تلفزيون نابلس
نابلس ... عقارات أسرى وذهب زوجاتهم للبيع لسداد الغرامات
11/2/2017 7:16:00 PM

 أحمد البيتاوي - لم تجد زوجة الأسير سميح عليوي من مدينة نابلس خيارًا  غير عرض منزلها للبيع، من أجل تأمين الغرامة الكبيرة التي فرضتها محكمة الاحتلال على زوجها المعتقل منذ عامين ونصف، وإلّا فإن حكمه المنتظر سيضاف عليه مدة قريبة للفترة التي مكثها في السجن.

واعتقل جيش الاحتلال الأسير سميح، في منتصف شهر نيسان/إبريل من عام 2015، وقد صادر الجيش خلال اعتقاله مجوهرات بقيمة نصف مليون شيقل، من محل بيع الذهب الخاص به وسط نابلس، إضافة لسيارته الخاصة.

تقول زوجته "وطن عليوي" لـ"ألترا فلسطين"، إنّ نيابة الاحتلال العسكرية فرضت على الأسير دفع غرامة بقيمة نصف مليون شيقل، فوق ما تمت مصادرته، إضافة لفترة اعتقال تصل إلى 33 شهرًا بعد صفقة أولية توصل إليها المحامي، ولم تصادق عليها المحكمة بعد.

وتضيف، "توجهنا بعد ذلك لعدة جهات من أجل مساعدتنا في دفع الغرامة، فهو مبلغ كبير لا يمكن تأمينه بسهولة، وبعد أن فشلنا في تأمين المبلغ؛ ولعلمنا المسبق أنّ هيئة الأسرى لديها قرار بعدم دفع غرامات الأسرى؛ عرضنا منزلنا للبيع حتى لو أدى ذلك للانتقال إلى بيت مستأجر".

وتشير وطن إلى أن قرار بيع المنزل لم يكن سهلاً من الناحية المعنوية والعملية، فبيعه يعني ترك ما به من ذكريات ولحظات جميلة عاشتها مع زوجها وأبنائها، ورغم ذلك فإنها ما زالت تواجه صعوبة في إيجاد زبون يشتري المنزل بـ"الكاش"، وهو ما دفعها  لتخفيض ثمنه.

وما زاد الطين بلّة، أن هيئة الأسرى لم تصرف لعائلة سميح راتبًا أسوة ببقية الأسرى، بدعوى أن التهم الموجهة لزوجها متعلقة بإدخال أموال، وهو الأمر الذي اعتبرته الهيئة تهمة مدنيّة وليست أمنية.

وتابعت، "زوجي أسير أمني سابق أمضى حوالي 5 سنوات في سجون الاحتلال، وهو معروف في أوساط الحركة الأسيرة.

وتتشابه معاناة الأسير المحرر عنان فتوح من نابلس مع قصة عائلة الأسير سميح عليوي، غير أن فتوح وجد ما يبيعه غير منزله لتأمين الغرامة التي فرضها عليه الاحتلال، وبلغت نصف مليون شيقل.

يقول فتوح: "كنت بين خيارين أحلاهما مر، إما دفع الغرامة أو إضافة عامين فوق الحكم، وفي النهاية قررت شراء حريتي مهما كلف الأمر، فبعت ذهب زوجتي ووالدتي وشقيقتي وقطعة أرض في قرية دير الحطب كنت مدخرها للزمن".

وتابع، "عدم دفع الغرامة والبقاء في السجن لم يكن خيارًا سهلًا، فمعاناة الأسر لا يمكن وصفها، عدا عن تعطّل تجارتي وعدم وجود مصدر دخل لأسرتي، خاصة أن هيئة الأسرى رفضت صرف راتب، بحجة أن تهمتي مدنية لها علاقة بإدخال أموال من الخارج".

ويتساءل فتوح مستغربًا، "كيف اعتبرت الهيئة تهمتي مدنية، لا أعرف، مع العلم أنني مكثت طوال فترة اعتقالي التي بلغت عامين في أقسام الأسرى الأمنيين، ولو كانت الخلفية مدنية لنقلوني إلى أقسام المدنيين".

هذه التساؤلات، رد عليها ثائر شريتح مسؤول الإعلام في هيئة شؤون الأسرى قائلًا، إن نقل الأموال من خارج فلسطين لا يختلف كثيرًا عن تجارة السلاح بقصد التربح المادي، مضيفًا أن هذه القضايا اعتبرتها الدائرة القانونية في الهيئة خارج إطار متابعتها المالية.

وقال شريتح لـ"ألترا فلسطين"، إن الهيئة قد تستطيع التفرقة من الناحية "النظرية" بين الأسرى الذين يُدخلون  الأموال لأغراض وطنية، وبين من يدخلونها مقابل أجر مالي، وذلك بالنظر إلى خلفية الأسير مثلاً، "ولكن من الناحية العملية والقانونية لا نستطيع التمييز بين الأمرين، لذلك تعتمد الهيئة ما يرد في لائحة الاتهام وما يقوله الأسير حتى وإن أخفى دوافعه الحقيقية".

ولفت إلى أن اعتماد حالة واحدة لأسير وجهت له تهمة إدخال أموال،  يعني اعتماد جميع الحالات المشابهة دون المقدرة على التفريق بين الخلفية الأمنية والمدنية.

وفيما يتعلق بالغرامات المالية الكبيرة التي يفرضها الاحتلال على الأسرى، أوضح شريتح أن الهيئة اتخذت منذ مطلع شهر كانون الثاني/يناير لعام 2014 قرارًا بعدم دفع هذه الغرامات، وذلك بعد التشاور مع المؤسسات ذات الصلة والحركة الأسيرة.

وكانت هيئة الأسرى قد نشرت في وقت سابق إحصائية ذكرت فيها أنها دفعت خلال الأعوام 2004 و2005 و2006 غرامات وصلت قيمتها إلى 15 مليون شيقل، بينما دفعت خلال الفترة ما بين عامي 2008-2013 أكثر من 26 مليون شيقل.

وحتى اتخاذها قرار وقف دفع الغرامات، كانت هيئة شؤون الأسرى تدفع مبلغ أربعة آلاف شيقل كحد أقصى من قيمة الغرامة، ويكمل الأهل دفع البقية حال زادت عن ذلك.

ويشير شريتح إلى أن الغرامات تعتبر من أشكال السرقة العلنية التي تمارسها إسرائيل، وهي إجراء غير قانوني يُدرُّ دخلاً كبيرًا لحكومة الاحتلال التي تخصص هذه الأموال لصالح الجيش، وإدارة سجون الاحتلال التي تنكل بالأسرى.

وقال: "نطالب عائلات الأسرى بعدم دفع هذه الغرامات ورفض هذه السياسة من منطلق وطني، وهو جزء من سياسة رفض الاحتلال بكل أدواته وأشكاله (...) نتفهم حرقة الأهل واندفاعهم من أجل الإفراج عن أبنائهم، ولكن دفع الغرامات وحسب تجارب وشواهد عديدة لا تُغيّر من الحكم كثيرًا ".

وأشار شريتح إلى أن عائلة أحد الأسرى رفضت دفع غرامة بقيمة أربعة آلاف شيقل، فرضها قضاء الاحتلال على نجلها إضافة لحكم بالسجن 6 سنوات، وقد وقف والد الأسير حينها في قاعة المحكمة وصرخ في وجه القاضي: "لن أدفع ثمن وقود مركباتكم العسكرية".

وأضاف، "لو أنّ كل عائلة أسير اتبعت هذا النهج ورفضت دفع الغرامة لتراجع الاحتلال عن هذا الإجراء، لكن تماشي الأهل مع دفع الغرامة رغم ارتفاعها هو ما شجعهم على توسيع ذلك ومضاعفة الأرقام".

وأمام إصرار عوائل الأسرى على شراء حرية أبنائهم مهما كان الثمن غاليًا، أصبحت جميع الأحكام الصادرة بحق الأسرى تتضمن غرامات مالية، بما في ذلك الأطفال، بل إن كثيرًا من الغرامات يكون موعد دفعها مقيدًا بفترة زمنية محددة، حتى استطاعت سلطات الاحتلال جمع أكثر من 130 ألف دولار من عوائل الأسرى الأطفال في سجن "عوفر" فقط، وذلك منذ بداية عام 2017، وحتى شهر أيلول/سبتمبر منه.

·       أحمد البيتاوي .. كاتب وصحفي من نابلس

المصدر: الترا فلسطين


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة