تلفزيون نابلس
عُشر اللبنانيين تجاوزوا الـ 65
1/13/2018 1:53:00 AM

من الصعب أن يقرر المسن شكل حياته في بلدان كثيرة لا تؤّمن لهذه الفئة حقوقها، فكيف إذا فقد هذا المسن إدراكه؟ في هذه الحال قد يسهل استغلاله وحرمانه من أمواله ومعاملته بطريقة غير لائقة. انطلاقاً من هذه الحقيقة، ولأن نسبة المسنين في لبنان مرتفعة مقارنة ببقية البلدان العربية، أعدّت جمعيّة «إدراك» (مركز الأبحاث وتطوير العلاج التطبيقي) مسودّة قانون تحمي كبار السن في لبنان من التمييز والإهمال، من خلال تمكينهم من اتخاذ تدابير احترازية تحسّباً لإمكان تدهّور حالتهم الصحية أو فقدانهم الإدراك أو انعدام أهليتهم نتيجة عوارض، غالباً ما تكون ناجمة عن التقدّم في السن.

يضمن هذا القانون الذي يأتي ضمن مشروع الحفاظ على حقوق كبار السن في لبنان والمُموّل من مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية «MEPI»، إيجاد سبل ملائمة لتوسيع دائرة حماية كبار السنّ من أشكال سوء المعاملة أو الاستغلال التي يمكن أن يقعوا ضحيتها نتيجة وضعهم الصحي، ويكفل لهم حرية خيارهم وفرصة التعبير عن إرادتهم في تسيير شؤونهم وحياتهم اليومية في حال فقدوا إدراكهم جزئياً أو كلياً.

حقوق وضمانات

«لا شكّ في أن المسنين في لبنان في حاجة إلى قوانين كثيرة، فهم يفتقدون لحقوق عدة ومن أبسطها ضمان الشيخوخة، فكان علينا البدء من مكان، ولأن «إدراك» تركّز على كيفية حماية كبار السن الذين يعانون أمراضاً نفسية أو عصبية، كالمراحل الأولى لمرض الألزهايمر أو الهذيان أو الجلطات الدماغية وغيرها، بدأنا من هذا الحق»، يقول رئيس الجمعية اللبنانية للألزهايمر عضو جمعية «إدراك» الدكتور جورج كرم، وهو طبيب نفسي اختصاصي شيخوخة.

ويشرح كرم أنه قبل البدء بوضع مسودة القانون أجرت «إدراك» بحثاً ومسحاً عامين للقوانين المتعلّقة بالوضعية القانونية والاقتصادية والاجتماعية والصحية لكبار السن في لبنان، وخصوصاً للقوانين المتعلّقة بالأهلية القانونية للمسن وماهية آليات حمايته من أي استغلال أو عنف يمكن أن يتعرّض له، ليتبيّن أن هناك فراغاً تشريعياً حول تدابير تضمن استقلاليّة المسنّ في تسيير أموره وحرّية خياره عندما يتقدّم في السنّ وحين ينقص إدراكه، فيضيق هامش التعبير عن رغبات هذه الفئة وقدرتها على تسيير أمورها اليوميّة وشؤونها القانونيّة، موضحاً أن التدبير الوحيد المكرّس في القانون اللّبناني يتمثّل بنظام الحجر القاضي بمنع المسنّ من القيام بأي عمل له طابع قانوني في حال ثبُت أن أهليّته منقوصة أو معدومة، مع غياب تام لأي إطار ينظّم الفترة التي يمكن أن تسبق هذه المرحلة.

تدابير وقائية

وأضاف كرم أنّ المسودة التي عملوا عليها تتيح لكبار السن أو لأي شخص يواجه أعراض الشيخوخة بأن يتمتّع بالحماية والتدابير الوقائيّة قبل أن تتدهور حالته الصحّية وتؤثّر في قدراته العقليّة. إذ تلحظ المسودة تدابير احترازية مثل تمكين كبار السن، قبل أن يفقدوا قدراتهم العقليّة، من توكيل أشخاص يثقون بهم، كي يتولّوا القيام نيابة عنهم بأعمال محدّدة سلفاً.

وفي هذا السياق رأى كرم أن وضع التدابير الاحترازية في نص قانوني خاص يحدّد شروطه ومفاعيله، من شأنه أن يحمي كبار السن من أي شكل من أشكال الاستغلال بفضل الرقابة القضائية التي تواكب مرحلة تفعيله وتنفيذه، وتضمن استقلاليته واحترام إرادته.

ويوضح أنّ هذا القانون يسمح لأي إنسان (مهما كان سنه) أن يقرر كيف سيعيش ومن المسؤول عنه وعن أمواله في حال فقد الإدراك. فمثلاً إذا مات المسن سريرياً من يقرر مصيره من حيث البقاء على قيد الحياة عبر الأجهزة الطبية أو لا؟ في حال تم إقرار هذا القانون يصبح في إمكان الشخص تحديد هذا الأمر مسبقاً مع ضمان المراقبة القانونية.

ولفت كرم إلى أن «إدراك» وفي إطار جهودها لحشد التأييد للمشروع، نظمت سلسلة ورش عمل لتأمين دعم الجهات الحكوميّة المعنيّة، وعرضت مسودة القانون على وزارة الشؤون الاجتماعية كونها وزارة معنية ومن ثم وزارة العدل، مؤكداً أن مشروع القانون سيعرض على البرلمان بعد الانتخابات النيابية المقررة هذه السنة، للمصادقة عليه ومن ثم إدخاله حيز التنفيذ.

وأضاف أن فريق العمل الذي أعدّ مسودة القانون يضم محامين واختصاصيين استفادوا من قوانين عالمية، وتحديداً القانون الفرنسي مع العمل على لبننته ليتناسب مع البيئة المحلية.

صدارة سلبية وحاجة ملحة

يتوقّع أن تتضاعف نسبة سكان العالم الذين تخطوا سن الـ60، من 12 في المئة إلى 22 في المئة بين عامي 2015 و 2050، وبحلول العام 2020 سيتجاوز عدد من يبلغون هذه السن أكثر من عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وفق أرقام الأمم المتحدة.

أما في لبنان، فيلفت الدكتور كرم إلى أن نسبة من تتجاوز أعمارهم الـ65 سنة يشكلون 9 في المئة من مجمل اللبنانيين، ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 13 في المئة في عام 2025 ما يجعل لبنان دولة مسنة مقارنة ببقية الدول العربية.

ووفق المؤتمر العربي لكبار السن (2015) يحتل لبنان المركز الأول من حيث ارتفاع نسبة المسنين، تليه تونس بنسبة 7.5 في المئة، ويتوقّع أن تصل إلى 9 في المئة في 2020، وإلى 11 في المئة في 2025، و13.3 في المئة في 2030.

ويحتل كل من المغرب والجزائر وليبيا ومصر المرتبة الثالثة بنسبة تتراوح بين 7 و8 في المئة. وتسجّل الخليج العربي النسبة الأقل، خصوصاً قطر والإمارات، حيث تصل نسبة المسنين إلى 2 في المئة فقط.

كما أنه وفق تقديرات الأمم المتحدة، هناك 47.5 مليون مصاب بالخرف في العالم، علماً أنّ نصف هؤلاء المرضى (58 في المئة) يعيشون في البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل. كما يشهد كل عام حدوث 7.7 مليون حالة جديدة من هذا المرض.

وتشير التقديرات إلى أنّ نسبة المصابين بالخرف بين عموم من يبلغون 60 سنة وما فوق تتراوح، في وقت معيّن، بين 5 و8 من بين كل 100 شخص.

ويتوقّع أن يرتفع العدد الإجمالي للمصابين بالخرف إلى 75.6 مليون نسمة في عام 2030، وحوالى ثلاث أضعاف في 2050 ليصل 135.5 مليون نسمة.

وفي لبنان يقول الدكتور كرم إن هناك 50 ألف حالة ألزهايمر، فضلاً عن المصابين بأمراض أخرى تسبب فقدان الإدراك عند كبار السن، ما يجعل قوننة حمايتهم في هذه المرحلة حاجة ملحة. (الحياة)


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة