
إعداد: المحامي علي أبو حبلة – كاتب وباحث في الشؤون التربوية والقانونية
تشهد المنظومة التعليمية الفلسطينية واحدة من أخطر مراحلها منذ سنوات، حيث تتراكم الأزمات بلا حلول جذرية، وتتسع الفجوة بين ما يجب أن تقوم به المؤسسات المختصة وبين ما يحدث في الميدان فعليًا. فالأزمة لم تعد مجرد تأخر في الرواتب أو إضراب عابر، بل تحولت إلى تدهور شامل للعملية التعليمية والتربوية والوطنية، يهدد مستقبل جيل بأكمله.
بوصلة التعليم تائهة… والطلاب والمعلمون يدفعون الثمن
في المدارس، يعيش الطلاب حالة من الارتباك الدائم: أيام دوام غير مستقرة، ضغط امتحانات، غياب الأنشطة، وفصول دراسية مكتظة بمنهاج أطول مما يسمح به الوقت. أصبحت المدرسة مركزًا للعبور، لا بيئة للتعلم، بينما يكتفي الطالب بالحفظ لتجاوز الامتحان ثم ينسى كل شيء.
المعلم، من جهته، يقف في مواجهة ضغوط مضاعفة: رواتب غير منتظمة، أعباء منزلية، التزام بإنهاء منهج لا يتناسب مع زمن الفصل، وإكراهات إدارية لا تراعي واقعه النفسي والاجتماعي. في ظل هذا المشهد، تتراجع جودة التعليم ويغيب التفاعل الحقيقي داخل الصف.
غياب خطة وطنية… مسؤولية لا يمكن تجاهلها
ورغم كل هذا، لا تزال الجهات المختصة بلا خطة استراتيجية وطنية لإنقاذ التعليم. الحلول المطروحة ظرفية، وردود الفعل ارتجالية، والمعالجات تكتيكية لا تلامس جوهر الأزمة. إن استمرار هذا النهج يضع التعليم على مسار خطير لن يمكن تصحيحه لاحقًا دون كلفة باهظة.
لقد تراكم الخلل لسنوات دون رؤية واضحة، حتى وصلنا إلى مفترق طرق:
إما الشروع في خطة إصلاح وطنية شاملة،
أو الانزلاق نحو انهيار تربوي واجتماعي ستكون نتائجه كارثية.
العقاب والفصل… تعميق للأزمة وليس حلًا لها
في خضم التوتر القائم، بدأت الوزارة باتخاذ إجراءات عقابية بحق بعض المعلمين، تشمل الفصل أو النقل أو الخصومات.
لكن الأكيد أن سياسة العقاب لن تعالج الأزمة، بل ستعمّقها:
لأنها تزيد الاحتقان داخل صفوف المعلمين.
وتدفع الطلاب إلى حالة من عدم الاستقرار.
وتعطّل العملية التعليمية بدل إصلاحها.
وتفتح الباب أمام مواجهة داخلية بدل الحوار المسؤول.
الأزمة تعالج بالحوار، بالتوافق، برؤية وطنية مشتركة، لا بالعقاب والإقصاء.
خلاصة: التعليم في خطر… والوقت يمر
إن المشهد التعليمي في فلسطين بات يتطلب تحركًا وطنيًا عاجلًا، يتجاوز السياسات اليومية إلى معالجة جذرية:
انتظام الرواتب
تطوير المناهج
توفير بيئة نفسية سليمة للطلاب
إعادة الاعتبار للمعلم
شراكة حقيقية مع الأهالي
حماية المدرسة من انتهاكات الاحتلال
إننا أمام لحظة فارقة؛ اللحظة التي يجب أن يُرفع فيها الصوت تحذيرًا لا خصومة، وإصلاحًا لا اتهامًا.
فالمدرسة ليست ساحة للصراع، بل مصنعًا للوطن.
والمعلم ليس طرفًا في المعادلة، بل أساسها.
والأجيال لا تنتظر.
إنقاذ التعليم الفلسطيني ليس خيارًا… بل واجب وطني لا يحتمل التأجيل.
أخبار فلسطينية
أخبار الاقتصاد
أخبار فلسطينية
أخبار اسرائيلية
أخبار فلسطينية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |