تلفزيون نابلس
عشبة السعادة الفلسطينية
11/7/2016 6:36:00 PM

 

د.كتب عمر سعيد

هذه النبتة الفلسطينية الجميلة تهدئ الأعصاب, وتقاوم الاكتئاب وتقوي الجهوزية والتركيز, وقد تأخذكم في مشوار نقاهة لطيف بعيدا عن ضغوطات الحياة واحباطات السياسة, ولهذا السبب اوصي بها كذلك لخفض منسوب التوتر الناجم عن الصراعات الحزبية التي التهبت في الاسابيع الأخيرة, ولرفع درجة الاستعداد للمواجهة القادمة مع مشروع برافر الاقتلاعي, حيث سندخلها موحدين من كل أحزاب وأطياف مجتمعنا الفلسطيني.

اسمها العلمي: Hypericum triquetrifolium, ومادتها الفعالة: Hypericin. هي نبتة طبية هامة جدا في تراثنا حيث استخدمت في الطب "الرسمي" القديم والطب الشعبي الموازي أساسا لعلاج الحروق, نظرا لقدرتها على اشفائه السريع واذهاب علامات الحروق بعد الشفاء. الى جانب ذلك فقد استخدمت في علاج أوجاع الظهر وعرق النسا والنقرس والتهاب المفاصل والحمى والتهابات الجهاز البولي والعقم وغيرها. من المهم التنويه أن الادبيات الطبية العربية القديمة لم تشر الى استخدامها كنبتة مفرحة (وفقا للتصنيف القديم) أو لتعديل المزاج والاكتئاب. ورغم انها نبتة شائعة ومتوفرة في أغلب بيئاتنا, وخاصة في المناطق ذات التربة الكلسية, فقد تبين لنا, من خلال بحث ميداني, أنها غير معروفة للمعالجين الشعبيين وللناس عموما, وتكاد لا تستخدم بالمطلق. موعد ازهارها يكون في فصل الصيف (كما تظهر بالصورة بعد أن قطفتها صباح اليوم من جبل سيخ), وقد نشرنا مقالين علميين تعريفا بها وعن فعاليتها في مقاومة الالتهاب وقدرتها التطهيرية في اماتة الجراثيم والفيروسات.

حادثة طريفة, ولا تخلو من الدلالات الاجتماعية, حصلت معي قبل أكثر من عشر سنوات, عندما توجه الي أحد الرعاة الفطنين, بصفتي باحثا مهتما بالفعالية الدوائية للنبات, ليشاركني ملاحظاته عن سلوك أغنامه كلما اكلت من هذه النبتة المحببة عليها (لهذا يسمونها حلاوة الخرفان), اذ تبدأ بعدها بالقفز واللعب بصورة لافتة وغير عادية. ولأن الموضوع أسر اهتمامنا البحثي, ولكي لا يذهب جهدنا القادم هباء, بدأنا باتصالاتنا المكثفة مع المعنيين بالأمر, حيث تأكد لنا حقيقة حدوث ذاك السلوك من خلال مقابلاتنا مع عدد كبير من أصحاب الماشية والرعاة. بعد ذلك اجرينا أبحاثا تناولت جوانب متعلقة بسمية النبتة وطرق استخلاص موادها الفعالة, فضلا عن فحص تأثيرها في رفع معدلات مادة السيروتونين الهامة في مقاومة الاكتئاب والاحباط النفسي, ليتضح انها فعلا قادرة على اعلاء كمياتها وتركيزها في النهايات العصبية. طبعا يمكن للقراء الأعزاء تخيل درجة الاهتمام والتوتر التي انتابتنا جراء هذا الكشف الأولي والذي نعرف تماما اهميته في هذا الحقل المتعطش, وما قد ينتظره من استخدامات علاجية تفوق التصور. بعد أن جندنا عددا من الباحثين من تخصصات مختلفة وأمنا الميزانيات الملائمة.. تبين لنا عبر مختص في علم تصنيف النبات, أن هذه العشبة هي "ابنة عم" نبتة الداذي الرومي المعروفة باسمها العلمي: Hypericum perforatum, والمعروفة جيدا في العالم الغربي لعلاج حالات التوتر والاكتئاب النفسي. كانت صدمتنا كبيرة واكتئابنا أكبر, حتى صرنا أحوج الناس لاستخدامها, وهذا ما فعلناه.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة