بالبارحة: عملية أمس، والتي أسفرت عن مقتل ضابطٍ رفيعٍ في جيش الاحتلال، وجنديّ، وإصابة اثنين، جراح أحدهما بالغة، في عملية الدهس، في شمال الضفّة الغربيّة المُحتلّة، والذين لم تسمح الرقابة العسكريّة في تل أبيب حتى اللحظة بنشر أسمائهم، العملية تُعيد إلى الأذهان السؤال المفصليّ: هل سيستغّل نتنياهو، الغارق في قضايا الفساد، عملية الدهس، لشنّ عدوانٍ جديدٍ على قطاع غزّة؟ ذلك أنّ جميع المُحلّلين في إسرائيل يعتقدون أنّ الرجل بحاجةٍ ماسّةٍ إلى عمليةٍ عسكريّةٍ في الجنوب أوْ في الشمال لتصدير أزماته الداخليّة والتأكيد للمُواطنين بأنّ اللقب الذي بدأ يفقده “سيّد الأمن”، ما زال قائمًا، قولاً وفعلاً.

مُحلّل الشؤون العسكريّة والأمنيّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، أمير بوحبوط، لفت إلى أنّه في أعقاب العملية طفت على السطح عدّة أسئلة ومن بينها الإخفاق الذي ظهر جليًا وواضحًا من التحقيقات الأوليّة، والذي أشار إلى أنّ قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، قامت بإناطة مهمة منع الأعمال الـ”إرهابيّة” بعناصر من الجيش وظيفتهم المركزيّة لا تسمح لهم، مهنيًا، بالقيام بعمليات من هذا القبيل.

وشدّدّ المُحلّل في سياق “تحليله” على أنّ الجنود الذين يقومون بحراسة المُستوطنات يكونون عادةً على الشوارع، الأمر الذي يُعرّضهم للخطر، وبشكلٍ خاصٍّ في الأماكن التي لا توجد فيها مواقع للاختباء من السيارّات الفلسطينيّة التي تمرّ في هذه الأمكنة.

علاوةً على ذلك، أشار إلى أنّه من التحقيقات الأوليّة شاهد الشاب الفلسطينيّ الجنود على الشارع، وعند ذلك قام بزيادة سرعة السيارّة ودهسهم بقوّةٍ كبيرةٍ، لافتًا إلى أنّ الحديث يدور عن أسير مُحررٍ، ونقل عن مصادره في تل أبيب أنّ جميع الأسرى المُحررين هم بمثابة “قنابل موقوتة”، الذين “يتعرّضون” خلال فترة سجنهم لعملية تحريضٍ منهجيّةٍ تُحفزّهم على القيام بعملياتٍ فدائيّةٍ مُباشرةً بعد انتهاء محكوميتهم وخروجهم من السجن، علمًا أنّ مُنفّذ العملية، علاء قبها، 27 عامًا، من قرية برطعة، هو أسير مُحرر تمّ إطلاق سراحه في شهر نيسان (أبريل) من العام الماضي 2017.

وبحسب المُحلّل حذّرت المصادر الأمنيّة في تل أبيب من وقوع عملياتٍ مماثلةٍ، لافتةً إلى أنّ الحديث يدور عن فترةٍ حساسّةٍ للغاية، أيْ خلال الشهرين القادمين، حيث ستكون هذه الفترة مُميّزة بنقل السفارة الأمريكيّة من تل أبيب إلى القدس، بالإضافة إلى أنّ المؤسسة الأمنيّة تخشى من ازدياد العمليات الفدائيّة بسبب شهر رمضان الفضيل، هذا بالإضافة إلى احتفال اليهود الشهر القادم بعيد الفصح.

ووفقًا للمصادر عينها، فإنّ أكثر من تتوجّس منه أذرع الأمن الإسرائيليّة على مُختلف مشاربها هو ما أطلق عليه قائد المنطقة الوسطى السابق، الجنرال روني نوما، لقب “الفدائيّ الوحيد أوْ الفرديّ”، أيْ الذي يُقرر تنفيذ عمليةٍ ضدّ جيش الاحتلال أوْ المُستوطنين بشكلٍ شخصيٍّ، دون أنْ يكون مُنتميًا لتنظيمٍ فلسطينيٍّ، يُدرّبه ويأمره بالقيام بالعملية، وشدّدّت المصادر أيضًا على أنّ مُواجهة هذا النوع من الـ”إرهاب” هو مهمّة صعبة للغاية، كما أنّ المُخابرات عاجزة عن جمع المعلومات عن الفدائيّ القادم، لأنّ لا أحد يعرف عن خططه إلّا هو، على حدّ تعبيرها.

واللافت جدًا أنّ العملية، بحسب الموقع، كانت بمثابة مفاجأة لقوّات الاحتلال، التي أقرّت علنًا بأنّ مُنفّذ العملية لم يكُن تابعًا لأيّ تنظيمٍ من التنظيمات الفلسطينيّة، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ إسرائيل لا تأخذ على محمل الجدّ البيان الذي أصدرته حركة حماس في غزّة، والذي تحدّث عن مرور مائة يوم على إعلان الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، أنّ القدس هي عاصمة إسرائيل.

وخلُص المُحلّل إلى القول إنّ السؤال ليس هل ستكون عمليةً فدائيّةً أخرى، إنمّا السؤال الذي يقضّ مضاجع المؤسسة الأمنيّة في إسرائيل هو متى ستكون العملية القادمة وأين؟، مشدّدًا على أنّ التوجّس الأكبر لدى صنّاع القرار هو من انتشار ظاهرة “المُخرّبين المُقلّدين”، أيْ أولئك الذي كانت عملية أمس الجمعة بمصابة مصدر إلهامٍ لهم، على حدّ قوله.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة