تلفزيون نابلس
كوكا كولا
مؤتمر نيويورك بشأن فلسطين في حزيران المقبل: خطوة نحو تجسيد حل الدولتين أم مبادرة رمزية؟
5/30/2025 1:19:00 AM

المحامي علي بحبله

تستعد المدينة الأمريكية نيويورك لاحتضان مؤتمر دولي مهم حول القضية الفلسطينية، من المقرر عقده بين 17 و20 حزيران/يونيو 2025، بمبادرة فرنسية-سعودية مشتركة. يأتي هذا المؤتمر في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الضغوط الدولية لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المستمر منذ عقود، ويمثل محاولة جديدة لإعادة إحياء حل الدولتين كخيار واقعي وعادل.

وقد أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، يمثل "فرصة حاسمة يجب أن نغتنمها لرسم مسار لا رجعة فيه نحو تطبيق حل الدولتين"، مؤكدا على ضرورة نجاحه.

جاء ذلك خلال اجتماع تحضيري للمؤتمر عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة، في نيويورك.

وأكد رئيس الجمعية العامة فيلمون يانغ، على الأهمية القصوى لهذا المؤتمر، مشيدا بجهود المملكة العربية السعودية وفرنسا بوصفهما رئيسين مشاركين للمؤتمر الدولي المقرر عقده في الفترة من 17- 20 حزيران/يونيو المقبل.

وأضاف يانغ: "لا يمكن حل هذا الصراع من خلال الحرب الدائمة، ولا من خلال الاحتلال أو الضم اللانهائي. سينتهي هذا الصراع فقط عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنبا إلى جنب في دولتيهما المستقلتين وذات السيادة، في سلام وأمن وكرامة".

وذكّر المسؤول الأممي بمرور سبعة عقود منذ أن دعت الجمعية العامة لأول مرة إلى حل الدولتين. ومنذ ذلك الحين، أعادت الجمعية تأكيد دعمها الثابت لهذه الرؤية من خلال العديد من القرارات.

واختتم حديثه بالقول: "تقع على عاتقنا الآن مسؤولية جماعية للعمل بحزم وتنفيذ هذه القرارات بالفعل. إنها مسؤوليتنا الآن لدعم القانون الدولي، واحترام مبادئ مـيثاق الأمم المتحدة. يجب علينا استعادة الثقة في الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وفي التزاماتنا تجاه شعبي فلسطين وإسرائيل".

ويركّز المؤتمر على مجموعة من الأهداف السياسية والدبلوماسية التي يُنتظر أن تُحدث فارقًا في مسار القضية الفلسطينية، وفي مقدّمتها:

1. الاعتراف الدولي بدولة فلسطين

تسعى الدول الراعية للمؤتمر، وعلى رأسها فرنسا، إلى تعزيز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وهي خطوة قد تمهد لمزيد من الدعم السياسي والاقتصادي للفلسطينيين، وتضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات.

2. تنفيذ قرارات الأمم المتحدة

يهدف المؤتمر إلى التذكير بقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والدفع باتجاه تطبيقها فعليًا، خصوصًا تلك التي تؤكد ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967

3. تعزيز الدعم الاقتصادي والمؤسساتي

من المقرر أن يناقش المؤتمر سبل دعم السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، بالإضافة إلى توفير تمويل مستدام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في ظل الأزمات المتكررة التي تواجهها.

4. التوازن في ضمان حقوق جميع الأطراف

رغم التركيز على الحقوق الفلسطينية، يسعى المؤتمر أيضًا إلى طمأنة إسرائيل عبر تأكيده على ضرورة توفير ضمانات أمنية تضمن "حقها في العيش بسلام داخل حدود آمنة"، في إطار حل شامل لا يُقصي طرفًا لصالح آخر.

وقد أبدى الرئيس إيمانويل ماكرون استعداد باريس للاعتراف بدولة فلسطين في حال لم تُحقق نتائج ملموسة خلال المؤتمر. وأوضح أن الاعتراف لن يكون "خطوة رمزية"، بل جزءًا من إستراتيجية متكاملة لإعادة إحياء عملية السلام.

وأبدت المملكة المتحدة: عن انفتاحها على الاعتراف بدولة فلسطين، لكنها شدّدت على أهمية أن يكون ذلك ضمن إطار تفاوضي أوسع، ما يعكس تردد بعض الدول الغربية في اتخاذ خطوات منفردة قد تُفسّر كتحيّز لأحد الطرفين.

على الجانب الآخر: ترفض الحكومة الإسرائيلية بشدة فكرة الاعتراف الأحادي بدولة فلسطين، معتبرة أن ذلك يُضعف موقفها التفاوضي، ويشجع "الطرف الآخر" على التمسك بمطالب لا تقبل بها إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بحق العودة وحدود 1967.

ورغم أهمية المؤتمر والنية الصادقة وراء عقده إلا أن نجاحه يواجه جملة من التحديات تتطلب

 

إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي: لان في استمرار الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة يضعف الموقف الفلسطيني في أي مفاوضات، وهذا يتطلب إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية ووحدة التمثيل الفلسطيني والالتفاف حول الشرعية الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني

أما بخصوص الاستيطان الإسرائيلي حيث لا تزال وتيرة بناء المستوطنات في الضفة الغربية تتسارع، مما يعرقل الجهود الرامية إلى إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة جغرافيًا ومتواصلة إقليميًا.

هناك تباين في المواقف الدولية نتيجة عدم وجود توافق دولي شامل حول كيفية تنفيذ حل الدولتين ومن شأن هذا التباين يُضعف قدرة المؤتمر على فرض أي مخرجات ملزمة أو مؤثرة على الأرض.

وبحقيقة القول يُنظر إلى مؤتمر نيويورك بوصفه فرصة دبلوماسية مهمة لإعادة وضع القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام الدولي، بعد سنوات من التهميش والتعثر السياسي. إلا أن نتائجه ستظل مرهونة بإرادة الأطراف المعنية وقدرتها على تجاوز العقبات السياسية والتاريخية.

وإذا نجح المؤتمر في بلورة خريطة طريق واضحة، مدعومة بإجماع دولي، فقد يشكل نقطة تحول فعلية نحو إنهاء الصراع. أما إذا اقتصر على بيانات دعم وشعارات عامة، فسيكون مجرد محطة رمزية أخرى في مسار طويل من المحاولات غير المكتملة.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة