بقلم د.محمد رياض
الخلفاء الراشدون فتحوا الشام ومصر وفارس وشمال أفريقيا فدخل أهل البلاد في الإسلام!
الأمويون فتحوا بلاد الهند والسند وآسيا الوسطى والأندلس فدخل أهل تلك البلاد في الإسلام!
العباسيون فتحوا جزءاً كبيراً من بلاد الروم ( تركيا اليوم) وكذلك بلاد التركمان والطالقان وتوسعوا في الهند فدخل أهل تلك البلاد في الإسلام!
وفي عصر الفاطميين دخل معظم من تبقى من وثنيين ومسيحين قي شمال ووسط إفريقيا ومعظم أقباط مصر في الإسلام!
وحتى في عصور دول خلافة صغيرة نسبياً مثل الموحدين والمرابطين في المغرب الكبير دخل أهل السنغال ونيجيريا ووسط افريقيا بمحاذاة الصحراء الكبرى في الإسلام!
أما الأتراك العثمانيون فإنهم إستولوا لمئات السنين على بلاد اليونان وبلغاريا ورومانيا والمجر وأرمينيا فلم يدخل أهلها في الإسلام!!!!!
هذه الملاحظة كانت دائماً تدفعني للبحث عن سر عزوف أهل البلاد المحتلة من العثمانيين عن الدخول في الإسلام، وفي الحقيقة فأني لم أستطع التوصل الى إجابة عن هذه المعضلة إلا في عصر "الناصر لدين الله" "سلطان المسلمين " رجب طيب أردوغان!
أردوغان يمثل فعلاً وبصدق عقلية أجداده العثمانيين، فالإسلام عنده وعندهم ليس أكثر من وصفة للحكم ومد النفوذ، وهم كذلك يحبون بلدهم تركيا جداً ومستعدون لأن يمتصوا خيرات المحيط كله لكي تبقى تركيا قوية ومزدهرة .
سليم الأول جد أردوغان إستقدم الالاف من أمهر الصناع والأطباء والعلماء الشاميين وأجبرهم على الإنتقال الى إسطنبول للعيش هناك كمواطنين أتراك لكي يساهموا في إزدهار تركيا ، وكذلك فعل حفيده أردوغان مع السوريين حيث قام بإتخاذ إجراءات عملية لتجنيس نحو عشرين ألفاً من الأطباء والعلماء وحملة الشهادات العليا المتميزة من السوريين!
سلاطين آل عثمان كانوا دوماً يقاتلون أعدائهم وخصومهم الإقليميين بالمجندين العرب بشكل أساسي وكذلك يفعل اليوم أردوغان، فهو يريد إسقاط نظام بشار الإسد ومستعد أن يقاتله هناك حتى آخر سوري مجند في الفصائل السورية المعارضة التي تتبع لتركيا!
سلاطين آل عثمان كانوا يحرصون جداً على إستمالة عدد كبير من مشايخ المنابر في الأقاليم للدعاء والدعاية لهم بإعتبارهم حماة الاسلام وسلاطينه وذلك لتضليل العامة واستغفالهم بإسم الدين، وكذلك اليوم يشكل مشايخ الأخوان المسلمين أداة الدعاية الدينية "لسلطان الإسلام" الطيب أردوغان كما وصفه الشيخ القرضاوي، مع أن السلطان خلال اثني عشر عاماً في الحكم لم يغلق خمارة واحدة ولا قناة دعارة بينما أغلق العشرات من صحف ومواقع المعارضة!
سلاطين آل عثمان كانوا ينهبون خيرات الأقاليم التي يحكمونها ويرسلون بها الى تركيا، وأردوغان منذ ان وضع قدماً له في سوريا حتى إختفت المصانع في حلب بعد تفكيكها ونقلها لتركيا وحتى نشطت عمليات تهريب البترول السوري عبر تجار السوق السوداء للأراضي التركية لدرجة أن موسكو إتّهمت رسمياً بلال باشا نجل السلطان بالإشراف بنفسه على عمليات تهريب البترول السوري !
ولم يتوقف الأمر على سرقة مصانع حلب وبترول الشمال السوري بل إن أشجار الأحراش الطبيعية في أدلب قد إختفت بقدرة قادر وتحولت الى قطع خشبية تمر الى تركيا عبر شاحنات تجارية !
أردوغان مد يده أيضاً لمساعدة مصر أيام كان الرئيس مرسي في سدة الحكم ، وكانت المساعدة عبارة عن عقود هائلة لتصدير للمنتجات التركية الى مصر، ولما وقع الحصار على قطر تدخل أردوغان فوراً لتوقيع عقود تصدير لسد حاجة السوق القطري من المواد الغذائية، وكله بالعملة الصعبة طبعاً!!
أردوغان باع الفلسطينين كلاماً جميلاً جداً ومواقف رجولية تلفزيونية غاية في الجودة عندما رفض مصافحة بيريز أمام كاميرات التلفزيون، لكن الكلام لا يطعم خبزاً ولا يسلح مقاوماً ، فحركة حماس التي كان يطبل إعلامها لأردوغان، والتي أعلن الناطق الرسمي بإسمها مشير المصري قبل نحو ثلاث سنوات أن مقاتلي حركته مستعدون للفناء دفاعاً عن نظام اردوغان اذ استدعى الامر، اذا بها اليوم تستجدي عطف الامارات للتدخل لدى السيسي لتخفيف الحصار واذا بقائدها السنوار يعلن عن أرسال لجنة لإعادة العلاقات مع إيران قائلاً أنه لا يوجد طرف مستعد لدعمهم مادياً غير الإيرانيين!
هل عرفتم الآن لماذا لم تدخل الشعوب التي كانت تحت حكم العثمانيين في الإسلام...... لأن الإسلام عند العثمانيين الأوائل والجدد كان ولا يزال "مصلحة"!
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |