تلفزيون نابلس
كوكا كولا
هل تكشف لغة الجسد الحقيقة؟ إشارات يعتمد عليها المحققون لكشف الكذب… وأخرى تضلّل العدالة
12/25/2025 6:53:00 PM

 لا يمكن كشف الكذب بمجرد النظر إلى ملامح الوجه أو مراقبة لغة الجسد، رغم شيوع هذا الاعتقاد بين الناس، وحتى بين المحققين أنفسهم. فالأبحاث النفسية الحديثة تُظهر أن كثيرًا من “الإشارات” التي يُفترض أنها تدل على الكذب قد تكون مضلِّلة، بل وقد قادت في بعض الحالات إلى أحكام خاطئة وسنوات طويلة من السجن لأبرياء.

في الولايات المتحدة، اعتقد المحققون أن مارتي تانكليف بدا “هادئًا أكثر من اللازم” بعد مقتل والدته طعنًا وتعريض والده للضرب حتى الموت داخل منزل العائلة. ورغم نفيه المستمر، أُدين وقضى 17 عامًا في السجن قبل أن تُبرّأ ساحته لاحقًا.

وفي قضية أخرى، بدا جيفري ديسكوفيتش، وكان عمره 16 عامًا، “حزينًا أكثر من المعتاد” ومتحمسًا بشكل مريب للتعاون مع الشرطة بعد العثور على زميلته مخنوقة. هذا السلوك ذاته عُدّ دليلًا على الكذب، ليقضي نحو 16 عامًا خلف القضبان قبل أن يثبت براءته.

المفارقة أن أحدهما اتُّهم لأنه لم يُظهر حزنًا كافيًا، والآخر لأنه أظهر حزنًا مفرطًا. فكيف يمكن لسلوكين متناقضين أن يقودا إلى النتيجة نفسها؟

توضح ماريا هارتويغ، الأخصائية النفسية والباحثة في أساليب الخداع بكلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيويورك، أن هذه القضايا تجسد اعتقادًا خاطئًا واسع الانتشار، مفاده أن الكذب يمكن كشفه من خلال مراقبة السلوك فقط. ويؤمن كثيرون، عبر ثقافات مختلفة، بأن تجنب التواصل البصري، أو التلعثم، أو الحركات العصبية علامات أكيدة على الخداع.

لكن عقودًا من البحث العلمي لم تدعم هذا الاعتقاد. وتقول هارتويغ:
المشكلة أن الجميع يظن نفسه خبيرًا في كشف الكذب، بينما الأخطاء في هذا المجال قد تكون كارثية، ليس فقط على الأفراد، بل على العدالة والمجتمع بأسره”.

هذا الوهم الجماعي قاد مرارًا إلى تضليل التحقيقات، وهو ما يدركه جيدًا أولئك الذين دفعوا ثمنه سنوات من حياتهم.

وفي عام 2003، جمعت عالمة النفس بيلا ديباولو من جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا وزملاؤها نتائج 116 تجربة قارنت بين سلوك الناس عند قول الحقيقة وعند الكذب. وشملت الدراسة 102 مؤشرًا غير لفظي محتمل، مثل تجنب النظر في العينين، سرعة رمش العين، تغير نبرة الصوت، هز الكتفين، أو تغيير وضعية الجسد.

والخلاصة كانت صادمة: لا توجد إشارات جسدية موثوقة بما يكفي يمكن الاعتماد عليها وحدها لكشف الكذب.

اليوم، يتجه علم النفس الجنائي إلى التركيز على تحليل السياق، وتناسق الروايات، وطريقة الإجابة على الأسئلة، بدل الاعتماد على الانطباعات السطحية. فالعدالة، كما يؤكد الباحثون، لا تحتمل أحكامًا مبنية على “إحساس” أو قراءة خاطئة للانفعالات الإنسانية.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة