12/11/2025 8:50:00 AM
يشهد الوضع الإنساني داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي تدهوراً خطيراً وغير مسبوق، حيث تتصاعد الشكاوى من الأسرى وعائلاتهم، بالإضافة إلى المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية، بسبب استمرار سياسات التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي المتعمد.
يؤكد حلمي الأعرج، مدير مركز حريات لحقوق الإنسان، أن المرحلة الحالية تعتبر "من أصعب المراحل التي تمر بها الحركة الأسيرة"، محذراً من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى "كارثة إنسانية حقيقية" تهدد حياة الأسرى.
ويوضح الأعرج أن الاحتلال يمارس تعذيباً منظماً ضد الأسرى، يشمل الاعتداءات الجسدية المباشرة، والتجويع المتعمد، والحرمان من النوم لفترات طويلة، بالإضافة إلى الزج بهم في زنازين ضيقة تفتقر للتهوية، وإجبارهم على النوم على الأرض في غرف مكتظة تفتقر لأبسط معايير الصحة والسلامة.
ويشير إلى أن الاكتظاظ الشديد، بالإضافة إلى انعدام النظافة، أدى إلى انتشار أمراض جلدية خطيرة بين الأسرى، وعلى رأسها الجرب، مع وجود إهمال طبي متعمد ونقص حاد في الرعاية الصحية والأدوية اللازمة لعلاجهم.
ويضيف مدير مركز حريات أن سلطات الاحتلال قامت بتشديد الإجراءات القمعية منذ السابع من أكتوبر، حيث زادت ساعات التنكيل اليومي بالأسرى، ومنعت إدخال الملابس الشتوية والبطانيات، وحرمت العديد منهم من شراء احتياجاتهم من الكانتين، مما تسبب في خسارة كبيرة في أوزانهم وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الناتجة عن سوء التغذية والبرد الشديد.
ويؤكد الأعرج أن هذه الظروف القاسية تتزامن مع منع زيارات عائلات الأسرى، وحرمان اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوصول إليهم والاطلاع على أوضاعهم، بالإضافة إلى التضييق على المحامين ومنعهم من تمثيل عدد كبير من المعتقلين، مما جعل العديد من الأسرى معزولين تماماً عن العالم الخارجي.
ويوضح أن الاستهداف الممنهج للأسرى هو السبب الرئيسي وراء الارتفاع الكبير في عدد الشهداء داخل السجون، والذي تجاوز 85 شهيداً منذ السابع من أكتوبر، بالإضافة إلى حالات الاختفاء القسري التي طالت أسرى من قطاع غزة، دون أن تفصح سلطات الاحتلال عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.
ويشير إلى أنه على الرغم من هذا التدهور الحاد، لا تزال المؤسسات الدولية والحقوقية عاجزة عن وقف هذه الانتهاكات، مؤكداً أن المجتمع الدولي "لم يعد بحاجة إلى مزيد من التوثيق"، لأن جرائم الاحتلال أصبحت تُعلن "على الملأ"، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية والتعذيب الفردي والجماعي وتجويع الأسرى.
الوضع الحالي من أسوأ المراحل التي مرت على الحركة الأسيرة، واستمرار الانتهاكات قد يقود إلى كارثة إنسانية حقيقية.
ويضيف: "الأمر لم يعد مجرد شهادات، آثار التجويع تظهر بوضوح على أجساد الأسرى، والموت يتهددهم في كل لحظة".
وتؤكد مؤسسات حقوق الأسرى أن سجون الاحتلال تشهد أسوأ السياسات العقابية منذ عقود، في ظل وجود أوامر رسمية تمنح مصلحة السجون هامشاً واسعاً لتشديد العقوبات وتقليص حقوق الأسرى بعد اندلاع الحرب.
وتشير التقارير الحقوقية إلى وجود تدهور شامل في ظروف الاحتجاز في جميع السجون، بما في ذلك حرمان الأسرى من الاستحمام، وتقليص كميات الطعام المقدمة لهم، وإغلاق المرافق الحيوية، ومصادرة المتعلقات الشخصية. كما تترافق هذه الإجراءات مع توسع غير مسبوق في الاعتقالات الإدارية، وارتفاع أعداد المعتقلين من قطاع غزة في ظل ظروف مجهولة.
ويشدد الأعرج على أن الاحتلال يمارس ما يمكن وصفه بـ "إبادة جماعية بطيئة" بحق الأسرى، من خلال تعمد الإهمال الطبي والتعذيب والتجويع، وهي سياسات تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة، التي تضمن الحد الأدنى من حقوق الأسرى، بما في ذلك الزيارات العائلية والرعاية الصحية والظروف الإنسانية اللائقة.
ويختتم الأعرج حديثه بتوجيه نداء عاجل إلى العالم: "نقول اليوم للأمم المتحدة والمجتمع الدولي: أنقذوا الأسرى قبل فوات الأوان. استمرار غياب المساءلة شجع الاحتلال على التمادي في جرائمه، وترك الأسرى تحت خطر الموت البطيء. المطلوب إجراءات رادعة توقف هذه الجرائم، وتعيد فتح السجون أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتوفر حماية قانونية عاجلة للأسرى".
ويحمّل الأعرج القضاء الدولي والأمم المتحدة مسؤولية الضغط على الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات، مؤكداً أن يد الاحتلال ستبقى طليقة طالما لا يوجد من يردعها وفقاً للقانون الدولي.
وأفاد مكتب إعلام الأسرى بأنه تلقى شهادات جديدة من داخل سجن الرملة تكشف عن ظروف اعتقال قاسية يتعرض لها أسرى غزة، مع استمرار الانتهاكات منذ لحظة الاعتقال دون أي تحسين يذكر.
ووفقاً للمكتب، تشير الشهادات إلى أن الأسرى اعتقلوا خلال الحرب، وأن بعضهم أصيبوا قبل نقلهم إلى مراكز تحقيق تعرضوا فيها لتعذيب خلف آثاراً جسدية وآلاماً مزمنة، وأن إدارة السجن، خاصة في قسم ركيفت، تمارس سياسة تنكيل يومية تشمل سحب الفرشات، وحرمان الأسرى من الملابس الشتوية، وتقديم طعام قليل ورديء، مؤكداً أن أوضاع أسرى غزة في سجن الرملة ما تزال بالغة القسوة مع استمرار سياسات التضييق والحرمان دون أي مؤشرات على تحسن.