اعداد وتقرير المحامي علي أبو حبله: في
لكن يبقى السؤال الأبرز: كيف ستُجرى هذه الانتخابات وفق النظام الداخلي للمجلس الوطني؟ وما الآليات المعتمدة لضمان شمول الكل الفلسطيني؟
النظام الداخلي والقاعدة القانونية للانتخابات
يُعتبر المجلس الوطني الفلسطيني بمثابة “برلمان الشعب الفلسطيني” في كافة أماكن تواجده، وهو الهيئة التشريعية العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية. ووفقًا للنظام الداخلي للمجلس، فإن الانتخابات يجب أن تُجرى على أساس:
1. الانتخاب الحر والمباشر والسري، بنظام التمثيل النسبي الكامل (Proportional Representation).
2. تقسيم الشعب الفلسطيني إلى دائرتين انتخابيتين رئيسيتين:
الدائرة الأولى: فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة.
الدائرة الثانية: فلسطينيي الشتات، بما يشمل اللاجئين والجاليات في الدول العربية والأجنبية.
ويتألف المجلس من 450 مقعدًا، يتم توزيعها كالتالي:
400 مقعد منتخب (200 من داخل الوطن و200 من الشتات).
50 مقعدًا يُخصص للتعيين من قبل لجنة مختصة لضمان تمثيل المجتمعات الفلسطينية التي تعذّر إجراء الانتخابات فيها أو لم تُغطَ بشكل كافٍ.
مدة ولاية المجلس الوطني هي أربع سنوات تبدأ من تاريخ انعقاد أولى جلساته بعد الانتخابات.
آلية الترشح والاقتراع
1. تقديم القوائم الانتخابية
تعتمد الانتخابات على نظام القوائم المغلقة، حيث تتقدم الفصائل السياسية، النقابات، الجمعيات، والجاليات الفلسطينية بقوائم مرشحين.
يتم توزيع المقاعد وفق نسبة الأصوات التي تحصل عليها كل قائمة داخل كل دائرة انتخابية، لضمان تمثيل جميع القوى الوطنية والإسلامية والمستقلين.
2. دور لجنة الانتخابات المركزية
ستكون لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية (CEC) هي الجهة المشرفة على إدارة العملية الانتخابية بكافة مراحلها، بدءًا من إعداد سجل الناخبين، مرورًا بتسجيل القوائم، وصولًا إلى الإشراف على الاقتراع والفرز وإعلان النتائج.
ستعمل اللجنة أيضًا على التنسيق مع الدول التي تحتضن الجاليات الفلسطينية لتنظيم العملية الانتخابية في الشتات، بالتعاون مع السفارات والممثليات الفلسطينية.
3. شمول الكل الفلسطيني
لتطبيق المبدأ الأساسي بأن “المجلس الوطني يمثل كل الفلسطينيين”، يعتمد النظام الداخلي آليات إضافية:
تخصيص مقاعد معينة (50 مقعدًا) للجاليات أو الفئات التي يتعذر فيها إجراء انتخابات، عبر لجنة ترشيحات توافقية تضم ممثلين عن منظمة التحرير والفصائل.
التنسيق مع المنظمات الدولية والجهات الرقابية لضمان نزاهة الانتخابات ومراقبتها، خاصة في أماكن الشتات.
حلول عملية مقترحة لضمان نجاح الانتخابات في الداخل والخارج
في ضوء التحديات الجسيمة التي تواجه إجراء انتخابات شاملة للمجلس الوطني الفلسطيني، سواء في الأراضي الفلسطينية أو في الشتات، تبرز الحاجة إلى تبني رؤية عملية ومتكاملة تضمن نجاح العملية الانتخابية وتحقيق التمثيل العادل لكافة مكونات الشعب الفلسطيني. من أبرز هذه الحلول:
أولاً: ضمان المشاركة في الداخل الفلسطيني
1. التوافق الوطني الشامل:
ضرورة عقد حوار وطني موسع يضم جميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، للتوصل إلى ميثاق شرف انتخابي يضمن الالتزام بنتائج الانتخابات وتحييد الانقسام السياسي عن العملية الديمقراطية.
2. حماية العملية الانتخابية:
العمل مع الجهات الدولية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي) لتوفير مراقبة دولية وضمان بيئة آمنة، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، للناخبين والمرشحين على حد سواء.
3. حل إشكالية القدس:
ابتكار آليات بديلة لتسهيل تصويت المقدسيين، مثل التصويت الإلكتروني أو تخصيص مراكز اقتراع في ضواحي القدس الواقعة ضمن مناطق السلطة الفلسطينية، مع الحفاظ على رمزية مشاركة المدينة المقدسة في الانتخابات.
ثانياً: تفعيل المشاركة في الشتات
1. إنشاء لجان انتخابية وطنية في الخارج:
تشكيل لجان مشرفة بالتعاون مع السفارات والممثليات الفلسطينية في الدول المضيفة، تعمل على إعداد سجلات الناخبين وتنظيم الاقتراع للجاليات الفلسطينية في الشتات.
2. التنسيق مع الدول المضيفة:
الدخول في حوار دبلوماسي مع حكومات الدول التي تستضيف لاجئين فلسطينيين لضمان حقهم في المشاركة دون معوقات قانونية أو سياسية.
3. اعتماد التصويت الإلكتروني والاقتراع البريدي:
استخدام التكنولوجيا لتسهيل تصويت الجاليات الفلسطينية في الدول التي يصعب فيها فتح مراكز اقتراع، مع توفير ضمانات الأمان والسرية للنظام الإلكتروني.
ثالثاً: ضمان النزاهة والشفافية
دعوة منظمات دولية وإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، جامعة الدول العربية، ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية، لمراقبة كافة مراحل الانتخابات لضمان الشفافية ومنع التلاعب.
تعزيز الثقة الشعبية من خلال حملات توعية مكثفة تشجع المواطنين على التسجيل والمشاركة الفاعلة، مع التركيز على دور الشباب والمرأة.
الخلاصة: نحو انتخابات ناجحة وشاملة
إن نجاح الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني يتطلب إرادة سياسية صادقة وتعاونًا وطنيًا شاملاً لتذليل العقبات الداخلية والخارجية. تبني هذه الحلول العملية كفيل بتوفير بيئة سياسية وقانونية تضمن مشاركة جميع الفلسطينيين في الوطن والشتات، وبناء مؤسسة وطنية شرعية جامعة تعكس إرادة الشعب الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والاستقلال.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |