تلفزيون نابلس
كوكا كولا
هل يمكن أن يتحول تبدّل الفصول إلى خطر حقيقي على صحتك النفسية؟
12/8/2025 7:06:00 PM

 مع بدء تراجع ساعات ضوء الشمس تدريجيًا واقتراب موجات البرد، يظهر لدى كثيرين ما يُعرف بـ"كآبة الشتاء"، فيما يتعدّى الأمر لدى آخرين حدود التقلبات المزاجية الموسمية ليصل إلى اضطراب نفسي موهن يُعرف بالاضطراب العاطفي الموسمي (SAD).

يُعد هذا الاضطراب شكلًا من أشكال الاكتئاب المرتبط بتغيّر الفصول، يبدأ غالبًا مع الخريف وتزيد حدته خلال أشهر الشتاء. ويصاحبه طيف واسع من الأعراض التي تشبه الاكتئاب، منها: المزاج المنخفض، الخمول، اضطراب النوم، التهيج، فقدان الطاقة والدافع، إضافة إلى مشاعر اليأس وتدني تقدير الذات. ورغم هذه المعاناة، تخفّ حدة الأعراض لدى معظم المصابين مع عودة ضوء الربيع.

انتشار يتفاوت حسب خطوط العرض
يرتفع معدل الإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي في المناطق التي ينخفض فيها ضوء النهار بشدة شتاءً، مثل الدول الإسكندنافية، وأوروبا، وأميركا الشمالية، وجنوب أستراليا، وشمال آسيا. بينما يتراجع بشكل ملحوظ في المناطق القريبة من خط الاستواء.
وتشير دراسة أميركية إلى فارق واضح في النسب بين الولايات: 1.4% في فلوريدا مقابل 9.9% في ألاسكا. وفي بريطانيا، يسجَّل أن واحدًا من كل خمسة أشخاص يعاني أعراضًا خفيفة، بينما يعاني نحو 2% من السكان أعراضًا حادة تؤثر على أداء وظائفهم اليومية.

لماذا يحدث الاضطراب العاطفي الموسمي؟
رغم غياب تفسير علمي قاطع، تربط معظم النظريات ظهور الاضطراب بنقص ضوء الشمس خلال الشتاء. إذ يؤدي ذلك إلى اضطراب الإيقاع اليومي (الساعة البيولوجية)، ما ينعكس على مستويات الطاقة والمزاج. وبعض الدراسات تقارن هذه الاستجابة البشرية بحالة السبات الشتوي لدى بعض الحيوانات.

كما يلعب ضوء الشمس دورًا مهمًا في تنظيم إفراز هرموني الميلاتونين والسيروتونين. فالظلام يزيد إنتاج الميلاتونين المسؤول عن النعاس، بينما يتراجع إنتاج السيروتونين الذي يرتبط بتحسّن المزاج والشعور بالسعادة، ويُحوَّل لاحقًا إلى ميلاتونين عند حلول الظلام. هذا الاختلال الهرموني قد يفسّر الشعور بالخمول والاكتئاب في الشتاء.

خيارات العلاج… من نمط الحياة إلى التدخل الطبي
تتوفر للمصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي مجموعة من الأدوات الفعّالة للتقليل من حدته. تشمل هذه الوسائل:

  • قضاء وقت أطول في ضوء النهار.
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  • الخضوع للاستشارة النفسية أو العلاج السلوكي المعرفي.
  • استخدام مضادات الاكتئاب من نوع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، التي تساعد على رفع مستويات السيروتونين في الدماغ.

كما يلجأ كثيرون إلى العلاج بالضوء باستخدام مصابيح طبية تحاكي ضوء الشمس الطبيعي، وهي أجهزة متاحة على نطاق واسع ويمكن استئجارها في بعض الأماكن. ويتناول آخرون مكملات فيتامين (د)، رغم تباين النتائج العلمية بشأن فعاليتها في تخفيف الأعراض.

خلاصة
الاضطراب العاطفي الموسمي ليس مجرد حالة مزاجية عابرة أو "خيال شتوي". وإذا ترافق الشعور بالخمول والاكتئاب مع تأثير واضح على حياتك اليومية، فإن استشارة الطبيب تصبح ضرورية. فالعلاج موجود، والقدرة على استعادة التوازن النفسي خلال الشتاء ممكنة، شرط عدم تجاهل الأعراض والبحث عن "الضوء الداخلي" القادر على مقاومة عتمة الموسم.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة