تلفزيون نابلس
كوكا كولا
كاميرا صغيرة تحفظ حياة كبيرة.. فيلم فلسطيني يعيد غزة إلى الضوء قبل أن يبتلعها الركام"
12/3/2025 11:23:00 PM

 لم يتخيّل المخرج الفلسطيني كمال الجعفري أن تسجيلاته البسيطة التي التقطها بكاميرا صغيرة في غزة عام 2001، خلال رحلة بحثه عن صديق شاركه الأسر في سجن النقب، ستتحول بعد 23 عاماً إلى وثيقة بصرية ثمينة تُخلّد وجوه الغزيين قبل أن تمحو الحرب ملامح مدينتهم وحياتهم.

ففي الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، عُرض مساء الأحد الفيلم الوثائقي "مع حسن في غزة"، بحضور مخرجه، بعد مشاركات ناجحة في مهرجانات لوكارنو وتورونتو والدوحة وحصده لجوائز عدة.

يقول الجعفري: "كنت أصوّر لقطات للمدينة والبحر والأطفال دون أي نية لصناعة فيلم. كنت فقط أبحث عن صديقي عبد الرحيم. عدت إلى كولونيا، وضعت الكاميرا جانباً، ونسيت كل شيء."

الكاميرا المتواضعة التي استخدمها التقطت لحظات خلابة وغير مقصودة؛ طفلة تبتسم للعدسة معتقدة أنها كاميرا فوتوغرافية، شبان يلهون قرب البحر، عجائز يجلسون أمام البيوت، وصنّاع خبز في الصباح الباكر… صور لحياة بسيطة، بين سكينة يومية وخوف خفي.

ومع اندلاع الحرب الأخيرة في غزة التي امتدت لعامين ودمّرت معظم القطاع، عاد الجعفري لمشاهدة الأشرطة القديمة. لم يتذكر الكثير مما صوّره، لكنه أدرك أن بين يديه وثيقة إنسانية نادرة؛ حياة كاملة سبقت الكارثة، وجوه ربما لم يبقَ أصحابها على قيد الحياة.

أما حسن، الذي يرد اسمه في عنوان الفيلم، فهو الغزي الذي رافق الجعفري في رحلة البحث عن عبد الرحيم، رحلة لم تُفضِ إلى اللقاء المنشود لكنها تحولت إلى عمل سينمائي مليء بالدفء والوجع.

الفيلم يتجاوز زمن تصويره؛ ففي أحد المشاهد تعرض عائلة فلسطينية شظايا قذيفة سقطت قرب بيتها وتتحدث عن خوف أطفالها من النوم. كأن الشريط كان يستشرف مصير غزة قبل عقدين من الزمن.

ومن خلف الكاميرا، تنبض المدينة: شاطئ البحر، سوق السمك والخضار، المخابز، الشوارع المزدحمة، والكتابات على الجدران؛ رسائل مقاومة وصمود وحب للأرض.

يختم الجعفري رسالته قائلاً:
"
علينا أن نواصل العمل، أن نكتب ونحلم… يجب أن نستمر كي نوجد."

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة