تلفزيون نابلس
كوكا كولا
مستشفى ثابت ثابت الحكومي في طولكرم... واقع مؤلم يتطلب تدخلاً عاجلاً
8/8/2025 6:18:00 PM

بقلم المحامي علي أبو حبله

يشكّل مستشفى ثابت ثابت الحكومي المرفق الطبي الحكومي الوحيد في محافظة طولكرم، ويخدم ما يزيد على 200,000 نسمة من سكان المدينة والمخيمات المحيطة والقرى المجاورة. ورغم دوره المحوري في تقديم الرعاية الصحية الأولية والثانوية، إلا أنه يرزح تحت وطأة تحديات جسيمة تهدد استمرارية الخدمات الطبية وجودتها، في ظل نقص حاد في التجهيزات والكوادر البشرية، وتقادم البنية التحتية.

أبرز أوجه القصور:

1. تعطل جهاز الأشعة الطبقي المحوري (CT Scan) منذ أشهر دون صيانة أو بديل فعّال.

2. عدم وجود جهاز رنين مغناطيسي (MRI)، مما يُجبر المرضى على تحمل كلفة التنقل إلى مدن بعيدة كرام الله أو نابلس، في ظل قيود الحركة والبوابات العسكرية التي تقطّع أوصال الضفة الغربية.

3. نقص أجهزة التنظير الداخلي (Endoscopy, Colonoscopy) مما يعيق عمليات التشخيص الباطني ويطيل فترة الانتظار.

4. نقص ملحوظ في عدد الأطباء المتخصصين، لاسيما في مجالات القلب والأعصاب والعظام والتخدير، وهو ما يتسبب في تحويل نسبة كبيرة من الحالات إلى مستشفيات خارج المحافظة.

5. تهالك العديد من الأقسام وقصور في الخدمات المساندة كالمختبرات والصيدلية والتعقيم، بفعل عدم تحديث المعدات منذ سنوات.

بيانات داعمة:

وفقاً لتقرير وزارة الصحة الفلسطينية لعام 2024، فإن عدد الأطباء لكل 10,000 مواطن في محافظة طولكرم لا يتجاوز 5.4 طبيب، مقارنةً بـ7.9 في رام الله والبيرة، و6.8 في نابلس.

ويشير مسح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن نسبة التحويلات الطبية من مستشفى ثابت ثابت إلى خارج المحافظة تجاوزت 31% عام 2023، وهي من أعلى النسب في الضفة الغربية.

كما تؤكد تقارير رقابية أن الميزانية التشغيلية السنوية للمستشفى لم تزد منذ العام 2021، رغم تضاعف عدد الحالات الواردة لقسم الطوارئ بنسبة 60% بسبب الأزمة الاقتصادية وتراجع دور العيادات الخاصة.

الإطار القانوني:

ينص القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 في المادة (22/2) على أن:

> "تكفل السلطة الوطنية خدمات التأمين الاجتماعي والصحي وتعليمات خاصة بالعناية الطبية للمواطنين في حالات الطوارئ والكوارث."

كما نصت الاستراتيجية الوطنية لقطاع الصحة (2021–2025) على تعزيز العدالة في توزيع الموارد والخدمات الصحية بين المحافظات، وهو ما لم يُترجم فعليًا في حالة طولكرم.

ووفق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي انضمت إليه دولة فلسطين عام 2014، تلتزم الدولة

> "توفير أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية لكل فرد." (المادة 12)

وتؤكد المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن تعزيز وحماية الحق في الصحة (WHO, 2008) أن:

> "التمييز الجغرافي في تقديم الخدمات الصحية يُعدّ انتهاكاً لحق الإنسان في الصحة."

المطالب العاجلة:

1. تحريك ملف صيانة جهاز الأشعة الطبقي على وجه السرعة.

2. تزويد المستشفى بجهاز رنين مغناطيسي حديث يتناسب مع حجم المحافظة وعدد السكان.

3. توفير أجهزة التنظير الطبي (المعدة، القولون، التنفسي) لضمان تشخيص مبكر ودقيق.

4. رفد المستشفى بالكوادر الطبية المتخصصة عبر التعاقدات المباشرة أو استقدام أطباء متخصصين.

5. تحديث البنية التحتية والخدمات المساندة، وإدراج المستشفى ضمن أولويات الموازنة التطويرية لوزارة الصحة للعام 2026.

 خاتمة:

إن استمرار التهميش لهذا المرفق الصحي الأساسي يهدد حق المواطن في الحياة والصحة، ويعمّق الفجوة بين المحافظات. ولم يعد مقبولاً الاكتفاء بالوعود "برسم التنفيذ"، في وقتٍ يُحرم فيه المواطن من أبسط حقوقه الصحية في ظل خنق اقتصادي وقيود احتلالية معطّلة لكل مقومات الحياة.

إن ما يطلبه أبناء طولكرم ليس رفاهية، بل عدالة صحية وإنصاف إنساني وقانوني... فهل من مستجيب؟


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة