تلفزيون نابلس
حملا السلاح معا فاستشهد عبد الرحيم وبقي عبد الرحمن شاهداً على النكبة
5/17/2017 4:18:00 PM

 

انوار نصر - سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى، فإما حياة تسر الصديق و إما ممات يغيظ العدى، بأبيات الشعر هذه بدأ الحاج عبد الرحمن عواده(85 عاماً)من مدينة نابلس، حديثه معنا مستذكرا لأيام مضت برفقة صديقة الشاعر والثوري عبد الرحيم محمود منذ 69 عاماً حتى يومنا هذا.

فهذه القصيدة هي ذاتها التي رددها لأيام متواصلة مع خليل روحه الشاعر عبد الرحيم، أثناء رحلة مسيرهم إلى الشام من أجل التدريب على حمل السلاح والقتال فيه، والالتحاق بجيش المدافعين عن فلسطين في عام 1948.

جيش الإنقاذ

أيام وليالي أمضاها عوادة مع شقيق روحه أثناء مسيرهم من طولكرم إلى نابلس، ومن ثم إلى سوريا وصولا إلى الشام العتيق، يروي عبد الرحمن عوادة قصة دفاعه عن فلسطين ويقول" بعد وصولنا إلى الشام مكثنا في ضيافة خير رجالها في ذاك الزمان، السيد محي الدين الطباع، وبعد قسط من الراحة علم أننا جئنا بنية التطوع في جيش الإنقاذ بقيادة عبد الجبار الشمري على خط الدفاع الأول".

وبالفعل ما تمنوه حصل يكمل عوادة" بعد قضاءنا أكثر من مئة يوم في التدريب، تم تقسيمنا إلى عدة ألوية، حينها شاءت الأقدار بأن أنفصل عن خليل الروح عبد الرحيم، فجندت أنا في لواء مدينة اللد والرملة، وجند صديقي في لواء قضاء مدينة حيفا".

ويتابع" وصلت إلى اللد وكان الليل قد حل، مكثنا قليلاً من الزمن بضيافة الحاج ذيب مقبل الذي كان يعمل جزارا، قبل أن يجبره اليهود على ترك منزلة والرحيل منه، ليغدو لاجئاً مثله مثل بقية سكان فلسطين ممن كتب عليهم التشرد والضياع، وقد وصلتني الأنباء بعد فترة وجيزة أنه توفي فور وصوله مخيمات الشتات، فلم يتحمل ما حل بمنزله وبلاده، وها هم أبناءه يحملون الراية من بعده في عمان".

عبد الرحيم محمود

ومع اشتداد المعركة مع اليهود وكثرة المجاز التي حلت في ذاك الزمان، دخل لواء قضاء مدينة حيفا في معركة طاحنة سميت بمعركة الشجرة، نسبة للقرية التي حلت بها، فلم تفرق حينها المعركة الكبير من الصغير فقتلوا الطير والبشر وشردوا النساء والأطفال والشيوخ، فسقط عبد الرحيم شهيداً يعطر بدمائه الطاهرة تراب فلسطين.

وقبل استشهاد عبر الرحيم في معركة الشجرة بسنة واحدة، كتب أبيات قصيدته الشهيرة (الشهيد) وعمره لم يتجاوز أربعة وعشرون عاماً، حيث ظلت كلماته هذه وعداً ملتزماً به فحمل روحه على راحته وألقى بها في مهاوي الردى دفاعًا عن وطنه.

ويقول عوادة" خبر استشهاد عبر الرحيم لم يكن بالأمر الهين علي، فهو أكثر الرجال دافعاً عن فلسطين وشرفها المسلوب، وأذكر جيداً أنه شارك في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م لثلاث سنوات مشتعلة، ثم شارك في الحرب العربية على إسرائيل بعد رفض العرب قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين الصادر يوم 29 نوفمبر 1947، إلى أن استشهد في معركة الشجرة بتاريخ 13 يوليو 1948".

من ذاك الزمان إلى يومنا الحاضر، أصبح عبد الرحيم ولا زال مثلاً أعلى يفعل ما يقول، فعاش إلى الآن يَسُرُّ الأصدقاء بذكراه العطرة، ويغيظ الأعداء كما كتب في قصيدته تمامًا.

وها هو رفيق درب الشهيد عبد الرحيم محمود، الحاج عبد الرحمن عوادة، يستذكر صديقة في كل يوم ويحفظه كلماتً في دفتر ذكريات ذو لونٍ أسود، اكتسبه من لون النكبة والحرب، حيث لا يفارق جيبه قط، ولا زال أيضاً يحفظ الأسماء والأشخاص الذين كانوا خير مضيف له في ما مضى لتظل ذكراهم شاهدة على مجازر ونكبات حلت بالشعب الفلسطيني.

 ج القدس


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة