تلفزيون نابلس
كوكا كولا
ذهب الذين أحبهم... ذهبوا...في رثاء الرفيق عصام مخول*
12/27/2025 2:42:00 AM

كتب: وليد العوض

خبر رحيل الرفيق العزيز عصام مخول وقع عليّ كالصاعقة. تلقّيته من الرفيق بسام الصالحي، فارتجف قلبي، وغمرني شعور الفقد العميق. كيف لا؟ وقد كان عصام رفيق الدرب في أحلك اللحظات، وأحد الذين رافقوني، قلبًا وقالبًا، خلال حصارات الدبابات المتكررة على *جمعية الشبان المسيحية في أصعب أيام العدوان على غزة حيث كانت تسقط قذيفة كل دقيقة تحول الأجساد إلى اشلاء والجدران إلى ركام  لم يهدأ حتى اطمأن أنني ومن معي، ما يقارب 300 من النساء والأطفال والشيوخ، قد نجونا.

وفي حي تل الهوا حيث اسكن، حين حوصرت وأسرتي لخمس مرات متتالية تحت هدير الجنزير وصوت المدافع، ظل عصام يلاحقني بصوته، يقلق إن لم أردّ، يثير الرأي العام ويجوب وسائل الإعلام، حاملاً قضيتنا، صانعًا صوتًا لغزة من تحت الركام. لم يكن يكلّ عن السؤال، عن تنظيم حملات الدعم، وعن إيصال الصوت في وجه الإبادة.

أكثر من ذلك، كان ينظّم لي لقاءات عبر "الزوم" مع اهلنا في الداخل من تحت الحصار، ليكون لغزة صوتٌ يسمعه أهلنا في الداخل، وليُثبت للعالم أن هناك من لا يزال يقاوم حتى بالكلمة.

عصام، الذي كنت أخاطبه "الرفيق الخال"، لم يكن مجرد سياسي أو نائب سابق في الكنيست. كان رفيقًا، وأخًا، وابنًا للبقيعة، البلدة التي وُلدت فيها أمي، والتي أحبّ أن يُريها لها بكاميرا هاتفه حين زرتها في لبنان عام 2022 حواكير البقيعة، وعين مائها العذب التي كانت تفيض بيننا دفئًا وحنينًا لم يكن يغفل عن تفاصيل حياتنا، في لحظات الحرب كما في الهدوء. يهتم، يتابع، يخطط، يكتب، ويصرّ على أن فلسطين ستنهض، وأن غزة لا تموت.

واليوم، يرحل عصام... بهدوء، كما يليق بالكبار. 

يرحل مَن لم يغادر قلوبنا يومًا. 

يرحل من حمل فلسطين في كل كلمة، وفي كل وقفة، وفي كل موقف.

نم هادئًا يا عصام، 

فغزة التي أحببت، ستبقى تحفظك في ذاكرتها، 

وفلسطين التي عشقت، ستروي سيرتك للأجيال، 

ونحن... باقون على العهد، ما بقي فينا نفس.

*لا تستعجلوا الرحيل ايها الرفاق يا ملح الارض ... لم يعد القلب يحتمل.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة