تلفزيون نابلس
كوكا كولا
ودعاً حمزة
12/31/2025 3:39:00 PM

كتبت عزة جبر: حمزةُ ابنُ البلاد لا يُعرَّف إلا بها، ولا تُنادى إلا باسمه حين يُذكَر متجذِّرٌ فيها كقمحٍ يعرف مواسمه، حفظ الوطن كما تُحفَظ التفاصيل الصغيرة التي لا يراها العابرون: حجارةٌ داستها أقدام القرون، ترابٌ اختلط بالعرق والدم والدعاء، أزقّةٌ تعرف خطاه كما تعرف أسماء ساكنيها، وتاريخٌ لم يكن عنده سردًا، بل حياةً تُروى كي لا تموت.

 كان الزيّ التراثي الفلسطيني لغته الأخرى، يرتديه كهويةٍ معلَنة، وكوصيّةٍ مفتوحة للأجيال: نحن هنا، لا صدفةً ولا طارئين، بل امتدادٌ طبيعيّ لما كان وما سيكون.

رحل حمزة، ولا تزال الكلمة ثقيلةً على اللسان، رحيلٌ أبديّ، يترك فراغًا لا يُملأ، وصمتًا أعلى من الكلام. ما زال لديه الكثير ليقوله، وما زالت البلاد بحاجةٍ لمن يجوبها حاملًا حكاياتها من فمٍ إلى فم، ومن ذاكرةٍ إلى ذاكرة.

 كانت البلاد حنونةً معه حتى النهاية، لم تُرِد للأرض أن تشهد غيابه الأخير، فتركت للماء أن يتكفّل بالوداع، هناك، في نهر النيل، انفلتت روحه بهدوء، كمن يسلّم نفسه لحكايةٍ أكبر.

حمزة العقرباوي، الحكواتي الفلسطيني، وباحث التراث، لم يغادرنا تمامًا هو الآن جزءٌ من السرد، اسمٌ يُقال فتنهض البلاد، وحكايةٌ كلّما رُويت أعادتنا خطوةً أقرب إلى أنفسنا


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة