بقلم: المحامي علي أبو حبلة
أصدرت الحكومة تعليمات إلى البلديات والبنوك وشركات الاتصالات لتسهيل تقديم الخدمات لموظفي القطاع العام، في محاولة للتخفيف من معاناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة. خطوة قد تبدو في ظاهرها إيجابية، لكنها تفتح الباب لسؤال ملحّ: ماذا عن الفقراء والعاطلين عن العمل، الذين لا يملكون قوت يومهم لإعالة أسرهم، والذين يشكلون الشريحة الأضعف والأكثر هشاشة في المجتمع؟
تمييز غير مقصود أم سياسات غائبة؟
إن حصر التسهيلات بالموظفين دون غيرهم من شرائح المجتمع يعكس خللاً بنيويًا في السياسات الاجتماعية للحكومة، ويثير مخاوف من تعميق الفجوة الطبقية. فإذا كان الموظف يعاني من تأخر الرواتب وارتفاع الأسعار، فإن العاطل عن العمل والفقير يعيش مأساة يومية تتمثل في غياب أي مصدر دخل، واستحالة توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته، في وقت تشهد فيه أسعار السلع والخدمات قفزات غير مسبوقة.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
1. اتساع دائرة الفقر: تشير تقارير المؤسسات المحلية والدولية إلى أن نسب الفقر والبطالة في الأراضي الفلسطينية تجاوزت مستويات كارثية، ومع ذلك لا نرى خطة طوارئ حكومية لإسناد هذه الشرائح.
2. تهديد السلم الأهلي: شعور الفقراء بالتهميش قد يؤدي إلى حالة من الاحتقان المجتمعي، مع ازدياد نسب الجريمة والهجرة غير النظامية.
3. انكماش اقتصادي أوسع: عندما تتآكل القدرة الشرائية للفقراء والعاطلين، فإن الدورة الاقتصادية برمتها تصاب بالشلل، مما يفاقم الأزمة بدلًا من حلها.
ما المطلوب؟
إنصاف الفقراء والعاطلين عن العمل ليس ترفًا، بل هو استحقاق وطني وأخلاقي، ويجب أن يترافق مع أي خطة إنقاذ حكومية. ومن أبرز الإجراءات العاجلة المطلوبة:
توسيع شبكة الأمان الاجتماعي لتشمل إعفاءات أو تخفيضات على الخدمات الأساسية للعاطلين عن العمل.
صرف مساعدات نقدية طارئة للفقراء من خلال صندوق خاص أو بالتعاون مع مؤسسات دولية.
إطلاق برامج تشغيل مؤقتة تعيد دمج العاطلين في سوق العمل وتحد من البطالة.
مراجعة السياسات المالية تجاه الفئات الهشة لمنع انهيارها اقتصاديًا واجتماعيًا.
إن الحكومة مطالبة بأن تعيد النظر في أولوياتها، وأن تتبنى رؤية شاملة لا تقتصر على موظفي القطاع العام، بل تمتد لتشمل كل الفئات التي تحمل عبء الأزمة بصمت. إن تجاهل هذه الشرائح سيجعلنا أمام أزمة مركبة قد يصعب تفكيكها لاحقًا، ويهدد بنية المجتمع الفلسطيني التي عُرفت تاريخيًا بالتكافل والتضامن.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |