تلفزيون نابلس
كوكا كولا
لماذا نتحدث في أثناء النوم؟ وما الذي يكشفه دماغك حين تغفو؟
12/8/2025 7:29:00 PM

 هل صادفت ليلة استيقظت فيها على صوت زوجتك أو طفلك يتمتم بكلمات غير مفهومة وهو ما يزال غارقًا في نوم عميق؟ قد يبدو ذلك غريبًا، لكنه في الحقيقة ظاهرة واسعة الانتشار. فكثير من الناس يتحدثون أثناء النوم دون وعي، ولا يعلمون بذلك إلا عندما يخبرهم الآخرون. ويتراوح الحديث بين همسات مبهمة وجُمل كاملة، ما يثير لدى البعض مخاوف من احتمال إفشاء أسرارهم الشخصية.

يُصنَّف الحديث في أثناء النوم ضمن اضطرابات "خطل النوم" (Parasomnia)، وهي مجموعة من السلوكيات اللاإرادية التي تحدث خلال النوم، مثل المشي أو الصراخ أو الشلل النومي. وتشير دراسات إلى أن نحو شخصين من كل ثلاثة يمرون بهذه الظاهرة في مرحلة ما من حياتهم، وتكون أكثر شيوعًا لدى الأطفال.

لماذا يتحدث الأطفال أكثر؟
يفسّر العلماء ذلك بأن الدماغ لدى الأطفال لم يكتمل نضجه بعد، فلا ينتقل بسلاسة بين مرحلتي النوم واليقظة كما هو الحال لدى البالغين. كما يقضي الأطفال وقتًا أطول في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، وهي المرحلة التي يُعد فيها الحديث أثناء النوم ظاهرة طبيعية نسبيًا.

وحتى لدى البالغين، لا تختفي الظاهرة تمامًا؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن واحدًا من كل عشرين بالغًا يتحدث أحيانًا في نومه. وغالبًا ما يكون ذلك مرتبطًا بعوامل وراثية، أو باضطرابات مرافقة مثل صرير الأسنان والكوابيس.

الضغط النفسي… أحد المحرّكات
القلق، والإرهاق، وضغوط العمل أو العلاقات الاجتماعية، جميعها عوامل قد تزيد احتمال التحدث أثناء النوم. فعندما يكون الدماغ متعبًا، يصعب عليه الانتقال الكامل إلى حالة النوم، ما يتسبب في بقاء مناطق معينة من الوعي نشطة بشكل غير مقصود.

كما يمكن أن تؤدي الحمى، أو المرض، أو المخدرات والكحول، أو بعض الأدوية –مثل مضادات الاكتئاب وأدوية الربو والمهدئات– إلى زيادة تكرار الظاهرة.

هل الحديث أثناء النوم خطير؟
عادةً لا يُعدّ الأمر خطيرًا. فهو غالبًا غير مؤذٍ رغم إزعاجه أحيانًا لشريك الغرفة. وتؤكد مؤسسة Sleep Foundation أن هذه الظاهرة لا تؤثر عادة في جودة النوم ولا تحدث بتكرار يسبب مشكلة.
لكن في حالات نادرة قد يكون مؤشرًا لاضطرابات أكثر خطورة، أبرزها:

  • انقطاع النفس النومي (OSA).
  • اضطراب سلوك نوم حركة العين السريعة (RBD)، الذي قد يتطور إلى صراخ أو حركات عنيفة أثناء النوم.
  • نوبات الذعر الليلي أو المشي أثناء النوم.

لذا، إذا كان الحديث مفاجئًا في مرحلة البلوغ، أو مصحوبًا بسلوكيات خطرة، يوصي الأطباء بإجراء دراسة نوم لتشخيص السبب.

ما الذي يمكن فعله؟
لا توجد طريقة مؤكدة لوقف التحدث أثناء النوم، لكن يمكن تقليل حدوثه عبر تحسين "نظافة النوم"، ومنها:

  • الالتزام بموعد نوم ثابت.
  • تجنب الكافيين في المساء.
  • الابتعاد عن الشاشات قبل النوم.
  • ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نمط حياة صحي.

وتؤكد الطبيبة ميلينا بافلوفا أن الهدف هو مساعدة الجسم على الوصول إلى حالة استرخاء تامة قبل النوم، لأن أي عوامل تشويش تعمل بعكس ذلك.

هل يمكن كشف الأسرار من حديث النوم؟
رغم شيوع هذه الفكرة في الأفلام، فإن العلم يقول العكس تمامًا.
ففي دراسة عام 2017 شملت أكثر من 200 شخص، تبين أن ثلثي العبارات التي نُطقت أثناء النوم كانت غير مفهومة، وغالبًا ما اقتصرت الكلمات المفهومة على "لا" أو أسئلة عابرة أو ألفاظ نابية. ولا تعكس عبارات النوم بالضرورة الأحلام، وغالبًا تكون مجرد إعادة تمثيل لمشاعر أو مواقف لا وعيّة.

تختتم بافلوفا قائلة: "إذا كنت تبحث عن وسيلة لكشف الأسرار، فلن تجدها في حديث النوم. فهذه مجرد خرافة قديمة."

باختصار: الحديث أثناء النوم ظاهرة شائعة، غير خطيرة في معظم الحالات، لكنها تستحق الانتباه إذا ظهرت فجأة أو ترافق معها سلوك غير طبيعي.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة