تلفزيون نابلس
كوكا كولا
الشرطة الفلسطينية في عيدها الـ31... ثلاثة عقود من بناء المؤسسة الأمنية رغم التحديات
7/2/2025 1:44:00 AM

بقلم: المحامي علي أبو حبلة

في الأول من تموز/يوليو 2025، تحتفل الشرطة الفلسطينية بعيدها الحادي والثلاثين، وهي مناسبة وطنية تُجسد مسيرة ثلاثة عقود من العطاء والعمل الوطني في بناء مؤسسة أمنية فلسطينية رغم كافة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي واجهت الشعب الفلسطيني منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994.

النشأة والتأسيس: انطلاقة في ظل احتلال ومعاناة

جاء تأسيس الشرطة الفلسطينية استناداً إلى اتفاقية "غزة وأريحا أولاً"، ضمن ترتيبات المرحلة الانتقالية لاتفاقية أوسلو. وقد شكلت الشرطة أول جهاز أمني فلسطيني رسمي يتولى مهام حفظ النظام والأمن داخل المناطق الفلسطينية، خلفاً لحقبة طويلة من الاحتلال المباشر الذي كان يفرض سيطرته الكاملة على حياة الفلسطينيين.

بدأت الشرطة الفلسطينية عملها برؤية قائمة على بناء جهاز مدني يحترم القانون ويخدم المواطن، رغم التعقيدات السياسية وقيود الاحتلال، الذي بقي متحكماً في المعابر والحدود والمجال الأمني.

تحديات العمل تحت الاحتلال

واجهت الشرطة الفلسطينية منذ يومها الأول جملة من التحديات المعقدة، أبرزها:

القيود الإسرائيلية على الحركة والمجال الأمني.

تدمير المقار الأمنية خلال انتفاضة الأقصى عام 2000 وما تبعها من اجتياحات متكررة.

الانقسام السياسي الفلسطيني منذ عام 2007، والذي أثر على وحدة العمل الأمني في الضفة وغزة.

الأزمات الاقتصادية المتكررة التي طالت رواتب الموظفين وقدرة الشرطة على التطور التقني واللوجستي.

رغم الظروف الصعبة، تمكنت الشرطة الفلسطينية من تحقيق تطور ملحوظ على مستوى:

الشرطة المجتمعية لتعزيز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية.

تطوير قدرات الأدلة الجنائية ومكافحة الجريمة الإلكترونية.

تعزيز دور الشرطة النسائية في مختلف التخصصات الأمنية.

الانضمام إلى الإنتربول الدولي عام 2017، مما وفر منصة للتعاون الأمني الدولي رغم القيود السياسية.

الشرطة والشراكة المجتمعية

عملت الشرطة الفلسطينية على ترسيخ مبدأ أن الأمن مسؤولية مجتمعية مشتركة، وسعت إلى تطوير علاقاتها مع المجتمع المدني، البلديات، ومؤسسات التعليم، من أجل تعزيز الوقاية من الجريمة وتقديم الخدمات الإنسانية، خاصة في أوقات الأزمات، مثل جائحة كورونا، والكوارث الطبيعية، وحالات الطوارئ الناجمة عن عدوان الاحتلال.

بين مطرقة الاحتلال وسندان التحديات الداخلية

لا يمكن الحديث عن أداء الشرطة الفلسطينية دون الإشارة إلى دور الاحتلال في تقويض جهودها، إذ ما تزال إسرائيل تحتفظ بالسيطرة الأمنية على أكثر من 60٪ من الضفة الغربية (المناطق المصنفة "ج")، ما يعطل جهود الشرطة في فرض النظام في العديد من المناطق، ويفتح المجال أمام انتشار ظواهر مثل الفوضى الأمنية والسلاح غير المشروع.

كما أن الانقسام الداخلي ألقى بظلاله على أداء الأجهزة الأمنية، حيث ما تزال الشرطة في غزة تعمل ضمن بنية أمنية منفصلة عن الضفة، ما يعيق تكامل العمل الأمني الفلسطيني.

تكريم وتحية لشهداء الشرطة الفلسطينية

في هذه الذكرى، لا بد من استذكار شهداء الشرطة الفلسطينية الذين ارتقوا وهم يدافعون عن أمن المواطن الفلسطيني، سواء في التصدي للجريمة أو خلال العدوانات الإسرائيلية المتكررة، حيث كان عناصر الشرطة جزءاً من نسيج الصمود الوطني.

ختاماً... نظرة نحو المستقبل

في عيدها الحادي والثلاثين، تقف الشرطة الفلسطينية أمام مفترق طرق:

مواصلة بناء مؤسسة أمنية عصرية تحترم القانون وحقوق الإنسان.

مواجهة تحديات الاحتلال والانقسام والضغط الاقتصادي.

تطوير التعاون مع المؤسسات الدولية، رغم محاولات الاحتلال عزل الفلسطينيين أمنياً وسياسياً.

إن بناء جهاز أمني فلسطيني قوي وفاعل ليس خياراً، بل ضرورة وطنية من أجل حماية النسيج المجتمعي الفلسطيني، وترسيخ سيادة القانون، وصولاً إلى حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة.

كل التحية والاحترام والتقدير لقيادة وكوادر وأفراد الشرطة الفلسطينية في عيدها الواحد والثلاثون لما يبذلونه من مجهود لأمن واستقرار الوطن وأمن المواطنين رغم تعقيدات ومصاعب ما تواجهه الشرطة من معيقات الاحتلال.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة