تلفزيون نابلس
كوكا كولا
مدوّنة السلوك الوظيفي للوظيفة العمومية في فلسطين: قراءة قانونية موسّعة في ضوء القانون الأساسي الفلسطيني
12/4/2025 1:40:00 AM

 مدوّنة السلوك الوظيفي للوظيفة العمومية في فلسطين: قراءة قانونية موسّعة في ضوء القانون الأساسي الفلسطيني

اعداد وتقرير المحامي علي ابوحبله

رئيس تحرير صحيفة صوت العروبه

 

تشكل مدوّنة السلوك الوظيفي للوظيفة العمومية إطارًا قانونيًا ومهنيًا ملزمًا للعاملين في مؤسسات الدولة، وتهدف إلى ضبط الممارسة الوظيفية بما ينسجم مع القانون الأساسي الفلسطيني ومعايير النزاهة والشفافية والحوكمة الرشيدة. وتأتي هذه المدوّنة كأداة لضمان عدم إساءة استخدام السلطة، وصون الوظيفة العامة من الاستغلال الشخصي أو الانحراف عن مقتضيات المصلحة العامة.

أولًا: الأساس القانوني للوظيفة العامة

ترتكز مدوّنة السلوك على منظومة من القواعد الدستورية والقانونية، أبرزها:

1. القانون الأساسي الفلسطيني الذي يؤكد أن الوظيفة العامة تكليف لخدمة الشعب وليست وسيلة لتحقيق مكاسب خاصة

هامش 1: المادة (26) من القانون الأساسي تنص على حق المواطنين في تولي الوظائف العامة على أساس تكافؤ الفرص.

2. مبدأ سيادة القانون الذي يُلزم جميع الموظفين بالخضوع للقواعد القانونية والأنظمة الإدارية

هامش 2: المادة (6) من القانون الأساسي: “مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في فلسطين وجميع السلطات تخضع لهذا المبدأ”.

3. قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998، الذي يحدد مسؤوليات الموظف وواجباته وسلوكياته المحظورة

هامش 3: المواد (68-70) من قانون الخدمة المدنية بشأن الواجبات والمحظورات الوظيفية.

4. قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته، الذي يُجرّم إساءة استخدام الوظيفة لأغراض شخصية

هامش 4: المادة (25) من قانون مكافحة الفساد بشأن الإثراء غير المشروع واستغلال المنصب.

ثانيًا: الوظيفة العامة تكليف لا تملك شخصي

ينص القانون الأساسي على أن الوظيفة العامة تُمارَس لتحقيق الصالح العام وليس لمصالح فردية. وبناءً عليه، تُحظر ممارسات مثل:

استغلال المنصب لتحقيق منافع مادية أو اجتماعية أو سياسية.

هامش 5: المادة (98) من قانون الخدمة المدنية تحظر استغلال الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية.

استخدام الصلاحيات الرسمية لتحقيق أهداف انتقامية أو لتصفية حسابات مع أفراد داخل المؤسسة أو خارجها.

هامش 6: المادة (70) من قانون الخدمة المدنية تحظر إساءة استعمال السلطة.

الخلط بين الموقع الوظيفي والمصالح الخاصة أو التجارية أو العائلية.

هامش 7: المادة (2) من قانون مكافحة الفساد: تضارب المصالح صورة من صور الفساد.

ثالثًا: النزاهة والحياد كواجب قانوني

تفرض المدونة التزامًا قانونيًا على الموظف العمومي بالحياد الكامل في أداء مهامه، ويستند هذا الالتزام إلى:

1. حظر الانحياز السياسي

هامش 8: المادة (26) من القانون الأساسي تقرّ المساواة في الوظائف دون تمييز سياسي.

2. اتخاذ القرارات على أساس معايير موضوعية لا شخصية

هامش 9: المادة (6) من القانون الأساسي – سيادة القانون تمنع التصرّف وفق الأهواء الفردية.

3. رفض التدخلات والضغوط التي تقوّض مبدأ الحياد الوظيفي.

رابعًا: الشفافية والمساءلة

تُعدّ المساءلة أصلًا قانونيًا تفرضه النصوص الدستورية والتنظيمية، وتشمل:

خضوع الموظف لرقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية.

هامش 10: قانون ديوان الرقابة المالية رقم (15) لسنة 2004.

محاسبة الموظف عن أي قرار أو تصرف يخالف الأنظمة.

هامش 11: المادة (80) من قانون الخدمة المدنية بشأن العقوبات التأديبية.

وجوب الإفصاح عن تضارب المصالح قبل اتخاذ أي إجراء وظيفي.

هامش 12: المادة (12) من قانون مكافحة الفساد بخصوص الإفصاح المالي.

خامسًا: حماية المال العام ومنع الإثراء غير المشروع

المال العام محمي دستوريًا، ويُعدّ الاعتداء عليه أو استغلاله تهديدًا مباشرًا لسلطة الدولة. وتشمل المحظورات:

استخدام المركبات أو المعدات العامة لأغراض شخصية.

هامش 13: المادة (68) من قانون الخدمة المدنية.

منح الامتيازات الوظيفية أو العقود الحكومية لأقارب أو شركاء الموظف.

هامش 14: المادة (25) من قانون مكافحة الفساد.

الحصول على هدايا أو عمولات بسبب الوظيفة.

هامش 15: المادة (69) من قانون الخدمة المدنية.

سادسًا: حماية قيم المساواة وكرامة المواطن

تؤكد المدوّنة على مبادئ احترام حقوق الإنسان وكرامة المواطن، استنادًا إلى:

المادة (9) من القانون الأساسي التي تنص على المساواة أمام القانون دون تمييز.

المادة (10) بشأن حماية حقوق الإنسان وفق الاتفاقيات الدولية.

ويترتب على ذلك:

تقديم الخدمة العامة دون تمييز أو محاباة.

ضمان تعظيم رضا المواطن عبر الشفافية والإجراءات العادلة.

منع أي سلوك وظيفي يشكل إساءة لفظية أو إدارية.

سابعًا: خلاصة قانونية

بموجب القانون الأساسي الفلسطيني ومنظومته التشريعية:

الوظيفة العامة ليست ملكًا للموظف، بل أمانة وطنية تُمارَس وفق القانون لتحقيق المصلحة العامة.

إن أي محاولة لـ استغلال الوظيفة أو الخلط بين المنفعة الشخصية والمسؤولية الرسمية تُعدّ:

خرقًا للدستور،

مخالفة لقانون الخدمة المدنية،

وجريمة يعاقب عليها قانون مكافحة الفساد.

وبهذا تشكل مدونة السلوك الوظيفي صمام أمان يضمن نزاهة الجهاز الإداري الفلسطيني، ويعزز ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، ويحمي المال العام من الانحراف أو التجاوز.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة