تلفزيون نابلس
نابلس العراقة
11/2/2017 3:44:00 PM

 

 

نابلس العراقة_كتب _بدرأبو نجم

 

 

كتب_بدر أبو نجم_ في كل مرة اذهب فيها الى تلك المدينة الجميلة أتذكر عندما ذهبت مع والدي وأنا صغير لم اتجاوز من العمر حينها العشرة أعوام ، أتذكر حينما قال لي في بداية التسعينات أن أسلم على الشرطي الفلسطيني الذي كان متواجد بالبلدة القديمة بنابلس الذي كان يرتاد الزي العسكري الكحلي ، ترتسم على وجهه ابتسامة منتصر . كان ذلك عندما جاءت السلطة الفلسطينية لأول مرة إلى الضفة الغربيه وكان هذا بالنسبة للشعب الغلسطيني يعتبر انتصارا حقيقيا ،في ان يجدوا من يلبس بذلة عسكرية جاء ليحميهم وجاء عكس ما اتا به الإحتلال . قال لي ابي * شايف الشرطي ..روح سلم عليه * لم أجرء على ذلك حينها لانني لست متعود على شرطي او جندي ان يكون مبتسما بوجهي ويمد يده لمصافحتي فانا لم اعرف الا الجندي والشرطي الاسرائيلي فقط ، والذي كان يلاحقني حتى في منامي  لن أنسى ذلك الموقف وأنا في طريقي لمصافحته وهو لا يبعد عني سوى بضع أمتار فقط ، وكنت ارتجف خوفا منه فأنا لم أصدق رواية أبي أنه شرطي فلسطيني ، فمن الطبيعي جدا ان تجد طفلا بهذا العمر لا يصدق ما يقال مع هذا الكم الهائل من صور الاحتلال وجرائمة التي كان يشاهدها كل يوم . ومع ارتجاف جسدي في لحظتها وجدت نفسي اصافحه ذلك الشرطي وترتسم على وجهي ضحكة صفراء سببها الخوف ويتلون وجهي بضحكة صفراء ، فما زال الشكل موجود بأن هذا الشرطي فلسطيني .

وعندما وضعت يدي بيده ، ابتسم الشرطي في وجهي وسر لي ورتل على رأسي كأنه يقول لي لا تخف فأنا أعرف شعورك الآن بأنك تعتقد أنني إسرائيلي فانت يا بني تعودت على ملاحقتهم لك وليس مصاففحتهم . لا أدري حينها كيف تسلل الى داخلي شيئ من الأمان لم اشعر به من قبل و لأول مرة في حياتي . لكنني رسمت في هذا الموقف الذي لا يتجاوز الدقائق منذ أن أشار لي أبي إلى الشرطي حتى افرغت كفه من كفي الصغير الذي كان يلتهمها بكفه الخشن الآمن في نفس الوقت ورجعت إلى أبي وهو يفتخر أنني لم اشعر بالخوف وذهبت وصافحته كالرجال . وعند انطلقنا نحو موقف السيارات في المدينة وركبنا الباص الابيض الفورد حينها بالمقعد الخلفي اشاهد ارصفة المدينة كنت أتساءل بداخلي : هل حقا ذهب الاحتلال؟ أنا لا اصدق لقد ذهب الإحتلال فعلا وأصبحت بلادي محررة وأصبح الشرطي الفلسطيني يحمينا ........ لكننا بعد دقائق تفاجئنا بحاجز عسكري اسرائيلي اوقفنا ، وسرعان ما ذهب كل شعوري الذي شعرته قبل هذا الحاجز اللعين وعاد اليأس يملأ قلبي من جديد حتى وقت كتابتي هذا المقال.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة