تلفزيون نابلس
كوكا كولا
الواقع الاقتصادي في نابلس بين الانكماش والتعافي البطيء
12/24/2025 11:46:00 AM

نابلس- إباء أمجد السقا  - خاص تلفزيون نابلس - يشهد الاقتصاد في مدينة نابلس تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، متأثرا بالكثير من العوامل السياسية والأمنية والاقتصادية، التي انعكست بشكل مباشر على الحركة التجارية ومستوى الدخل وفرص العمل. وتأتي الحواجز العسكرية، والقيود المفروضة على الحركة، إلى جانب الأزمات المتلاحقة من جائحة كورونا وصولاً إلى الحرب على قطاع غزة، كأبرز أسباب حالة الركود والانكماش التي تعيشها المدينة، في وقت تبذل فيه الجهات الاقتصادية جهوداً حثيثة لإعادة تنشيط الأسواق وتحقيق تعافٍ تدريجي.

وفي هذا السياق، قال المتحدث الرسمي باسم غرفة التجارة والصناعة لمدينة نابلس، الأستاذ ياسين دويكات، إن المدينة مرت بثلاث مراحل اقتصادية رئيسية قبل الحرب وخلالها وبعدها، موضحا أن الوضع الاقتصادي قبل الحرب كان جيدا نسبيا، خاصة خلال عامي 2018 و2019، نتيجة سهولة الحركة عبر الحواجز واعتماد المدينة على المتسوقين من خارجها وعرب الداخل.

وأضاف دويكات أن جائحة كورونا شكّلت نقطة تحول سلبية، بسبب الإغلاقات الرسمية التي أثرت على مختلف القطاعات، مشيراً إلى أن مرحلة التعافي التي تلت الجائحة لم تكتمل بسبب الظروف السياسية والأمنية المتصاعدة، وصولا إلى الحرب على قطاع غزة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023  .

وأوضح أن نابلس كانت من أكثر المحافظات تأثرا، نتيجة الحصار المشدد والحواجز والبوابات الحديدية على مداخل القرى المحيطة بها، لافتا إلى أن عدد زوار المدينة تراجع من نحو 120 ألف زائر قبل الحرب إلى قرابة 20 ألفًا بعدها، ما أدى إلى تراجع حاد في الحركة التجارية.

وبيّن أن نسبة الانكماش الاقتصادي وصلت إلى 29%، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى نحو 35%، مؤكدا أن منع عمال الضفة من العمل في داخل الخط الأخضر حرم السوق الفلسطينية من نحو مليار و500 مليون شيكل شهريا، إضافة إلى احتجاز أموال المقاصة، ما أثر على قدرة السلطة الفلسطينية على دفع رواتب أكثر من 160 ألف موظف بشكل كامل.

وأشار دويكات إلى أن المدينة دخلت مرحلة تعافٍ بطيئة بعد توقف الحرب في غزة، موضحاً أن الغرفة التجارية تعمل بالتعاون مع غرف عربية وأجنبية لفتح أسواق خارجية للمنتجات الفلسطينية، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجه الاستيراد والتصدير في ظل القيود المفروضة من الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد أن الهدف في المرحلة الحالية هو إنعاش اقتصاد نابلس عبر زيادة عدد الزوار وتنشيط الحركة التجارية، من خلال مبادرات أبرزها "يلا على نابلس"، إلى جانب التحسن النسبي في دخول عرب الداخل، رغم أن هذه الجهود لا يمكن أن تعالج الأزمة بشكل جذري في ظل استمرار الاحتلال.

وشدد دويكات على أن بضائع المستوطنات محظورة قانونيا، وأن الجهات الرقابية المختصة تتابع الأسواق بشكل مستمر، مؤكدا أن دعم المنتج المحلي يشكل أولوية، في ظل وصول نسبة المنتجات الفلسطينية في السوق إلى نحو 95%، مقابل 5% فقط من المنتجات الإسرائيلية والمستوردة.

وختم بالقول إن التعافي الحقيقي للاقتصاد الفلسطيني مرتبط بالحلول السياسية، وعلى رأسها رفع الحواجز، والإفراج عن أموال المقاصة، وإعادة العمال إلى داخل الخط الأخضر، معتبرا أن عام 2026 قد يشكل بداية لتعافٍ اقتصادي فعلي في حال تحققت هذه الشروط، بالتزامن مع تنظيم فعاليات اقتصادية كبرى، من بينها مهرجان التسوق "إكسبو 2".

وفي ظل هذا الواقع الاقتصادي المعقّد، تبقى مدينة نابلس أمام تحديات كبيرة تتجاوز الجانب الاقتصادي لتلامس البعد السياسي والأمني، ما يجعل أي تحسّن حقيقي مرهوناً وبتغير الظروف العامة ورفع القيود المفروضة على الحركة والتجارة. وبين محاولات التعافي المحدودة والمبادرات المحلية لتنشيط الأسواق، يستمر الاقتصاد في المدينة بالسير بخطى بطيئة نحو الاستقرار، بانتظار حلول شاملة قادرة على كسر حالة الركود وإعادة الحيوية للحياة الاقتصادية في المحافظة.

 

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة