تلفزيون نابلس
فلسطين للمرة الأولى
5/29/2017 1:18:00 PM

 ما أن وصل الكاتب والروائي المصري ابراهيم فرغلي أرض فلسطين حتى كتب على صفحته على الفيسبوك: رئتاي تمتلآن بهواء فلسطين واتنشق نسيم رام الله .. أنا في البلاد الحلم.

أما الراوية السورية مها حسن، فقالت: فلسطين بالنسبة لي هي الأرض الضائعة، والحلم العسير. ذهبت إليها محاولة الإمساك بالحلم الضائع. وفعلاً انتقلت من فصل (الزمن الضائع) إلى فصل (الزمن المستعاد) بحسب عناوين مارسيل بروست في روايته : البحث عن الزمن الضائع.

انتظرت الضيوف القادمين للمرة الأولى إلى فلسطين، للمشاركة في ملتقى فلسطين الوال للرواية العربية (7/11- 5 - 2017 ) وكانت معهم في ساعاتهم الأولى تسألهم عن انطباعاتهم وما تشكل لهم في البدايات.

كانوا ينتظرون انتهاء موعد الندوة الاولى، ليخرجوا إلى الفضاء، يتمعنوا سماء فلسطين، ويستنشقوا هوائها، يتنقلون بين المقاهي القريبة في شارع يافا، وفي جوار ومقابل مبنى بلدية رام الله، أكف كثيرة تتداخل في لحظات تصافح ومودة، قبل متبادلة بين القادمين والمقيمين، شغف القادمين لتذوق المزيد من فلسطين، والثقافة هي الطريق والوسيط .

الحبيب السالمي / روائي تونسي:

لأول مرة تطئ قدماي ارض فلسطين الحبيبة كنت منذ فترة طويلة مثل اي عربي احلم بان ازور فلسطين، مبتهج جدا بهذه الزيارة خاصة، الاستقبال الهائل الذي خصنا بها اخواننا الفلسطينيين وطبعا لا استغرب ذلك، والندوة مهمة جدا وليست ندوة فلسطينية فقط، انما ندوة عربية بأتم معنى الكلمة ينظمها الفلسطينيون لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال عليهم، وهي مثل كل الندوات التي تعقد في الرباط والقاهرة وبيروت وتونس، أي ان الفلسطينيين يأتون بالثقافة العربية الى بلدهم هم مساهمون اساسيون في تطوير الثقافة والرواية العربية وهذا شيء مبهج وهذا ليس غريبا على الفلسطينيين، هناك روائيون فلسطينيون كبار في تأسيس وتطوير الروية العربية كغسان كنفاني، جبرا ابراهيم جبرا، اميل حبيبي والكثيرين من الكتاب الفلسطينيين.

 

فلسطين رائعة، ورأيت غير ما يصلنا في أوروبا، حيث تبث لنا أفلام تبين شعب فلسطين فقير وحزين، لكنني رأيته شعب منفتح على الحياة ويحبها ويقبل عليها، ومحبة الحياة هي ايضا فعل مقاومة.

أعجبتني العمارة في رام الله، النساء، المركبات، ألوان الحجر الأبيض للبنايات، في باريس تمطر الدنيا أشهرا طويلة، مللنا المطر، حين استيقظت في الفندق الذي نمت فيه في رام الله هجمت عشر شموس على الغرفة.

حجي جابر / روائي إرتيري:

انا سعيد جدا بوجودي في فلسطين وهذا أمر من الصعب تخيله، انا لا أتخيل أو أستوعب أنني موجود في فلسطين، هذا اليوم شعوري مختلط ومضطرب ولا استطيع تحديد ملامحه، انا اعتقد ان اليوم التالي لعودتي من فلسطين ستتضح الرؤية، انا الآن في قلب معمعة المشاعر المختلطة.

الملامح الاولية لمشاعري، لا تفكر انه هناك فرق كبير بين فلسطين في المخيلة وبين فلسطين على الارض، نعرف فلسطين من خلال شعارات ومن خلال عناوين الاخبار ومن خلال ما يراد له ان يصل الينا.

 

هذا يختلف تماما عن فلسطين حين نراها نحن وليس حين يُنقل إلينا، اكتشفت مثلا أن فلسطين دائما تُعالج وتنقل إلينا بشكل مختلف، وانا الآن للمرة الأولى أغوص في فلسطين المكان والانسان، والهواء حتى.

إلى أي مدى نحن من يقف مع فلسطين هذا تغير ابضا، من يحتاج الاخر هو العربي، العربي هو من يحتاج الفلسطيني، حالة الدعم المادي والمعنوي والشعاراتي هو دعم قشري، الحقيقة ان العربي هو من يحتاج الامكانات المتوفرة لدى الفلسطيني، يحتاج الصمود ويحتاج أن يعرف معنى أن تعيش.

الحياة مليئة بالتسلط لكنك قادر على خلق حياة أخرى، كيف يعيش حالة ضمن اطار وشروط صعبة، جئت لأتعرف أولا على طبيعة انسانية باذخة، والامر الثاني حتى الفلسطيني يدعمني، في يومين فقط تعلمت معنى الصمود مثلا كفكرة تهريب النطف، وكيف يثبت الفلسطيني أنه سيعيش رغما عن هذا السجان، مشاعري وافكاري الآن كلها باتجاه أني أعيد تشكيل وفهم وصبغ ومعنى كلمة فلسطين، وهي حالة مبهرة ومدهشة. لم أزر في حياتي بلاداً كفلسطين، ولا أظنني سأفعل.

زهير الجزائري / صحفي وكاتب عراقي:

هذه الزيارة الاولى لرام الله، وليست فلسطين، فرام الله ليست فلسطين بكاملها، لكنها جزء أساسي منها، هذه الزيارة أعتبرها منعطفا مهما في حياتي، أول مرة أرى الفلسطينيين خارج المخيم، في مدينة كاملة تابعة لهم، ويديرون حياتهم بأنفسهم، برغم الاخفاقات والصعوبات ووجود المدينة محاطة بالتلال من المستوطنات ونقاط السيطرة الاسرائيلية لكن تبدو الحياة هنا عادية، واعتبر انه هذه الحياة العادية شكل من اشكال التحدي، مضاف الى الاضراب عن الطعام الذي يقوم به الاسرى والذي يشارك به عدد غير قليل من المدينة بشكل سلمي ولكن بشكل مؤثر جدا واعتبر هذه الزيارة شكل من اشكال التضامن مع الأسرى وفك الحصار الثقافي عن الفلسطينيين (المقابلة كانت أثناء إضراب الأسرى).

من خلال اطلاعي على المدينة وتجوالي لاحظت ان قدرة الفلسطينيين على بناء حياة مدنية متطورة حتى قياسا ببلدان عربية لها فترات طويلة مستقلة، كانت عالية جدا، لاحظت بناء منظمات مجتمع مدني أسست مراكز مهمة في المدينة، داخل المدينة هناك معارضة للسلطة نفسها اخذة شكل من اشكال الاحتجاج والنقد، واعتبر هذا واحد من معالم الديمقراطية.

سميحة خريس / روائية أردنية:

بلا مبالغة شعرت انني أمشي بالأردن شعرت بالروح وهوية لسوريا الطبيعية وشعرت اليوم ان فلسطين كانت دائما في اذهاننا فلسطين افتراضية واندلس مضاع، اليوم أشاهدها مسكا باليد وارى ان كل ما مر بنا كان عسيرا مما يتوجب ان نتواصل تواصلا حقيقيا لا تواصل نظري او اعلامي ولا تواصل سياسي، نريد تواصلا انسانيا وثقافيا، درويش قال: بيروت خيمتنا الاخيرة انا اقول الثقافة هي خيمتنا الاخيرة.

مها الحسن / روائية وقاصة سورية:

المرأة التي طبطت على ذراعي في الباص رقم 218..

انتهى نهارنا في القدس، وتوجب علينا التوجه إلى موقف الباصات في ساحة نابلس في القدس. هناك كان الناس يقفون في طابور واحد، تحت لوحة تحمل اسم رام الله. ولوحة مجاورة، تشبهها تماماً، تشير إلى موقف باص رام الله.

استغربت من وجود لوحتين تشيران إلى الوجهة ذاتها، وحين سألت صبية، أخبرتني أنه في حالة الازدحام، يوجد موقفين معاً.. لكن السيدة العجوز، أشارت إلي: هذا باص رام الله. حيث لمَحته عن بُعد. فسألتها: كيف تعرفين الباص يا حجة ؟ قالت لي: بعرفه، منذ سنوات وأنا أستعمل هذا الباص. أعجبتني نباهتها، وتمييزها للرقم 218 دون أن تعرف القراءة، لكنها تحفظ رقم الباص.

انتظرت صعود الجميع، ثم صعدت برفقة صديقين متّجهين معي إلى رام الله. ومررتُ جوار العجوز التي سبقتني إلى الجلوس، وما إن لمحتني، حتى مدت يدها صوبي، وأمسكت بذراعي، وطبطت عليه، وكأننا نعرف بعضنا منذ سنوات، أو أننا جيران.

ابتسمت لها ووضعت يدي على رأسها بحنان. لحظة تواطؤ بين امرأتين لا تعرف إحداهما الأخرى، لكن نرجسية العجوز تحركت بسبب إعجابي بذكائها وتعرّفها على الباص الذي ينقلها، دون معرفة لها بالقراءة.

في الباص، كانت المرأة الشابة الجالسة أمامي مع طفلها، ترد على أسئلة صديقي، وتحدّثه عن أسماء المدن التي نعبرها، وتصف له معبر قلنديا شارحة تفاصيل تهمنا كغرباء.

في فلسطين، يحتفي الجميع بالغريب الذي يكفي أن يتحدث لغة البلاد، ليصير جزءاً من تلك البلاد.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة