
الأدوية المزوّرة… الجريمة الخفيّة التي تهدد صحة المواطن والبيئة في الضفة الغربية
بقلم: المحامي علي أبو حبلة – رئيس تحرير صحيفة صوت العروبة
تتكرر في الضفة الغربية ظاهرة خطيرة تمسّ حياة الإنسان وصحته بشكل مباشر، تتمثل في إعادة تبكيت وتغليف الأدوية منتهية الصلاحية وطرحها في الأسواق كأنها صالحة للاستخدام، في واحدة من أخطر الجرائم التي تستهدف المواطن الفلسطيني وتهدد سلامته الصحية والغذائية.
وفق المعطيات الأولية، فإن عصابات منظمة وتجار موت يستغلون ضعف الرقابة في بعض المناطق، ويعملون على جمع الأدوية الفاسدة، وإعادة تعبئتها بعبوات جديدة تحمل تواريخ مزيفة، قبل تسويقها في الأسواق المحلية. الأمر ذاته ينطبق على سلع غذائية إسرائيلية يتم تجميعها داخل بعض مصانع المستوطنات، وإعادة تغليفها ببطاقات مزورة توحي بصلاحيتها.
هذه الممارسات ليست منفصلة عن سياسة أوسع تتعلق بتحويل الضفة الغربية إلى مكب للنفايات الخطرة والمواد التالفة. فقد كشفت تقارير بيئية دولية ومحلية أن الاحتلال وسلطاته يُسهمان بشكل مباشر في نقل النفايات الصلبة ومخلفات المصانع إلى مناطق فلسطينية، ومن أبرزها مخلفات مصنع "غيشوري" والكسارات ومصانع الألمنيوم، التي تتسبب بأمراض خطيرة أبرزها السرطان وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الدم، نتيجة التلوث المستمر للهواء والمياه والتربة.
في مواجهة هذه الظواهر الخطيرة، تبذل الضابطة الجمركية والأجهزة الأمنية الفلسطينية جهودًا لافتة من خلال تنفيذ عمليات ضبط وملاحقة واسعة لتجار الموت، ومصادرة الكميات المزوّرة، وإحالة المتورطين إلى الجهات القضائية المختصة. وقد نجحت تلك الجهات في تفكيك عدة شبكات تهريب وتزوير خلال الأشهر الماضية، في إطار عمل مهني متواصل يهدف لحماية صحة المواطن والأمن الغذائي والدوائي.
غير أن هذه الجهود، على أهميتها، تحتاج إلى منظومة ردع قانوني أشد صرامة، تقوم على إنزال أقسى العقوبات بحق كل من يثبت تورطه في تهريب أو تزوير أو بيع المواد الدوائية والغذائية، نظرًا لتأثيرها المباشر على حياة الناس وسلامتهم. كما بات من الضروري تشديد الرقابة على المستودعات والصيدليات والأسواق، وتطوير منظومات التتبع الدوائي والغذائي، وتعزيز دور الجهات الرقابية المتخصصة.
ولا يمكن إغفال البعد الوطني لهذه القضية؛ فالتعامل مع منتجات المستوطنات — وخاصة تلك المصانع التي تتورط في إعادة تغليف المنتجات الفاسدة — يشكل جريمة اقتصادية وأخلاقية، ويجب منع أي شكل من أشكال التعامل التجاري معها، وفرض العقوبات الرادعة على كل من يتورط في ذلك، انسجامًا مع القرارات الوطنية والدولية التي تعتبر المستوطنات غير شرعية وتشكل انتهاكًا للقانون الدولي.
إن صحة الإنسان الفلسطيني ليست مجالًا للمساومة، ولا يجوز أن تتحول أرضه إلى مكبّ نفايات، ولا أن يُترك السوق المحلي مستباحًا لتجار الموت. المطلوب موقف رسمي وشعبي موحد، يضع أمن المواطن الصحي فوق كل اعتبار، ويواجه الجرائم المنظمة التي تستهدف الإنسان الفلسطيني في لقمة عيشه ودوائه وبيئته.
هذا الملف لن يُغلق ما دام هناك من يصرّ على المتاجرة بحياة الناس… ومهمة الجميع حماية المواطن قبل فوات الأوان. ولتكن عين المواطن الرقيب في دعم عمل وجهود الضابطة الجمركية والأجهزة الأمنية ضمن تكامل الجهود لمحاربة كل انواع الجريمة.
أخبار فلسطينية
أخبار اسرائيلية
أخبار فلسطينية
أخبار فلسطينية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |