يقضي معظمنا ساعات طويلة في العمل، لكن ماذا لو كانت تلك الساعات تمضي في جو يسوده التوتر والعدوانية والمنافسة الضارة؟ تشير الدراسات إلى أن بيئة العمل السامة لا تؤثر فقط على إنتاجيتك، بل تهدد صحتك النفسية وقد تتسبب في الأرق، والاكتئاب، وتراجع الثقة بالنفس.

علامات بيئة العمل السامة:

تتميز بيئة العمل السامة بانعدام الأمان النفسي، وغالبًا ما تسودها سلوكيات عدوانية ومهينة. وتشمل أبرز علامات السمية:

• سلوك نرجسي وعدواني من الإدارة أو الزملاء
• التنمر والمضايقات أو التهميش
• انتقادات غير بناءة وغياب الاحترام المتبادل
• ظروف عمل غير آمنة وجداول غير منتظمة
• غياب فرص النمو المهني والأجور المتدنية

قد تتفاقم المشكلة في حال وجود مدير يتعمد إفشال الموظفين، أو ثقافة مكتبية تقوم على النميمة والعدوانيات الصغرى، أو سلوكيات تهديدية متكررة.

التأثير على الصحة النفسية والإنتاجية:

تشير الأبحاث إلى أن بيئة العمل السامة تؤدي إلى مستويات عالية من التوتر والإرهاق، وقد تسبب فقدان الحافز والإبداع، وتزيد من معدلات استقالة الموظفين. وأظهرت مراجعة لإم آي تي سلون أن ثقافة العمل السامة تزيد احتمال استقالة الموظف بأكثر من عشرة أضعاف مقارنةً بتدني مستوى الأجور، وكانت أحد الأسباب الرئيسية وراء «الاستقالة الكبرى» بعد جائحة كوفيد-19.

كيف تتعامل مع بيئة العمل السامة؟

إليك أبرز الاستراتيجيات التي تساعدك على التكيف وتقليل الضرر النفسي:

1.   تذكر أن الأمر ليس ذنبك: السلبية في مكان العمل ليست مسؤوليتك، والتحلي بعقلية إيجابية لا يعني تحمل السمية.

2.   خروج مؤقت من البيئة: خذ استراحة الغداء في مكان مختلف، وابتعد عن ضغوط المكتب قدر الإمكان.

3.   ضع حدودًا واضحة: لا تسمح للعمل الإضافي غير المبرر أو تجاوز أوقات الراحة.

4.   تجنب الجدل والنميمة: ركز على مهامك وأهدافك الشخصية بعيدًا عن الصراعات.

5.   مارس طقوسًا يومية لتصفية الذهن: مثل المشي، أو التمارين الرياضية، أو الاسترخاء بعد الدوام.

6.   كوّن شبكة دعم: احتفظ بزملاء موثوقين تتبادل معهم الدعم والتشجيع.

7.   حافظ على قيمك: لا ترد بالمثل على السلوك العدائي، فهذا قد يزيد الوضع سوءًا.

8.   استثمر في الصحة النفسية: جرب التأمل، اليوجا، أو الأنشطة التي تساعد على إدارة التوتر.

9.   خطط للمغادرة إذا لزم الأمر: إذا لم تتحسن بيئة العمل، ابدأ البحث عن فرصة جديدة.

10.                     ابحث عن أصحاب عمل يقدّرون الصحة النفسية: بيئات العمل الداعمة تعزز الرضا الوظيفي والإنتاجية.

هل يمكن تحسين بيئة العمل السامة؟

يعتمد ذلك على مدى انتشار المشكلة: إذا كانت مرتبطة بثقافة الشركة بأكملها، فقد يكون الحل الأفضل هو المغادرة. أما إذا كانت محدودة بعدد قليل من الأفراد، فيمكن اللجوء إلى مدير موثوق أو قسم الموارد البشرية، أو الاستفادة من برامج دعم الموظفين (EAP).

الخلاصة:

بيئة العمل السامة قد تكون قاتلة للصحة النفسية إذا استمررت فيها طويلاً. الشعور بعدم الأمان، أو الانتقاد المستمر، أو التمييز قد يؤدي إلى التوتر، والاكتئاب، وانخفاض احترام الذات. إذا طغت السلبيات على حياتك العملية، فابدأ في التخطيط للانتقال إلى بيئة عمل أكثر دعمًا، فمستقبلك النفسي والمادي يستحق الأفضل.