تلفزيون نابلس
كوكا كولا
نحو قيادة وطنية موحدة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية: سواء نجحت الانتخابات أو تم الأمر بالتوافق
8/5/2025 11:21:00 PM

 نحو قيادة وطنية موحدة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية: سواء نجحت الانتخابات أو تم الأمر بالتوافق

إعداد: المحامي علي أبو حبلة – باحث في القانون الدولي، رئيس تحرير صحيفة "صوت العروبة"

مقدمة

في ظل التحديات المصيرية التي تواجه القضية الفلسطينية، وفي لحظة تاريخية تتسم بتآكل المشروع الوطني الفلسطيني بفعل الانقسام وتغييب المؤسسات الجامعة، يبرز السؤال الجوهري: كيف يمكن استعادة الوحدة الوطنية وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بما يضمن تمثيل الكل الفلسطيني؟

تشكل منظمة التحرير الفلسطينية، بوصفها الإطار الجامع للشعب الفلسطيني، حجر الزاوية في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني، سواء جرى ذلك عبر انتخابات ديمقراطية شاملة أو من خلال توافق وطني جامع.

أولاً: الحاجة إلى قيادة وطنية موحدة كضرورة استراتيجية

تُعتبر القيادة الموحدة ضمانة لفاعلية الفعل السياسي والمقاومة الشعبية، خصوصًا في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة وتصاعد وتيرة الاستيطان والاعتداءات على الضفة والقدس. هذا الواقع يتطلب تشكيل قيادة وطنية تضم جميع مكونات العمل الوطني والإسلامي، وتكون مرجعية تنفيذية موحدة، تنبثق عن توافق فصائلي وشعبي تحت مظلة وطنية تمثيلية.

> المصدر: بيان لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في غزة، 2024، حول تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية.

ثانيًا: إعادة بناء منظمة التحرير... إصلاح من الداخل أو عبر التوافق

رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية نالت اعترافًا دوليًا كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني بموجب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة (قرار 3236 لسنة 1974)، فإنها تعاني من تهميش مؤسساتي وتغييب للشراكة، بفعل غياب الانتخابات وتفرد بعض الأطراف بالقرار.

هناك مساران لإعادة تفعيل المنظمة:

1. الانتخابات الشاملة: وفقًا لإعلان القاهرة 2005 واتفاقات المصالحة اللاحقة، اتفقت الفصائل على ضرورة انتخاب مجلس وطني جديد بنظام التمثيل النسبي الكامل، داخل الوطن والشتات.

2. التوافق الوطني: عند تعذر الانتخابات نتيجة الاحتلال أو الظروف اللوجستية، يمكن تشكيل مجلس وطني توافقي مؤقت بإجماع وطني يشمل حركتي فتح وحماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى.

> المصادر:

إعلان القاهرة، 2005.

اتفاق بيروت للمصالحة، يناير 2017.

قرار المجلس المركزي الفلسطيني 2018 بشأن تفعيل مؤسسات منظمة التحرير.

ثالثًا: الانقسام الفلسطيني وتحديات الانتقال من الثنائية إلى الشراكة

منذ أحداث 2007، أصبح النظام السياسي الفلسطيني رهينة ثنائية بين "فتح" في الضفة و"حماس" في غزة، ما أضعف القرار الوطني وعطّل العمل المؤسسي. تكريس هذه الثنائية يُهدد بتفكيك الجغرافيا السياسية الفلسطينية، ويضعف الموقف التفاوضي في المحافل الدولية.

إن تجاوز هذه الثنائية يتطلب نموذجًا جديدًا يقوم على:

اعتماد مبدأ التعددية السياسية.

توزيع متوازن للسلطات ضمن مؤسسات منتخبة.

ضمان التمثيل الحقيقي للفصائل والمستقلين والمجتمع المدني.

> دراسة تحليلية: المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، 2023، حول "الانقسام الفلسطيني ومستقبل المشروع الوطني".

رابعًا: الوحدة الوطنية رافعة لمواجهة مشاريع التصفية

مشاريع "السلام الاقتصادي" وصفقة إعادة إعمار غزة دون حل سياسي تهدف إلى فصل غزة عن الضفة وتحويل القضية إلى مسألة إنسانية بحتة.

في هذا السياق، فإن وحدة الصف الوطني هي الصخرة التي تتحطم عليها هذه المشاريع.

التجارب التاريخية تؤكد أن الشعب الفلسطيني لا يستطيع فرض شروطه إلا حين يتوحد خلف برنامج سياسي مقاوم، ومستند إلى الشرعية الدولية، وقيادة موحدة.

> المصدر: تقرير الأونكتاد (2023): "تداعيات الانقسام الفلسطيني على التنمية الاقتصادية في الأراضي المحتلة".

خامسًا: الانتخابات ليست غاية بحد ذاتها بل وسيلة للتجديد السياسي

رغم أهمية الانتخابات كأداة لتجديد الشرعيات السياسية، فإن إجراؤها دون توافق وطني شامل، وضمان إجرائها في القدس، قد يؤدي إلى نتائج عكسية. لذا، يجب التعامل مع الانتخابات كجزء من مسار وطني شامل يتضمن:

توافق على البرنامج السياسي المشترك.

ضمان الحريات العامة وقانون انتخابي توافقي.

رقابة محلية ودولية نزيهة.

> المصدر القانوني: القانون الأساسي المعدل للسلطة الفلسطينية، المادة (26) والمادة (34)، بشأن الحقوق السياسية وإجراء الانتخابات.

سادسًا: نحو صياغة ميثاق وطني جديد وحديث

الميثاق الوطني الفلسطيني الصادر عام 1968 بحاجة إلى تطوير، بما ينسجم مع المتغيرات الدولية والداخلية، ويحافظ على الحقوق الوطنية الثابتة.

وينبغي أن يُصاغ بمشاركة القوى الوطنية، وقطاعات الشباب والمرأة والمجتمع المدني، ويجدد المشروع الوطني ليجمع ما بين التحرر الوطني والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

خاتمة: الطريق إلى شراكة وطنية شاملة

إن اللحظة السياسية الراهنة تُحَتِّمُ علينا تجاوز لغة المحاصصة والخلافات الفصائلية، والتوجه نحو بناء شراكة وطنية حقيقية تستند إلى إعادة تفعيل منظمة التحرير، وتشكيل قيادة وطنية موحدة، وتكريس التعددية والانتخابات الديمقراطية كوسيلة لتجديد المؤسسات، لا كأداة إقصاء أو هيمنة.

وحدها الوحدة الوطنية، المنظمة والمؤسساتية، يمكن أن تحمي المشروع الوطني الفلسطيني من التآكل، وتمنح شعبنا القدرة على الاستمرار في النضال من أجل الحرية وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

المراجع والهوامش

1. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3236 (1974) - الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد.

2. إعلان القاهرة – 2005، اتفاق الفصائل الفلسطينية بشأن إصلاح منظمة التحرير.

3. "الانقسام الفلسطيني ومستقبل المشروع الوطني" – مركز مسارات، 2023.

4. القانون الأساسي الفلسطيني المعدل (2003) – المواد المتعلقة بالحقوق السياسية والانتخابات.

5. تقرير الأونكتاد (2023): "الآثار الاقتصادية للانقسام الفلسطيني".

6. اتفاق بيروت 2017 للمصالحة الوطنية.

7. دراسة المركز العربي للأبحاث – 2022: "المشهد الفلسطيني بعد معركة سيف القدس: فرص التوحد أم تعميق الانقسام؟"

8. تقارير لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية – 2021–2024.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة